عبد العزيز الخليفة
لا يكاد يوم يمضي خلال الأيام الفائتة إلا ويخرج مسؤول أمريكي ليعبر عن قلق بلاده من التدخل الروسي الواضح في سوريا لصالح نظام الأسد؛ روسيا لم تخفِ هذا الدعم ولم تنفه، حيث اعترف وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن رحلات بلاده الجوية إلى سوريا، التي طالما قالت روسيا إنها إنسانية، تحمل اليوم عتاداً عسكريا للنظام الأسد.
جون كيري عبّر عن قلق إدارة أوباما حيال الرحلات الجوية في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي لافروف، وحاولت واشنطن الحد من هذه الرحلات عن طريق الطلب من اليونان وبلغاريا، عدم السماح لها في استعمال مجالها الجوي من قبل الطائرات الروسية، الأمر الذي وصفته موسكو بالفظاظة الدولية.
التصريحات الأمريكية التي تعبر عن القلق، قابلها تعنت روسي، وتمسك بدعم نظام الأسد، بحجة مكافحة "الإرهاب".
ودعت واشنطن صراحة روسيا للدخول في تحالفها الستيني ضد تنظيم "الدولة"، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إن إدارته، ستواصل القول لروسيا بأنها لن تستطيع الاستمرار في استراتيجية مصيرها الفشل.
ويصمّ الرئيس الروسي فلاديمر بوتين أذنيه عن قلق أوباما، كما صمها قبل عن القلق الأممي، الذي طالما طارد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ولسان حاله يقول كما قال الديكتاتور الروسي ستالين عندما أخبروه إن البابا قلق من الاضطهاد الديني الذي يمارسه، فأجاب: كم كتيبة يملك البابا!
ويبدو أن واشنطن وبعد توصلها لتسوية مع إيران في تموز/ يوليو الماضي، حول برنامجها النووي، وجدت أن التباحث حول سوريا بين الطرفين قد حان، كون أن طهران الطرف الأقوى على الأرض، فهي التي خاضت مفاوضات الزبداني مع حركة أحرار الشام، وهذا ما يدل على قوة موقفها على الأرض.
خشية موسكو من الاتفاق النووي بين الغرب وطهران والتقارب حول أي حل مستقبلي بخصوص سوريا، جعل موسكو تفكر بمصالحها الاستراتيجية على المياه الدافئة، فمن ناحية ربما يمهد اتفاق طهران مع الغرب لتسوية قد تبعد موسكو عن المتوسط، بعد أن حصدت إيران جل الكعكة، ومن ناحية ثانية قد تفقد أهم وجهة لتصدير سلاحها المهترئ الذي يستهلكه بشار في قتل السوريين.
نظام الأسد وكعادته يستمر في إنكار الواقع، حيث اعتبر وزير الإعلام في حكومة نظام الأسد عمران الزعبي أن هذه الأخبار دعاية من المخابرات الغربية والعربية، للتأثير على سمعة "الجيش"، والإيحاء أنه منهار.
كل هذه التطورات حول الدور الروسي الصاعد في سوريا، تفتح تساؤلات "هل معارك ريف دمشق، التي بدأت أمس وسيطر فيها الثوار، على عدة مواقع للنظام فيها، هي جزء من التصعيد من الحلف المنهاض لروسيا والداعم لكتائب ثورية بعينها، وهل يمكن اعتبار التدخل الروسي المرحلة الأخيرة من عمر هذا النظام من أجل الحفاظ على مصالح موسكو على سواحل المتوسط؟ أم يمكن اعتباره جزء من مخططات التقسيم بعد أن بلغ عجز الأسد عن مقاومة الثوار أعلى درجاته خاصة بعد اقترابهم من الساحل السوري؟