بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
فرضت ظروف الحرب على أغلب العائلات في سوريا، عائدات يومية بعدما كانت عائدات فقط في مواسم الأعياد، منهم نبات "الآس" الذي يزرع على المقابر.
وصبيحة كل عيد اعتاد الدمشقيون على زيارة قبور أحبابهم، وارتبطت الزيارة بوضع باقة من "اﻵس" الذي يُشترى قبل يومٍ واحد، ويؤكد الأهالي، أنّ "اﻵس" لم يكن ينتشر إﻻ في العيدين "عيد الفطر، وعيد اﻷضحى"، لكنه اليوم انتشر أمام المقابر، مع كثرة زيارة الناس لها، نتيجةً لما تسببت به حرب النظام، من زيادة عدد الموتى والشهداء.
ويمتهن اليوم ما يمكن وصفه بـ"تجارة اﻵس"، شبابٌ أو نسوةٌ معظمهم من "الفقراء" الذين يفترشون بسطاتهم على باب المقابر، للحصول على مبلغٍ زهيد مقابل ربطةٍ من تلك النبتة التي توضع أو تزرع فوق القبور.
ويعتقد "فارس الحمصي" موظف، من أبناء دمشق، أن زهرة اﻵس، تحولت من غرسة ذات دلالة روحية إلى تجارة متفردة بحد ذاتها.
وأضاف، أن شراء اﻵس، كان مناسبة لا تتكرر في العام إلا مرتين، أمّا اليوم فلا يجد المشتري حرجا، أن يدفع 1000 ل.س ثمن باقة لغرسها على قبر من يحب.
وحظيت نبتة "الآس" بمكانة ورمزية روحية لدى السوريين، حيث تحولت إلى طقس شعبي، يمارسه الناس، أول أيام العيد، بوضع أو زرع "نبتة اﻵس" فوق القبور كرمز أو معتقدٍ يشير إلى "الرحمة".
ويعتبر أفضل أنواع اﻵس، تلك التي تشترى من الأراضي الواقعة على حدود محافظتي حمص وطرطوس كمشتى الحلو وصافيتا والدريكيش.
كما أن "اﻵس" حمل مدلولاتٍ وموروثا شعبيا، لدى معظم السوريين، فأبناء الشام اعتادوا على سماع الجدات واﻷمهات يرددن عبارة "تشكل آسي" كرمزٍ للحب الشديد، من المتكلم للمخاطب، ومعنى العبارة "كناية عن الرغبة في الموت قبل الحبيب".
وليست دمشق وحدها من حملت ذلك الموروث، ففي باقي المحافظات السورية، كناياتٌ تستخدم فيها تلك الزهرة، كما هو الحال في محافظة حمص، التي يردد نسوتها ورجالها القدماء عبارة "الجبانة (المقبرة) بلا آس ما بتنداس".
وبينما يعتقد الرومان، وهم من الشعوب التي قدست "اﻵس"، أنها ترمز إلى "النصر"، ارتبطت لدى السوريين بالموت والمقابر، وبقيت حتى اليوم ضمن ذلك اﻹطار.
ويجمع أبناء دمشق أن على أبواب المقابر بات "اﻵس" تجارة الفقراء في مناطق النظام، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي ارتبط حتى الرزق فيها بـ "الموت".
