بلدي نيوز – (صالح أبو إسماعيل)
استعاد الثوار في الأيام الماضية زمام المبادرة في ريف حلب الجنوبي وجبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية الشمالي وتقدّموا فيهما، حيث تعتبر المنطقتان شديدتا الأهمية في الصراع مع قوات النظام، وفسّر خبراء عسكريون بأن العامل الأهم في هذا التقدّم هو غياب الطيران الروسي أو بعبارة أدق تخفيف الغارات الجوية الروسية، فهل بدأت روسيا بالتخلي عن الأسد فعلاً أم أنها تريد الضغط عليه كي يبقى تحت السيطرة.
وشهدت الأسابيع الماضية تقّدماً للثوار في ريف حلب الجنوبي، حيث حرر الثوار عدة قرى ومواقع مهمة تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الشيعية المساندة له والتي تكبّدت خسائر فادحة، وظهر بشكل واضح جداً غياب الطيران الروسي الذي خفف من غاراته الجوية أثناء المعركة الأمر الذي أدى إلى قلب موازين القوى وتفوق الثوار في تلك المعركة.
السيناريو ذاته تكرر في ريف اللاذقية بعد إعلان الثوار لمعركة اليرموك في جبلي التركمان والأكراد، حيث لوحظ غياب الطيران الروسي أثناء سير المعركة على غير عادته في كل معركة يشنها الثوار أو هجوم لقوات النظام هناك منذ بدء التدخل الروسي في أيلول/سبتمبر من العام 2015م، فحرر الثوار مواقع ونقاطا مهمة في التركمان والأكراد.
واعتبر عبد المعين المصري، وهو قيادي في "جيش النصر"، أن غياب الطيران بمثابة رسالة واضحة من روسيا بأنها قبلت بالحل السياسي الذي لا بديل عنه ولتظهر للعالم أن بشار الأسد مجرد موظف تتحكم به كيفما تشاء، وللعلم بشار الأسد نفسه موافق على الحل لكن إيران هي من ترفض كل ذلك ومصرة على الحسم العسكري التي تعجز عنه، وفق ما قاله القيادي لبلدي نيوز.
وتركت زيارة وزير الدفاع الروسي لبشار الأسد في مطار حميميم تساؤلات عدة وخاصة أن وسائل إعلام النظام تحدثت عنها على أنها زيارة رسمية وتجاهلت ذكر مكان استقباله، في حين نشرت قناة "روسيا اليوم" تسجيلا مصورا أظهر "بشار الأسد" متفاجئاً عندما دخل عليه الوزير بمكان لا يعتبر رسمياً، أمر آخر لفت النظر في هذه الزيارة وهو وجود بشار الأسد منفرداً بصحبة الوزير والمترجم على طاولة بدت وكأنها طاولة استجواب، ظهر بشار الأسد وكأنه استدعي لتلقى التعليمات من سيده فأي رسالة أرادت روسيا توجيهها للعالم ولبشار الأسد في هذه الزيارة وما علاقتها بتخفيف الغارات الجوية في أهم منطقتين وهما ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية؟
ويرى زهير حربا، وهو قائد عسكري في فيلق الشام، أن ما يحصل في ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية وتخفيف الضربات الروسية أثناء تقدّم الثوار، مراوغة سياسية من أجل ظهور روسيا بموقف إنساني تجاه المعارضة السورية والشعب السوري الذي وضع روسيا على قائمة الأعداء، ومن جهة ثانية موقف روسيا أمام تركية واللذين اعتذرا لبعضهما، حيث أن روسيا تريد إظهار أنها مع الهدنة ومع عدم حصار حلب.
وأضاف في حديث لبلدي نيوز "لا يمكن لروسيا أن توقف عملياتها الجوية إلا في حال اتفاق أمريكي روسي، حيث أنها سوف تصعد من عملياتها في الأيام المقبلة وغير مهتمة لما حصل بينها وبين تركيا".
من جانبه المقدم ياسر الجاسم، القيادي في الفرقة الوسطى، قال في حديث بلدي نيوز: "الرسالة الأولى التي أراد الروس توجيهها هي لذنب الكلب أنت لم تعد تستطيع أن تحمي حي المهاجرين بدون التغطية الجوية الروسية، وبدون الدعم الروسي لذلك نراه يأتي صاغراً ذليلا لمقابلة وزير الدفاع الروسي، أما الرسالة الثانية للمجتمع الدولي أن الحل في سوريا بيد روسيا وهي صاحبة الكلمة الفصل في الملف السوري وعلى المجتمع الدولي محاورة القيادة الروسية في أي أمر يخص الملف السوري، وأن بشار الاسد لم يعد له أي قرار في سوريا وأصبح دمية بيد الروس وبنفس الوقت هذا دليل على قيام روسيا بإضعاف دور إيران في سوريا".
يذكر أن الثوار حققوا تقدّماً كبيراً منتصف العام 2015م إلا أن روسيا وعبر طيرانها قلبت موازين القوى بتدخلها جويّاً في 30 أيلول من العام 2015، واستطاعت قوات النظام بعدها السيطرة على معظم جبلي الأكراد والتركمان، كما سيطرت مدعومة بالميليشيات الشيعية تحت الغطاء الجوي الروسي على ريف حلب الجنوبي.