بلدي نيوز – القنيطرة (موسى الأحمد)
عرفت سوريا على مر العصور بحضارتها العريقة وآثارها الخالدة التي تروي لنا بحجارتها المعتقة وقلاعها الصامدة أمجاد أجدادنا وتاريخهم الحافل، إلا أن قيمتها النفيسة التي لا تقدر بثمن وما تعنيه للسوريين من هوية وتراث تغنوا به دائماً، لم تحمها من أن تكون عرضة للقصف والنهب والدمار على أيدي مجرمي الحرب.
فبعد مرور أعوام على الثورة تزايدت في ريف القنيطرة المحرر خاصة وفي المنطقة الجنوبية (درعا-القنيطرة) عامة، ظاهرة التنقيب على الآثار، ولاسيما بعد التوقف الملحوظ للنشاط التجاري في الريف المحرر، واستهداف النظام للمحلات التجارية كنوع من الحصار الاقتصادي الذي فرضه على الأهالي القاطنين في هذه المناطق، ونتيجة لارتفاع نسبة العاطلين عن العمل أصبحت مهنة أبناء القنيطرة التنقيب عن الآثار، وذهابهم إلى الأماكن الأثرية والبحث عن القبور القديمة، لربما يعثرون على كنز أو إيجاد ما يلبي احتياجاتهم لعدة أيام.
تلك الفئة اتخذت من باطن الأرض مصدرا لتأمين قوتها, فمنهم من كان يعمل لدى الدوائر الحكومية وترك عمله أو تم فصله، ومنهم من كان يعمل في صنعة يؤمن دخلاً موقتاً، وأمور كثيرة دفعتهم للتنقيب والبحث عن الأماكن الأثرية، والبحث في باطن الأرض بعدما انقطع رزقهم على سطحها.
وفي حديث مع بلدي نيوز، يقول "سليمان العيسى" مدير دائرة الآثار التابعة للحكومة المؤقتة في مدينة بصرى: "إن ظاهرة التنقيب أو ما تسمى بالحفريات السرية في الأماكن الأثرية، انتشرت مؤخراً في معظم مناطق ريف درعا، بحثا عن اللقى الأثرية الثمينة ذات القيمة المادية الكبيرة كالذهب والتماثيل، ففي الآونة الأخيرة ونتيجة لهمجية النظام واستهدافه لبيوت المدنيين وأماكن رزقهم، أسفر هذا الأمر عن وجود نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل. تلك الفئة أصبح مقصدها الأماكن الأثرية، والقيام بعمليات التنقيب علّها تؤمن لقمة العيش في ظل الحصار والحرب والانهيار الاقتصادي الذي أصاب سوريا".
ومن جهته قال "بشير النميري" قائد اللواء الرابع مشاة في جبهة ثوار سوريا التي تحاول حماية الآثار: "هنالك محاولات من قبل بعض الأشخاص لتخريب المعالم الأثرية للمدينة، ولهذا تمّ فرز كتيبة من جبهة ثوار سوريا، تقوم على حماية المعالم الأثرية من التخريب، كما أنه تم إصدار قرار من دائرة الآثار للحد من ظاهرة التنقيب، وذلك بمنع الحفريات السرية في المواقع الأثرية"، لافتاً إلى أنّه "يتم الآن تسيير دوريات للهدف نفسه، وأنّه لم يتم فرض عقوبات على مثل هذه الحالات، وإنما يتم التعهد بعدم تكرار الحفريات السرية في الأماكن الأثرية".