بلدي نيوز - إدلب (محمد خضير)
تمر اليوم الذكرى السادسة على تحرير مدينة "إدلب" من قوات النظام، بعد معارك استمرت ثلاثة أيام متواصلة، وبعد ست سنوات باتت المكان الذي يضم ملايين السورين الفارين من مختلف المحافظات السورية التي سيطر عليها النظام بعد أن خرجت عن سيطرته في السنوات الأولى من عمر الثورة.
يقول مركز "جسور" للدراسات، "في الواقع لم تستطع فصائل المعارضة السورية الحفاظ على مواقعها العسكرية أو الاستفادة من الأهمية الحيوية لمحافظة إدلب، إذ سرعان ما تفكك جيش الفتح في نهاية عام 2015، وأخفقت جميع المحاولات اللاحقة لترميمه أو إيجاد بديل له، مما أضعف القدرة على مواجهة الحملة العسكرية بشكل فعّال على مدينة حلب في عام 2016".
وبحسب تقرير مكثف للمركز، "منذ سقوط مدينة حلب باتت مدينة إدلب ومحيطها واحدة -ومن ثم آخر- منطقة خفض تصعيد في سورية. وقد أخّر ومن ثم حال تدخّل تركيا من استعادة النظام السوري بدعم من حلفائه السيطرة على المدينة بين عامي 2018 و2020، بعدما شنّ أكثر من 5 حملات عسكرية واسعة النطاق".
وخلال 6 سنوات خضعت "جبهة النصرة" لجملة من التحوّلات في الهيكلية والأفكار نتيجة الضرورة لا الرغبة، بعدما بات البقاء بالنسبة لها مرتبطا بإعادة تعريف نفسها من بين الفصائل المحلية ذات البعد الإسلامي، ومع ذلك، بذلت جهداً كبيراً للسيطرة على كامل مفاصل المحافظة، وهو ما تحقّق على حساب باقي فصائل المعارضة، بحسب المصدر ذاته.
ويشير المركز إلى تراجع هامش استقلال القرار لدى فصائل المعارضة وحتى "هيئة تحرير الشام" التي باتت أكثر ارتباطاً بالتفاهمات الدولية التي أصبح مستقبل إدلب يرتبط بها أكثر من أي عوامل أخرى محلية.
ومع أنّ مستقبل إدلب أصبح مرهونا بالدرجة الأولى بحفاظ روسيا وتركيا على نظام وقف إطلاق النار، الذي بمجرّد انهياره قد تعيد العمليات العسكرية رسم خارطة السيطرة من جديد لصالح أحد الطرفين، لكن ما تزال لدى فصائل المعارضة فرصة لتحويل هذه المنطقة إلى منطقة آمنة تؤسس لتهدئة مستدامة، وهذا يحتاج إلى مزيد من التنسيق فيما بينها عسكرياً وسياسياً وكذلك مع تركيا، كما يشير المركز.
ويقول الصحفي "عمر حاج أحمد" لبلدي نيوز، "بعد ستة أعوام من تحرير مدينة إدلب، لم تتمكن الفصائل التي حررتها من المحافظة على المكتسبات التي حققتها بداية من تحرير مدينة إدلب وانتهاء بتحرير باقي مناطق المحافظة، وأنتهى المطاف بتفكيك "جيش الفتح" وعدة فصائل كانت مشاركة آنذاك دون وجود البديل الكافي الذي يمكنه استكمال تحرير باقي المناطق التي هي خارج محافظة ادلب كحماة وحلب والساحل حينها".
وأردف قائلا: "إضافة لذلك انشغلت تلك الفصائل بمشاريعها الخاصة، فلكل فصيل باتت هناك دولته ومنطقته التي يحاول بسط حكمه عليها، وهذا ما أضعف فكرة تمدد السيطرة على حساب نظام الأسد، واقتصر تمدد السيطرة على حساب منطقة كل فصيل على حساب الفصيل الآخر".
واستطرد: "جاء بعد ذلك أستانا ومؤتمراتها التي سمحت للدول الضامنة بتمرير أجنداتها ومعاركها السياسية على حساب المنطقة الجغرافية التي تُسيطر عليها فصائل الثورة، حتى أنهم أخضعوا تلك الفصائل لمقرراتهم ولخططهم وما عليها إلا التنفيذ علنا أو سرا، وهذا جعل المناطق السورية المحررة تنهار منطقة تلو الأخرى حتى بتنا في منطقة جغرافية ذات أكبر كثافة سكانية بالعالم تقريبا".
ولفت إلى أنه خلال هذه السنوات خضعت الفصائل الإسلامية لتطورات فكرية وحزبية وسياسية، فتخلّت عن الكثير من أهدافها، وهذا له جوانب إيجابية وجوانب سلبية، خاصة وأن هذه التغييرات جاءت متأخرة جداً، ولكن الغاية هو تحسين الصورة لها دوليا وإقليميا وربما محلياً، وفرض السيطرة على إدلب وإدارتها كما يُريدون".
ويرى أن إعادة روح الثورة من جديد مؤخرا ومراجعة البعض لسياساته وأفكاره، يعطي فرصة لاستعادة مما فقد من قرارات ورؤية، بالإضافة إلى إمكانية أن تكون طرفا يستغل مصالح الدول الأخرى ويستخدمها لصالح المعارضة،، ويضيف "تركيا حليف لا بدّ منه وتقاطعت مصالحه مع مصالحنا، فعلينا أن نكون طرفاً بتلك المصالح لصالح الثورة والشعب، لا أن نكون جهة منفذة لمصالح الغير، وبذلك نُعيد الامل بمستقبل ادلب وسوريا مستقبلا".