بلدي نيوز
قالت مسؤولة في منظمة فرنسية تعمل على الحدود السورية منذ عام 2012 أن إعادة إعمار سوريا ستستغرق أجيالا عدة.
وأضافت "لوسيل بابون"، من منظمة "هانيدكاب إنترناشونال" التي تنشط على الحدود السورية ولكن توقف نشاطها منذ عام 2016، أن حالة الطوارئ لم تتوقف في سوريا منذ بدء الحرب قبل عشر سنوات.
وتهتم المنظمة الفرنسية بأكثر من 1,8 مليون لاجئ سوري في لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا، ولكن المنظمة خرجت من الحدود السورية عام 2016.
وقالت "بابون" بحديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن في بعض المراحل كنا مذهولين إزاء مستوى العنف وتخطي كل الخطوط الحمراء، ولم يتمكّن المجتمع الدولي من وقف مجاز النظام و90% من المصابين بأعمال القصف هم مدنيون.
وأضافت "لم تتوقف الأخطار يوما حتى في المراحل التي قيل فيها إن الأوضاع ستشهد بعض الاستقرار، حيث كانت تتجدد موجات النزوح وبالوضع الراهن الآن ربما تراجعت حدة أعمال القصف، لكنها لم تتوقف".
ونوهت "بابون"، أن على المجتمع الدولي عدم التضحية بالجيل الجديد على غرار ما حصل مع ذويهم، ويجب إرساء الاستقرار بالمنطقة.
وذكرت أنه لا يمكن عودة الأهالي بالوقت الحالي لانعدام فرص التطلّع إلى المستقبل بسبب الدمار الهائل اللاحق بالبلاد، إضافة لعدد المستشفيات والمراكز الصحية العاملة في البلاد أقل من خمسين بالمئة ونسبة دمار البنى التحتية 80%.
وأشارت إلى إن ما يميّز النزاع في سوريا عن غيره من النزاعات هو حجم الدمار الناجم عن استخدام أنواع عدة من العبوات الناسفة، وهو ما يجعل إزالة الألغام تقنيا عملية بالغة التعقيد، كما أن ماهية المناطق المدمّرة من حضرية ومناطق محيطة بها لا تزال تعقّد الأمور، حيث سُجّل 225 ألف استخدام للأسلحة المتفجرة بين عامي 2012 و2019 في حلب وإدلب وضواحي دمشق خصوصا.
وقالت "وفق خبراتنا نعتقد أن ما بين 10 و30% من الوسائل المستخدمة في عمليات القصف هذه لم تنفجر، ما يقود إلى مستوى غير مسبوق من المخلفات التفجيرية التي تُضاف إليها الألغام والعبوات يدوية الصنع".
ونوهت أن عمليات نزع الألغام وأعمال التنظيف وإعادة الإعمار ستستغرق أجيالا حيث أن البلاد الأن هي ساحة أنقاض، كما يجب مساعدة اللاجئين على البقاء لعقود قادمة في البلدان التي استقبلتهم.
وأضافت "نحن نعمل مع هذه الدول من أجل تعزيز خدماتها لكي تتمكن من استيعاب هذه المجموعات، ومع الأمم المتحدة لحثّها على فتح مجالات العمل، وعلينا أن نحافظ على وجود فاعل بانتظار أن تسمح الأوضاع باستشراف بدء إعادة الإعمار وعودة اللاجئين. البعض يقول إن الأزمة السورية انتهت لأنه لم يعد يُحكى عن القصف، لكن في الحقيقة الوضع صعب جدا والاحتياجات لا تزال هائلة".
وقالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية، أمس الأربعاء، إن النظام السوري استعاد السيطرة على أكثر من 70% من البلاد، بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية في السنوات الأخيرة، ولكن إعادة الإعمار وصلت إلى طريق مسدود بعد أن اقتربت فاتورتها من 400 مليار دولار، في وقت فقدت فيه البلاد ثلثي ناتجها المحلي الإجمالي.
وفي تقرير بقلم أود لاجونيا، أوضحت الصحيفة أن عقدا من الحرب دفع أكثر من نصف سكان سوريا إلى الفرار؛ فغادر 5.6 ملايين منهم البلاد، ونزح 6.2 ملايين عن ديارهم، حيث يعيش حوالي 2.9 مليون منهم في منطقة إدلب، وحوالي 2.6 مليون في المناطق التي تديرها القوات الكردية، ونحو 1.3 مليون في جيوب من الأراضي الواقعة على الحدود الشمالية المحاذية لتركيا.
ورغم توقف الحرب، فإن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لم تسجل بين أوائل عام 2016 وأواخر عام 2020 سوى 267 ألف عائد من اللجوء تقريبا، خاصة أن الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 جعلت حركة العودة تتوقف عام 2020، إلا ما كان من عودة 448 ألفا من النازحين داخليا، مقابل مغادرة ما يقارب المليونين.