بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
جددت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة موقفها الرافض لإشراك حزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة صالح مسلم، لهيئة التفاوض، وقال عضو الهيئة السياسية عقاب يحيى، إن اجتماعات بروكسل مع هيئة التنسيق لم تُغيّر موقف الائتلاف الواضح، الرافض لإشراك حزب الاتحاد الديمقراطي في وفد الهيئة العليا للمفاوضات.
وأكد أن هيئة التنسيق -المعارضة الداخلية التي تشارك بهيئة التفاوض- تشاطرهم الرأي إزاء إقصاء الحزب الكردي الانفصالي.
إلا أن "الإدارة الذاتية" الكردية، تواصل مساعيها عسكرياً وسياسياً، بعيداً عن أجواء المفاوضات المتعثرة، لترسخ حقيقة وجودها على الأرض ككيان مستقل، مدفوعة بدعم أمريكي، روسي، أوروبي، تجاوز الدعم السياسي ليدخل خانة المؤازرة العسكرية المباشرة.
فرض الفيدرالية على الأرض
وبينما ينشغل العالم بالحديث عن الحل السياسي وآفاقه المسدودة، تواصل "قوات سوريا الديمقراطية"، مدعومة بغطاء جوي دولي، التقدم في محيط منبج للسيطرة على المدينة الاستراتيجية وفرض أمر واقع على الأرض.
ولا تخفي الإدارة الكردية نيتها في ضم منبج إلى "فيدراليتها"، فقد قالت هدية يوسف، الرئيسة المشاركة للمجلس التأسيسي للنظام الفدرالي، "روج آفا"، إن الاتحاد الفيدرالي يسعى إلى ضم منطقة منبج للكيان المزمع، بعد "تحريرها" من تنظيم "الدولة"، مؤكدة أن إدارتها أجرت محادثات مشجعة مع المجلس المحلي للمدينة بهذا الشأن، فيما قال مسؤول بمجلس مدينة منبج إنهم يتوقعون طرح النظام الفيدرالي عليهم، لكنهم ليسوا مخولين للبت في هذا الأمر، وأضاف المسؤول الذي يعمل بالمكتب الإعلامي للمجلس، إن البت في مثل هذه المسائل يرجع إلى المجلس الموسع الذي سيتم تشكيله فيما بعد.
وقد فرضت القوات الكردية، بالاشتراك مع بعض القوى العشائرية العربية، سيطرتها على ثلاث مناطق صارت خاضعة لحكم ذاتي، وتشكل فيدرالية "روج آفا" أو غرب كردستان، وهي الجزيرة وعين العرب (كوباني) وعفرين.
وتطمح القوى الكردية وعلى رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي، إلى ضم منبج شرقي حلب، ومحافظة الرقة، إلى الفيدرالية، كما صرح علناً رئيس الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم.
دعم "أمريكي–روسي–أوروبي"
لا يستند مشروع "روج آفا" إلى فراغ، ولم يعد حلما كما كان طوال قرون، فقد رأت فيه دول مؤثرة في الملف السوري، حلاً ممكناً للخروج ولو جزئياً من المعضلة، فدعمته روسيا علناً، على الصعيدين السياسي والعسكري، فهي تروج لصالح مسلم كمعارض وشريك أساسي في أي حل مقترح، كما أنها الدولة الأولى التي افتتحت ممثلية –غير رسمية– للاتحاد الفيدرالي، وعلى الأرض تسهم بتوفير الأسلحة والعتاد والدعم اللوجستي للقوات الكردية المقاتلة.
وكذا فعلت الولايات المتحدة، إذ رأت في "قوات سوريا الديمقراطية" الشريك الأكثر تماسكاً وجدوى في محاربة "الإرهاب"، فاتخذتهم شريكاً أساسياً، وأمدتهم بمدربين ومستشارين عسكريين على الأرض، وغطاء جوي يوفر لهم إمكانية التقدم السريع نحو أراضي "الدولة".
وبعد الإحجام الطويل للأوربيين عن أي تدخل عسكري ممكن في سوريا، واكتفائهم بالتصريحات الكلامية ضد جرائم سفاح العصر، بشار الأسد، فوجئ السوريون بقوات فرنسية وبريطانية تعمل جنباً إلى جنب مع المقاتلين الأكراد، لكن بعيداً تماماً عن مناطق نفوذ وسلطة الأسد، فيما يبدو اشتراكاً بالرهان على إرساء كيان جديد يكون أول القطع الطافية من حطام سوريا القديمة.
إعلان الكيان في غضون ستة أشهر
يرافق العمل السياسي والعسكري، عمل مدني وقانوني، من شأنه أن يضع اللبنات الأساسية للكيان المزمع، حتى يخرج للوجود بشكل دولة علمانية مدنية دستورية ناجزة، من العلم إلى الدستور.
هذا ما أكدته هدية يوسف -التي قالت إن إدارتها خاطبت الدول المؤثرة ومجلس الأمن والوسيط الدولي دي مستورا، بشأن الفيدرالية- وأوضحت "نتوقع قبول هذا المشروع ونعمل على كسب الدعم الدولي والإقليمي والداخلي".
وقالت إن الدستور الذي سيعرف باسم "العقد الاجتماعي" أوشك على الاكتمال، وأي منطقة تود الانضمام للنظام الاتحادي سيتعين عليها الموافقة على هذا العقد، الذي يتضمن حقوقا مساوية للنساء ويضمن قيادة مشتركة لكل الجهات الإدارية وشكلا من الاقتصاد الاشتراكي.
ومن بين القضايا العالقة تصميم علم جديد ليرفع إلى جانب العلم السوري، وتحديد موقع المجلس التشريعي الذي سيعرف باسم "مؤتمر الشعوب"، وترسيم الحدود الإدارية للمناطق في النظام الجديد.
وقالت "خلال ثلاثة شهور من المفروض أن نكون انتهينا من كل التحضيرات والصياغات للعقد الاجتماعي".
وبمجرد الموافقة عليه من قبل المجلس المؤلف من 151 عضواً، والذي تشارك هدية يوسف في رئاسته سيبدأ الإعداد لانتخابات بعدها بثلاثة أشهر.
وقالت إنهم لم يقرروا بعد أي الانتخابات ستجرى أولاً، انتخابات "مؤتمر الشعوب" أم "المجالس الإقليمية"، مؤكدة أن "العملية كلها سوف تستغرق ستة أشهر وربما أقل".
وتحرص الدول الداعمة ضمناً للفيدرالية، على تحييد النظام والمعارضة عن الملف، وتقليل الاحتكاك على الأرض ما أمكن، وهذا ما نجحت به إلى حد بعيد.
والذي حدث، أن أبناء الثورة حرروا مناطقهم بدمائهم، ليأتي تنظيم "الدولة" ويسرق منهم ما حرروه، ثم لتأتي الدول الغربية –التي لم تكن لتستطيع محاربة الجيش الحر علناً- وتساند القوات الكردية في إعادة احتلال أو تحرير الأرض مرة جديدة، بحجة مكافحة الإرهاب، الذي لم يعد نظام الأسد منتجاً له وفق رؤيتهم الجديدة، ثم البناء أخيراً على قاعدة عسكرية قديمة، تقول بأن الأرض لمن يسيطر عليها بالقوة، فما بالك إذا حررها من "الإرهاب"!