بعد مرور 10 أعوام.. ثلاثة أسئلة في تقييم "الحراك الثوري السوري" - It's Over 9000!

بعد مرور 10 أعوام.. ثلاثة أسئلة في تقييم "الحراك الثوري السوري"

بلدي نيوز - (فراس عزالدين)

مقدمة

تلاقت "اﻻستراتيجية" التابعة للدول الرئيسة اللاعبة في الملف السوري، و"افترقت"، في نقاط مختلفة، أو "تشابكت" و"تشعبت"؛ ما يعني أنّ "الثورة السورية" وقعت عمليا ضمن تلك المصطلحات "التلاقي، اﻻفتراق، التشابك والتشعب"، وجميعها قادت إلى "التعقيد" وتأخير الحسم.

لكن وبعد مرور 10 أعوام، من المنطقي تقييم "الثورة السورية"، وطرح 3 أسئلة، هي: "هل حققت الثورة هدفها؟ هل خسرت الثورة؟ ماذا تحتاج لتنتصر؟".

سياسة اﻻحتواء

وتمر اﻹجابة على تلك اﻷسئلة، بالفهم العميق، لثوابت ومتغيرات "استراتيجية" الدول الكبرى واللاعبة في الملف السوري، فالثورة، تحولت من حالة داخلية، وحراك شعبي، إلى "مسرح صراع دولي وإقليمي"، بعد "تدويلها"، فيما تراجع دور "المعارضة السورية" بالمفهوم "السياسي" وحتى "العسكري"، وتحول إلى لعب دور "المنفذ"، أو حتى "المتفرج والمنتظر" للدول التي ترعاه.

وللأسف وباختصار؛ طبقت معظم الدول الكبرى الفاعلة في الملف السوري، "سياسة الاحتواء" للشارع الثوري، واختارت التكلفة اﻷرخص، والبديل عن "الخيار العسكري" لحفظ مصالحها.

حتى أواخر العام 2013، بدا واضحا أن موعد سقوط اﻷسد، كان "قاب قوسين أو أدنى"، ورغم التصريحات المؤيدة للثورة من أمريكا وفرنسا وبالتأكيد الدول العربية التي تدور حول فلكهم، بدأ عمليا مرحلة تبادل اﻷدوار من خلال "تدخل روسي" مباشر، خاصةً مع فشل الميليشيات اﻹيرانية في كبح جماح تقدم مقاتلي المعارضة واقترابهم من العاصمة.

وانتقلت تلك الدول من مرحلة "اﻻحتواء" بالتصريحات "الخلبية" إلى غض الطرف عن "مشاهد القصف والدمار والدماء"، الذي ارتكبته طائرات الروس والنظام، وذهبت واشنطن أبعد بكثير، عندما اعتبرت أن استخدام اﻷسد لـ"السلاح الكيماوي" خطا أحمرا، وكأنها عمليا تريد "اقتل بالرصاص... لكن ﻻ تستخدم الكيماوي".

وبين تلك اﻷحداث، خرجت المؤتمرات، من جنيف إلى أستانا، فسوتشي، والكثير من التكتلات والمنصات للمعارضة، لينبأ ذلك أنّ "المماطلة" هي اﻷساس في لعبة "الصراع الدولي" التي تقوم على نظرية "عض اﻷصابع" وانتظر مدى احتمال الخصم.

وأنبأ ظهور "تنظيم داعش"، أنّ فرص النجاح ابتعدت، فالبوصلة اﻷمريكية، وجدت ذريعة للتوجه إلى ما تسميه "محاربة اﻹرهاب"، وتركت الملف الشائك اﻵخر، لروسيا، ضمن عملية تبادل اﻷدوار، فالوﻻيات المتحدة، تريد دورا، لكن ليس على غرار "العراق" هذه المرة!

ويجمع المحللون والسياسيون، أنّ معظم اﻷطراف البارزة في الصراع؛ "واشنطن، موسكو، تل أبيب" لا ترغب بذهاب الأسد، بل تخشى "مخرجات الثورة".

ونلفت إلى أن وزير الخارجية الروسي صرح علنا؛ "لو كنا تأخرنا في تدخلنا أسبوعا واحدا لسقط الأسد".

وعلى غرار تلك التصريحات، تفاخرت "طهران" بدورها في إنقاذ نظام اﻷسد، التي تدخلت وعبر ذراعها "حزب الله" وميليشيتها متعددة الجنسيات، منذ أول أيام الثورة لقلب ميزان المعركة لصالح حليفهم.

عمليا، الثورة السورية، لم تصل لهدفها، فهي لم تحقق "الانتقال السياسي للسلطة" وبالتالي؛ "باقي اﻷهداف، من العدالة، والحرية، والديمقراطية"، بقيت ضمن اﻻنحسار الذي اتجه إلى "الشمال السوري" مع المهجرين قسرا، والمؤسف أن تلك الشعارات لم ترَ النور، مع وجود فصائل التهمت "اﻷخضر واليابس" تحت عباءة اﻹسلام على شاكلة "هيئة تحرير الشام"، والتي بدا أنها اليوم "تخوض نفس تجربة اﻷسد" مع بعض الفوارق، التي لا تكاد تذكر.

توافق مصالح

والمتابع للملف السياسي، يلمح قاسما مشتركا بين "واشنطن وموسكو" في ضمان "أمن إسرائيل"، لكن اﻷولى سعت وعبر اﻷمم المتحدة لتفعيل دور "هيئة التفاوض" في حين كان على موسكو إيجاد منصات تتفق ورؤيتها ومصالحها.

وبالتالي؛ خرجت المنصات والهيئات السياسية، تحت ستار "وقف العنف ولتحقيق الديمقراطية التوافقية التشاركية"، إﻻ أنّ فهم ثوابت ومصالح "استراتيجية" تلك الدول، يصل إلى نتيجة؛ أن حقيقة الحل، هو "توافق مصالح" تلك الدول، بعيدا عن مصلحة الثورة.

ويكشف فهم التناقضات بين تلك الدول "الفاعلة" في الملف السوري، أنّ النظام، يبحث له عن "قدمٍ" أو يبدو "مستفيدا" منها للإطالة في بقائه، ويعني هذا أنّ رأس النظام بشار اﻷسد، يريد صياغة أو "ضمانة" مستقبلية، في حال لجأت تلك القوى إلى "التخلي عنه"، لتهدئة الشارع.

والراجح وفق محللين أنّ اﻹطاحة برأس النظام ممكنة، شريطة مشاركة "النظام" كقوة في الحل السياسي، وهذا بحدّ ذاته كفيل بإعادة إنتاجه لاحقا.

بعيدة عن الشارع

وتؤكد المعطيات والدﻻﻻت وتجمع آراء النشطاء الثوريين، والمحللين، أنّ المعارضة السياسية في سوريا، لم تكن، ملتصقة بالشعب أو معبرة عن تطلعاته، بل بدا أنها "تابع ﻷجنداتٍ أخرى"، فكتلة تتبع لموسكو، وأخرى ﻷنقرة، وثالثة لغيرها، فهي بالتالي (أي: المعارضة)، حالة "خاصة فريدة"!، خارج مألوف المعارضات على مرّ التاريخ، بابتعادها عن قواعدها الشعبية، أو ما يسميها الشارع الثوري بـ"معارضة الفنادق".

والمؤسف؛ أنّ التقارير اﻹعلامية، تضج بروائح فساد تلك "المعارضة" والتي زكمت اﻷنوف، كما يصفها محللون.

وعلى ذات المنوال، تغزل بعض الفصائل، التي انشغلت إمّا بجمع "أموال المعابر" أو "حرف بوصلة السلاح والتهام شركائها في الخندق"، أو حتى ترك اﻷهم والرباط "حماية حدود المنطقة المحررة" إلى "جمع زكاة الزيتون"!

بل يذهب محللون بعيدا، مؤكدين أن "الحالة الديمقراطية والحرية والعدالة" أولى مطالب الثوار، غابت صراحةً حتى عن "غرف وقيادات" تلك المعارضات على اختلاف مشاربها، والوضع في الشارع ينبئ باضطراب جديد.

اﻷرقام المخيفة

ويمكن اختصار الصورة، باﻷرقام التالية:

- 10 أعوام من الموت والدمار على يد نظام الأسد.

- النظام وضامنوه خرقوا كل الاتفاقيات لخفض التصعيد في سوريا.

- النظام اليوم يسيطر على 60 بالمائة بدعم من روسيا، والمعارضة على 10 بالمائة بدعم من تركيا، بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على 30% من أراضي سوريا بدعم من أمريكا. وهذه اﻷرقام، حتى شهر شباط/فبراير العام الفائت 2020.

- أما تنظيم "داعش" الذي كان يسيطر على مساحات واسعة من سوريا، مستغلا حالة الحرب والفوضى، فقد انحصر وجوده على مساحة صغيرة في "البادية" شرقي البلاد، وهي مناطق محاصرة من قبل قوات النظام.

ورغم إعلان الولايات المتحدة اﻷمريكية أكثر من مرة عزمها على الانسحاب من سوريا، إلا تواجدها مازال مستمرا في قواعد بالقرب من حقول البترول "شرقي البلاد"، وتضم تلك القواعد بين 700 إلى 1000 جندي أمريكي.

عدا عن اﻷرقام الهائلة لعداد الموت واﻻعتقال والتشريد والتهجير، رغم توقف حدّة المعارك وانحسارها إلى الشمال السوري، وبشكلٍ أقل مقارنة بالعام الفائت على اﻷقل.

وحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن "6.7 مليون مواطن سوري تحولوا إلى لاجئين"، حيث تستضيف تركيا وحدها 3.6 مليون منهم، حسب أرقام رسمية.

كما خسر النظام 3700 دبابة من أصل 5000 تخدم في قطاعات قوات الأسد، فيما لم يتبقَّ له سوى 90 طائرة مقاتلة من أصل 450 طائرة كانت تشكل القوات الجوية.

فيما تجاوز حجم الذخيرة المستخدمة لقمع الثورة حجم ما استُخدم في كافة الحروب العربية ضد إسرائيل منذ حرب العام 1973م، بما فيها حرب لبنان، بعشرة أضعاف.

وقدر تقرير أممي صدر نهاية أيلول العام الفائت، خسائر الاقتصاد السوري بحوالي 442 مليار دولار خلال 8 سنوات من الحرب المتواصلة في البلاد منذ 2011.

وقال التقرير الذي أصدرته اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (اسكوا) بالتعاون مع جامعة "سانت أندروز" البريطانية، إن "قطاعات الإسكان والتعدين والنقل والأمن والتصنيع والكهرباء والصحة كانت أكثر القطاعات تضررا من الحرب".

وقدر التقرير السابق ذاته، خسائر رأس المال بنحو 117.7 مليار دولار، والخسارة في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 324.5 مليار دولار، وأضاف التقرير بأن هذا "ما يضع تكلفة الاقتصاد الكلي للصراع عند نحو 442 مليار دولار".

وقالت اللجنة الأممية في بيان بمناسبة صدور التقرير، "على الرغم من ضخامة هذا الرقم، إلا أنه لا يلخص حجم معاناة السكان الذين تم تسجيل 5.6 مليون شخص منهم كلاجئين، و6.4 مليون كنازحين داخليا، و6.5 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11.7 مليون لا يزالون بحاجة إلى شكل واحد على الأقل من أشكال المساعدة الإنسانية".

وذكر البيان إن حوالي ثلاثة ملايين طفل داخل سوريا فوّتوا المدرسة خلال العام الدراسي 2017-2018.

أمّا أعداد شهداء الثورة، وكذلك القتلى في طرف النظام وحلفائه، فالعداد مستمر في اﻹحصاء، وﻻ توجد أرقام دقيقة، لكن يصفها مراقبون بالمرعبة أو الهائلة.

هزيمة عسكرية

ويعتقد الدكتور برهان غليون، المعارض السوري، في مقالٍ له، أنه لا يمكن للمعارضة بالتأكيد أن تتجاهل ميزان القوى العسكري الذي صنعه الروس، ومن يقف وراءهم من الدول. ولا يساعد تجاهله على التوصل إلى أي حل. وعليها أن تعترف بخسارتها المواجهة العسكرية، وبأنه لا يوجد الآن في الأفق المنظور ما يمكن أن يسمح بتغيير التوازنات الراهنة. وينبغي أن تكون غايتها الواضحة من ذلك الحفاظ على ما تبقى من قوى مقاتلة ثورية للمرحلة المقبلة التي ستكون على الأغلب سياسية".

وضعت الحرب أوزارها

وبدأ مؤخرا الكلام عن "نهاية الحرب"، ويتباهى النظام عبر إعلامه، بأنّ "جيشه انتصر"، لكنه وفق محللين، يغفل أنّ تركيبة قواته العسكرية مؤلفة من "ميليشيات مسلحة متعددة الجنسيات" تسيطر على المناطق التي استعادها، فضلا عن دور الروس واﻹيرانيين في "القرار السياسي" أو "السيادي" كما يحلو للأسد تسميته.

بالمقابل؛ ولو فرضنا جدﻻ أنّ الحرب اقتربت من أن تضع أوزراها، لكن "وقف الحرب لا يعني تحقيق السلام".

فثمة ملفات كثيرة عالقة، من جملتها "مصير المغيبين في المعتقلات، ومحاسبة مجرمي الحرب... إلخ".

والظاهر، أنّ فرصة "توقف الحرب" ممكنة، ﻷنّ القوى الكبرى "المتنازعة" على "المسرح السوري"، أوشكت أن تصل إلى بداية تفاهماتٍ حول توزيع "الغنائم" أو "الكعكعة".

ماذا لو توقفت الحرب تماما؟

والسؤال السابق؛ ليس طارئا، بل ممكنا، لكنه يفتح الباب للسؤال، هل يعني حتما "نهاية الثورة السورية؟".

واﻷمر على خلاف وجهات النظر، بين "حالة يائس" أو "مفرطٍ في تفاؤله"، من المعارضين والمحللين، إﻻ أنّ التاريخ يقول قاعدةً ذهبية؛ "إنهاء الثورة يكون بتحقيق أهدافها"، وبالتالي لن تتضرر من "وقف الحرب" الذي سيقت إليه، بل ستحررها من بعض القيود، بل إنّ معظم المؤشرات والتقارير الواردة من إعلام النظام الرسمي تؤكد أنّ "مقومات انتفاضة الشارع لا تزال قائمة"، بداية من تراجع اﻻقتصاد وتدهور لوضع المعيشي، مرورا بالفساد، وصوﻻ إلى "القوى اﻷجنبية" على اﻷرض، ومعظمها تقع ضمن اﻷهداف التي يسعى الشارع الثوري لرفضها، ويتقاسمها جميعها اليوم كل من يعيش بعيدا عن سيطرة النظام أو تحت سيطرته.

إنهاء أسباب اﻷزمة التي فجرت الحراك الثوري، هو من يوقف الثورة فقط، هذا ما يجمع عليه النشطاء الثوريون، والمراقبون أصحاب التخصص، وبالمقابل فإن انتهاء الحرب يكون –فقط- عندما يقرّر من شنّها على وضع حدٍّ لها. وينطبق الكلام السابق على الحراك الثوري، الذي ينتهي عندما يقرّر من تباه إنهاءه، بتحقيق كامل مطالبهم.

هل خسرت الثورة؟

إن الكلام السابق، ينفي خسارة الثورة، على عكس الهزيمة العسكرية، التي يشير ويؤكد عليها أصحاب اﻻختصاص، فكما أسلفنا "أسباب الثورة ﻻ تزال قائمة".

لكن ماذا تحتاج لتنتصر؟ إن إعادة قراءة وتقييم الوضع خلال السنوات الفائتة، وتصحيح اﻷخطاء، التي مرّ الحديث عنها وفي مقدمتها أن الشارع الثوري، يحتاج "معارضة لصيقة به" من "النخبة"، وﻻ تريد "مُحَلَل" مأجور أو موظف لدى أجندة خارجية، يتلقى ثمن قيامه بدوره، حتى صارت المعارضة تتقاطع مع النظام شكلا ومضمونا في خدمة "توافقات وتفاهمات" اﻵخرين.

سرد تاريخي بسيط

واجه النظام احتجاجات درعا السلمية بإطلاق النار على المتظاهرين، وفعل الشيء ذاته ضد المظاهرات السلمية في بقية المدن منذ اندلاعها في منتصف شهر آذار من عام 2011.

ثم بدأت الاشتباكات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة التي انضوت تحت مسمى الجيش السوري الحر مطلع عام 2012 أي بعد أكثر من 9 أشهر من بدء المظاهرات السليمة، ردا على استخدام الأسد للرصاص الحي.

أشارت عدة تقارير للأمم المتحدة خلال السنوات الماضية إلى ارتكاب النظام وحلفائه لجرائم حرب تمثلت في استخدام السلاح الكيماوي واتباع سياسة التجويع، والتهجير القسري والحصار والاعتقال التعسفي، والتعذيب، إضافة إلى القتل الممنهج والمتعمد لمئات الآلاف من المدنيين.

مع نهاية عام 2012، وبعد أن باتت مسألة سقوط النظام وشيكة، تدخلت إيران وحزب الله على خط الأزمة السورية، وأوقفت تقدم المعارضة، محققة نوعاً من التوازن في القوة على الأرض.

في عام 2014، حشدت المعارضة قوتها مجددا وحققت تقدما واسعا في عدة مناطق كان أبرزها السيطرة على مدينة إدلب في أبريل/نيسان من عام 2015.

الولايات المتحدة تدخلت في سوريا عام 2014 تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش، إلا أنها ساعدت الوحدات الكردية "ي ب ك" ولاحقا "قوات سوريا الديمقراطية" في السيطرة على ثلث الأراضي السورية.

بدأت قوات النظام بالانهيار من جديد، ما دفع روسيا للتدخل في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وأوقفت تقدم فصائل المعارضة، ودعمت قوات النظام والمجموعات التابعة لإيران.

مع توفير الغطاء الجوي الروسي تقدمت قوات النظام ومليشيات إيران بشكل كبير، وسيطرت على مساحات ومناطق واسعة كانت تحت سيطرة المعارضة.

اتبع النظام والروس والإيرانيون أسلوب حصار المناطق التابعة للمعارضة وتجويع سكانها وقصف أحيائها السكنية لإجبار فصائل المعارضة على توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار، وتسليم مناطقهم، مما اصطلح على تسميته "نظام المصالحة"، ما أفضى إلى موجات تهجير جماعية لمناطق أخرى انحصرت في "الشمال السوري". وعرفت تلك المرحلة بـ"حرب الخبز".

نتج خلال تلك اﻷعوام سلسلة من المؤتمرات، برز فيها الدور التركي والروسي، واﻹيراني، تحت مسميات مختلفة، أبرزها "سوتشي"، و"أستانا".

دافعت موسكو عن النظام، أمام مجلس اﻷمن، باستخدام حق النقض "الفيتو".

ورغم التوصل إلى تفاهمات عرفت بمناطق خفض التصعيد، إلا أن النظام وضامنيه لم يلتزموا بالتفاهمات وسيطروا خلال عام عبر القصف والعمليات العسكرية على 3 مناطق بمنطقة خفض التصعيد ولم تبق سوى منطقة إدلب الوحيدة الخاضعة لسيطرة المعارضة.

ومع محاولات النظام لفعل الشيء ذاته في منطقة إدلب، ضغطت تركيا مجددا وعقدت مع روسيا اتفاق سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018، حيث تم الاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار وإقامة نقاط مراقبة في محيط منطقة إدلب.

وعاد النظام مجددا لشن هجوم وصف باﻷعنف، أسفر عن سيطرة النظام على مساحات واسعة من منطقة خفض التصعيد الأخيرة، أسفرت عن مقتل نحو 2000 مدني بحسب الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، ونزوح مليوني مواطن من مدنهم وقراهم وبلداتهم إلى المناطق القريبة من الحدود مع تركيا ليعيشوا في ظروف شديدة القسوة.

واصل النظام تقدمه، وبدأت تركيا بإرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، وأطلقت في 27 فبراير/شباط الماضي عملية "درع الربيع" أوقفت خلالها تقدم قوات اﻷسد. وتم بعدها التوصل مع روسيا إلى وقف إطلاق نار بعد لقاء جمع الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في موسكو في 5 مارس/آذار الجاري.


مقالات ذات صلة

نظام الأسد يدعو للاستثمار ويتعهد بكسر الحصار الاقتصادي

علي مملوك في العاصمة الروسية موسكو

مبادرة شبابية في حوران لإحياء القرار 2254

روسيا تعرقل عقد اجتماعات "الدستورية" السورية في جنيف

الكشف عن اجتماع لقادة من ميليشيات إيران في دير الزور

بالمسيرات والمدفعية.. النظام يصعد من قصفه بريفي حلب وإدلب