هل تشن تركيا عملية جديدة ضد "قسد"؟ - It's Over 9000!

هل تشن تركيا عملية جديدة ضد "قسد"؟


بلدي نيوز 

شهدت منطقة "عين عيسى" في شمال الرقة التي تعتبر العاصمة الإدارية والسياسية لـ"الإدارة الذاتية" التابعة لقوات "قسد"، قصفا غير معتاد من جانب فصائل "الجيش الوطني" والجيش التركي، جاء عقب بدء قوات النظام والقوات الروسية الانسحاب منها بشكل مفاجئ، بمعدل رتلين بشكل يومي، ما فتح باب الحديث عن تجهيزات تعمل عليها أنقرة لقضم مناطق جديدة من "قسد" في شرق الفرات، وذلك بعد أشهر من سبات في الجبهات، التي كانت تغيرت بشكل كامل منذ أكثر من عام، في أثناء بدء عملية "نبع السلام" من جانب الجيش التركي. 

ولاتزال أنقرة تعبر عن نيتها إبعاد أي خطر على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، رغم سيطرتها على المساحة الممتدة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، إلا أنها "غير راضية" عن هذا الحد فقط، وهو أمر يؤكد عليه المسؤولون العسكريون والسياسيون الأتراك بين الفترة والأخرى. 

ويتفق المحللون أن تركيا تتحرك على طول حدودها بـ"استراتيجية النفس الطويل"، وهو ما تم تطبيقه في مناطق "درع الفرات" وعملية "غصن الزيتون"، ومؤخرا عملية "نبع السلام"، والتي لم تكتمل حتى الآن، وقد تستكملها أنقرة على طول الشريط الحدودي، في أي وقت، وحين تسمح لها الظروف بذلك، بعد تلقي الضوء الأخضر من القوى الدولية الأخرى الفاعلة في المنطقة، على رأسها واشنطن.

ومنذ سنوات وبناء على المعطيات التي شهدها الميدان السوري لم تكن للعمليات العسكرية من جانب أنقرة أو غيرها من الدول الفاعلة أن تتم إلا بوجود تحركات تمهيدية لها، وهو ما بدا مؤخراً في شرق سوريا، إذ أعلن الجيش التركي وعلى عدة مرات قتل عناصر من "قسد"، في أثناء إقدامهم على عمليات تسلل باتجاه منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وهو الأمر الذي تعتبره أنقرة تهديداً يهدد مصالحها و"أمنها القومي".

وتزامن ما سبق مع تصريحات من متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، في مطلع أكتوبر الماضي، قال فيها إن الاتفاقيتين اللتين أبرمتهما تركيا مع روسيا والولايات المتحدة في شرق سوريا، تتضمنان عبارة "تركيا تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس والتدخل ضد أي كيان إرهابي"، مشيرا إلى أن "هذا البند يمنح تركيا حق الدفاع عن نفسها، والتدخل في المنطقة إذا تعرضت أراضيها أو وجودها في ذلك البلد سواء من حيث الجنود أو الموظفون المدنيون أو عمال الإغاثة أو غيرهم لهجوم من قبل المنظمات الإرهابية". 

الباحث في الشأن الكردي، بدر ملا رشيد، لم يستبعد حدوث عملية عسكرية جديدة بشرق الفرات من قبل تركيا، نتيجة عدة أسباب، أولها: زيادة التوتر بين الجانبين التركي والروسي في عدة ملفاتٍ محلية وإقليمية، بالإضافة إلى حدوث توتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي وبالأخص فرنسا، التي يتواجد لها مستشارون ضمن قوات التحالف الدولي شمال شرق سوريا.

ويضيف الباحث، أن تركيا وحتى اليوم لها مطالبات من الجانب الروسي والأميركي بتطبيق اتفاقية أردوغان- مايك بينس، ولاحقا اتفاق سوتشي بين "أردوغان" ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، والمتمحور حول إيقاف عملية "نبع السلام" مقابل انسحاب "وحدات حماية الشعب" (عماد قسد العسكري) لمسافة 30 كيلومتراً عن جنوب الحدود التركية السورية.

وتقول تركيا، إن الاتفاقية المذكورة لم يتم تطبيقها حتى الآن، وتضعه ذريعة لأي عملية عسكرية مرتقبة على المنطقة.

ووفق الباحث الكردي، فإن "التأخر في الوصول لاتفاق بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب التحالف الوطني الكُردي التي يقودها (ب ي د) يلقي بظلاله أيضا على إمكانية قيام الولايات المتحدة بإيقاف رغبة الجانب التركي بتنفيذ وتوسيع عملياته شرق الفرات".

وبات من المعروف أن من أهم مطالب الولايات المتحدة و"المجلس الوطني الكُردي" هو مغادرة العناصر غير السوريين من ضمن صفوف "وحدات حماية الشعب"، ومن الأجهزة الإدارية شرق الفرات.

وحاولت روسيا مؤخرا كسب "قسد" إلى صفها، من أجل توسيع نفوذها في المنطقة، ولإحداث أمر واقع قد يضغط على واشنطن، لكنها فشلت في ذلك، وهو ما ترجم مؤخرا على لسان قائد "قسد"، مظلوم عبدي، معتبرا أن دخول الروس إلى شرق سوريا كان بموافقة منهم، وجاء بسبب الانسحاب الأمريكي. 

الحد الذي وضعته "قسد" أمام موسكو وعدم التجاوب الكامل، دفع الأخيرة، وفق محللين، إلى مسارٍ آخر، من شأنه أن يليّن موقف الأولى، لتتجه بذلك إلى أنقرة، والتي لوحت بعملية عسكرية مرتقبة، في حال لم يتم إكمال بنود اتفاق "سوتشي". 

الباحث الكردي المقيم في القامشلي، شفان إبراهيم ربط حدوث أي عملية عسكرية من جانب تركيا على شرق الفرات بمدى تطبيق اتفاقية "سوتشي"، الموقعة في تشرين الثاني 2019 بين تركيا وروسيا. 

ويقول الباحث، إن روسيا تدرك أن ورقتها الأكثر حدية وخطورة على مستقبل "قسد" تتجسد بالانسحاب من عين عيسى، ما يعني أن "مناطق مثل تل رفعت ومنغ وتل تمر والدرباسية ستكون تحت خطر شبح التهديد التركي".

وتشكّل بلدة "عين عيسى" العاصمة السياسية والإدارية لـ "الإدارة الذاتية" شمال شرق سوريا، وسقوطها هو الضربة القاصمة لهذا المشروع، بحسب "شفان إبراهيم".

ويوضح الباحث "في الوقت الحالي انتقل تواجد الإدارة الذاتية إلى الرقة، لكن لا تزال التداولات السياسية والإدارية والاقتصادية تتم تحت اسم عين عيسى"، مشيرا إلى أنه "ليس من السهل تغيير العاصمة أو المقر الأساسي خلال لحظات الحرب".

ولا تبعد "عين عيسى" سوى 55 كيلومتراً عن مدينة الرقة باتجاه الشمال الغربي، وكانت قبل عام 2011 ناحية إدارية في منطقة تل أبيض بمحافظة الرقة، لتُضم فيما بعد إلى منطقة "عين العرب".

وفي حال السيطرة على "عين عيسى" من جانب فصائل "الجيش الوطني" وتركيا، يشير الباحث شفان إبراهيم إلى أن "المشروع السياسي للإدارة الذاتية سيكون في آخر مراحله، وخاصةً أنها خسرت في وقت سابق نقاطا ومناطق أساسية تعتبر ركائز وحوامل لها".

وإلى ما هو أبعد من البلدة إلى الشريط الحدودي مع تركيا من رأس العين إلى الدرباسية والمالكية في أقصى الشرق، يتوقع الباحث الكردي أن يبقى من دون أي تغيير إلى حين "توضيح السياسية الأميركية الجديدة في المنطقة، ومدى جديتها في الحفاظ عليه، خاصة كونه يمثل عقدة المواصلات البرية والنهرية الأهم في المنطقة كلها، وطريق نقل النفط والغاز".

رياض ضرار الرئيس المشترك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" (الذراع السياسي لقسد) يقول: "لا أدري بما يفكر التركي حول المنطقة"، مستبعداً حدوث أي عملية عسكرية واسعة في الأيام المقبلة، مقارباً بذلك ما تحدث به المبعوث الأمريكي إلى سوريا، جيمس جيفري بأنه لا يوجد إمكانية لتغيير ديمغرافي جديد. 

ويضيف ضرار في تصريحات "ربما يكون هناك تبادل قصف كلامي أو مدفعي بين الروس والأتراك (في إشارة له إلى عين عيسى)، لكن في النتيجة لن يصل الأمر إلى حدود تغيير المواقع، وربما يلتقون في وقت لاحق لحسم ذلك في سوتشي أو أستانة". 

وفيما يخص واشنطن ووجودها في شرق سوريا، يرى الرئيس المشترك لـ "مسد"، أن "الحاجة الأميركية للبقاء في المنطقة هو ضرورة، إذ لا يمكن لأمريكا أن تحمي وجودها المتبقي في العراق وآملها في حسابات السياسة إلا بالبقاء في شرق سوريا (...) وجودها هو نقطة القوة في حضورها في أي اتفاق سياسي، وفي حال خرجت فقد تضطر للخروج من الشرق الأوسط ككل".

وفي سياق ما سبق يتوقع الباحث، بدر ملا رشيد أن تستمر المناوشات في الشرق إلى فترة طويلة ما دامت الأطراف الدولية المتحكمة بالملف السوري، لم تصل إلى صيغة توافق، سواءً فيما يخص العملية السياسية المتمثلة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، أو توافق فيما يخص مصير القوى العسكرية شرق وغرب الفرات.

المصدر: الحرة

مقالات ذات صلة

لماذا تهدد "قسد" محافظ الحسكة بقطع الكهرباء؟

عناصر التنظيم يهاجمون عربة لقوات "قسد" بريف دير الزور

البادية السورية.. روسيا تزعم تدمير ثلاث قواعد في التنف

أمريكا تعلق على تقرير "العفو الدولية" الذي يتهمها بارتكاب انتهاكات في سوريا

من جديد.. التحالف الدولي يستقدم تعزيزات جديد

إقليم كردستان يبدأ ترحيل السوريين إلى مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"