بلدي نيوز - (خاص)
يرى مراقبون أن قرار أنقرة بالانسحاب من أكبر نقطة مراقبة محاصرة لها في سوريا، يأتي في إطار إعادة ترتيب وتوزيع قواتها داخل محافظة إدلب بما يتناسب مع ظروف المرحلة الحالية والاستعداد للمرحلة المقبلة، بعد أن أيقنت أنقرة أنّ نقاطها المحاصرة أصبحت بعيدة عن الهدف الرئيسي لوجودها وتمركزها، وخصوصاً بعد خرق القوات الروسية اتفاق سوتشي وتجاوزها نقاط المراقبة التركية المتّفق عليها بين الطرفين وفق اتفاق سوتشي 2018 الموقع بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلتديمير بوتين.
واتبّع النظام خلال الفترة الماضية أسلوب التضييق على نقاط المراقبة التركية في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وإخراج المظاهرات المطالبة برحيل القوات التركية من مناطق سيطرة النظام، إضافة لبعض الهجمات على نقاط الضامن التركي، وقيام الأخير بالرد على تلك التجمعات بإلقاء القنابل المسيلة للدموع لفضها.
ولعلّ تلك الأحداث وضعت خيار الانسحاب على طاولة الملف السوري لتركيا، بالاتفاق مع الجانب الروسي، والذي من شأنه أن يحرر القوات التركية من ضغط النظام السوري على النقاط المحاصرة، وكذلك عدم تحكم النظام في دخول أرتال التبديل والدعم اللوجستي إلى هذه النقاط، مقابل حفاظ تركيا على علاقتها مع موسكو وكسب رهان جديد في منطقة إدلب قد يأتي لصالح أنقرة.
ولدى تركيا 13 نقطة مراقبة عسكرية محاصرة من قبل النظام السوري، وهي "مورك وشير مغار" في ريف حماة، و"الصرمان والطوقان" بريف إدلب، و"العيس والراشدين وعندان وقبتان الجبل" بريف حلب، والتي شيدت تنفيذاً لاتفاق سوتشي المبرم في شهر أيلول/سبتمبر 2018، وطوقت جميعها من قبل نظام الأسد وروسيا وإيران في العمليات العسكرية العام الماضي 2019، بالإضافة إلى تطويق عدد من النقاط التي وضعها الجيش التركي خارج الاتفاقية في "معرحطاط ومحيط مدينة سراقب" والتي يُقدرها ناشطون بـ 5 نقاط.
نقطة مورك
وثبت الجيش التركي، في نيسان 2018 نقطة مراقبة في مدينة مورك، بموجب اتفاق تخفيف التوتر الذي انضمت له محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها وصولا إلى أرياف حماة.
وحوصرت النقطة، بعد دخول قوات النظام السوري مدينة مورك في ريف حماة الشمالي، في 23 من آب العام الفائت، ونشر عناصر من قوات النظام تسجيلات مصورة حينها من داخل مورك تظهر تجولهم داخل مناطق مورك وكفرزيتا في ريف حماة.
وجاء دخول قوات النظام إلى مناطق ريف حماة، بعد ساعات من دخولها إلى مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي وانتشارها في المدينة.
انسحاب جزئي
وقال مصدر عسكري من فصائل المعارضة السورية لبلدي نيوز، يوم الاثنين 19 تشرين الأول/أكتوبر، إن الجيش التركي سينقل بشكل مبدئي ثلاث نقاط تركية محاصرة من قبل قوات النظام إلى الخط الثاني الذي تتمركز فيه القوات التركية في جبل الزاوية في الوقت الحالي والذي أطلق عليه تسمية "خط موسكو" نسبة إلى الموقف النهائي الذي اتفق عليه الطرفان التركي والروسي في العاصمة الروسية موسكو 5 آذار/مارس من العام الجاري.
وأضاف، أن الجانب التركي أخطر فصائل المعارضة منذ أيام، بأن الجانب الروسي شدّد على مطلب سحب السلاح الثقيل لفصائل المعارضة من المنطقة الواقعة على طريق "M4"، وفتح الطريق برعاية "روسية - تركية"، بالإضافة إلى إصرار الروس على متابعة تنفيذ غارات جوية تحت ذريعة استهداف مقار عسكرية لمقاتلين أجانب.
وأكّد أن الجانب التركي ألمح لفصائل المعارضة عن وضع احتمالية قيام الروس بتنفيذ عملية عسكرية على المنطقة سابقة الذكر بالحسبان.
مصير النقاط المنسحبة
ويواصل الجيش التركي استعداداته لسحب ثلاث نقاط عسكرية وضعت بناءاً على اتفاق سوتشي في "مورك وشيرمغار" بريف حماة، و"الصرمان" بريف إدلب، بالتزامن مع وضع قاعدة عسكرية جديدة في قرية "قوقفين"، وإنشاء تحصينات عسكرية في قرية "كدورة" في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وأكّدت مصادر أمنية لجريدة "الوطن" الموالية، أن النقاط التركية المنسحبة ستعيد انتشارها بالقرب من بلدتي "سفوهن وكنصفرة" جنوب إدلب وقرية "العنكاوي" غربي حماة الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
نقطة الصرمان
وأنشأت القوات التركية نقطة الصرمان بريف حماة الغربي في 15 شباط 2019 العام الفائت، بعد أن استطلعت المنطقة لأيام، حتى تقدمت قوات النظام أثناء عمليتها العسكرية الدورية حينها على ريفي حماة وإدلب وأطبقت عليها الحصار عقب سيطرتها الكاملة على البلدة في 22 ديسبمر من العام ذاته 2019.
نقطة شير مغار
ووضعت القوات التركية في 14 من شهر أيار من عام 2018 قواتها وعتادها العسكري من دبابات وآليات لوجستية داخل قرية "شير مغار" بريف حماة، وأنشأت بداخلها نقطة متقدمة وقتها على خطوط التماس القريبة من قوات النظام السوري، وأثناء خروقات المنطقة من قبل النظام وعدم خضوعها لاتفاقيات متقدمة بين روسيا وتركيا، تعرضت تلك النقطة لعدة استهدافات جوية ومدفعية من قبل نظام الأسد، وقتل وأصيب فيها عدد من الجنود الأتراك، والتي قابلها تنديدات ووعيد من قبل الجانب التركي.
وخلال الحملة الأخيرة التي شنها النظام السوري بدعم حليفه الروسي للسيطرة على طريقي M5 و M4 الدوليين، استطاعت قوات النظام من السيطرة على قرية "شيرمغار" وتطويقها لنقطة المراقبة، وذلك بتاريخ 27 شباط من العام الحالي 2020.
وفي إطار ما ذكرنا، تواصل تركيا تعزيز مواقعها في إدلب، استعدادا لاحتمال استئناف المعارك، حيث تستمر بإرسال أرتالها العسكرية إلى داخل مدينة إدلب وريفها، وكان أحدثها مساء الأحد 18 تشرين الأول/أكتوبر، حيث دخلت معدات لوجستية وهندسية عبر معبر كفرلوسين باتجاه النقطة التركية الجديدة في بلدة "قوقفين" جنوبي إدلب.
ويترقب أهالي مدينة إدلب بحذر ما ستؤول إليه المرحلة المقبلة، في وقت تعمل تركيا على نشر سلاح ثقيل ودبابات متطورة ومنظومات دفاع جوية على جبهات إدلب وحلب في إطار نشر ما وصفناه في تقرير مسبق "الحزام الدفاعي لتركيا في إدلب".