تحولات جذرية في "هيئة تحريـر الـشام".. ما هدفها؟ - It's Over 9000!

تحولات جذرية في "هيئة تحريـر الـشام".. ما هدفها؟

بلدي نيوز - (خاص) 

تشهد "هيئة تحرير الشام" تحولات جذرية في بنيتها التنظيمية، وتتجه للتحول في بنيتها العسكرية التي بدأت بالقطاعات في حقبة "جبهة النصرة" إلى الجيوش مع بداية تشكيل الهيئة لتكون عبارة عن ألوية لها مقومات بنيوية في العدد والعتاد.

وأعلنت "تحرير الشام" عن تشكيل 12 لواء مستبدلة بهذه التشكلات الجيوش الأربعة، "جيش أبو بكر، جيش عمر بن الخطاب، جيش علي بن أبي طالب، جيش عثمان بن عفان"، وتعتمد الألوية الـ 12 على أربع ركائز رئيسية "مشاة، وقناصات حرارية، ومدرعات، ومدفعية".

يقول تقي الدين عمر، وهو مدير مكتب العلاقات الإعلامية في تحرير الشام، "استحدثت الهيئة 12 لواءً من الألوية العسكرية داخلها، وهذه الخطوة جاءت بعد عدة مراحل ساهمت فيها القيادة العسكرية بتطوير وترتيب الأقسام العسكرية المنضوية تحتها من كافة الصنوف والاختصاصات العسكرية، مع استحداث قوات خاصة داخل كل لواء".

ويرى الناشط المدني والسياسي محمد راسم في حديث لبلدي نيوز، أن التحول الإيديولوجي للهيئة بدأ من عام 2015 لمعطيات وقواعد وأسس استندت عليها حينها، منها الاعتماد على السوريين في قيادة التشكيلات.

وتوقف الناشط "راسم" عند نقطة هامة، أن لا يكون هذا التحول الايديولوجي مبني على مراجعات فكرية حقيقية تبني وتؤسس لقناعات فكرية يتم انشاء المجتمعات والمؤسسات والدولة على أساسها، وأن لا تكون مجرد براغماتية (مقيتة) سرعان ما تزول مع امتلاك بعض أسباب القوة. 

وتساءل "هل سيكونون عقلانيين منفتحين على كل العالم الذي نحن جزء منه، وملتزمين بإطار القانون الدولي ومنظومة الأمم المتحدة التي أيضا نحن جزء منها، مؤمنين بقيمة الانسان والوطن وأهمية بناءهما البناء الصحيح ضمن ضوابط ديننا الحنيف، وضمن أسس ومبادئ وأهداف ثورتنا".

وفي حديث خاص لبلدي، قال عرابي عبد الحي العرابي، وهو باحث في شؤون الجماعات الجهادية بمركز جسور، "إن نظام الجيوش يحتاج إلى قيادة لا مركزية لذلك اللجوء إلى نظام الألوية وتعزيزها يجعل القيادة تراتبية أكثر من كونها قيادة ذاتية، لذلك كان لابد من إعادة هيكلية تحرير الشام بقيادة مركزية لتكون نواة صلبة لتعزيز المركزية ويعطيها مرونة في التعامل مع المستجدات الميدانية أو السياسية؛ فربما يكون هناك نية للاندماج مع فصائل أخرى وتستطيع بذلك الاندماج وهي متماسكة وتكتلها وتنتقل بذلك من حالة لحالة مع الحفاظ على ذاتها".

وأما عن التحولات الإيديولوجية، قال عرابي "لا أظن أن تحرير الشام لها إيديولوجية عميقة أو متشبثة بالإيديولوجية الجهادية، وربما هذا موجود عند بعض العناصر أو القادة، ولكن هؤلاء ليسوا رقما مركزيا بتحرير الشام، وإنما لعناصر هامشية، لأن المركزية في تحرير الشام للقيادات التي تسير أمور الهيئة وتنسج العلاقات مع المجتمع كالجولاني وأبو حسن ٦٠٠، وأبو يوسف حلفايا، وهؤلاء لا يمتلكون رؤية إيديولوجية، لذلك الهيئة لديها عناصر كانوا يؤمنون في مرحلة من المراحل بأنها صاحبة مشروع جهادي ولكنها تعرضت للتحولات من خلال خطاب مباشر من داخل الهيئة بأنها لا تملك توجها نحو الجهاد بالمفهوم الذي تطرحه القاعدة أو تنظيم الدولة".

وأضاف "برؤية عالمية تريد الهيئة أن تخرج نفسها من حالة التصنيف التي لا ترغب بها، والتي ستمنعها من الاستمرار في المستقبل، وتريد أن تظهر أنها لا تمتلك هذه الإيديولوجية، فتحرير الشام تظهر خطابا معتدلا وربما هو في حساب بعض الفصائل أنه مازال خطابا متشددا، ولكن تحرير الشام تريد أن تبقى قريبة من الحاضنة الشعبية بخطابها الديني وتريد بالوقت ذاته أن تظهر بوجه معتدل للغرب وللعالم بأنها لا تشكل خطرا على المنطقة ويمكن الاعتماد عليها في مستقبل الحل السياسي، ويمكن أن لا تنتهك حقوق الإنسان لأنها مرنة ويمكن أن تتقدم في مستوى الحوار مع الفصائل ومع المجتمع الدولي"، حسب قوله. 

وختم عرابي، بالقول "أن هيئة تحرير الشام تريد أن تصل إلى ثلاثة أمور: أولا أن يعترف بها سياسيا والاعتراف السياسي يستلزم أن يُعترف بها إداريا وهذا الأمر الثاني لتكون هي السلطة الحاكمة في منطقة إدلب، وثالثا أن تُزال عن قائمة الإرهاب وإذا ضمنت الإزالة تضمن الاعتراف السياسي وحين تضمنه ستبقى مستمرة بإدارة إدلب وما حولها، وهذا سيجعل لها دورا مفصليا وهاما في كافة الملفات في هذه المنطقة، وأبرزها "ملف الجهاديين، وملف الحل السياسي وما بعد الحل السياسي"، وربما يأتي يوم من الأيام خلال السنوات المقبلة ويكون لتحرير الشام جناحا عسكريا وآخر سياسيا، والجناح العسكري يندمج ضمن القوات التي تشكل إقليم إدلب أو الشمال الغربي، ويكون بذلك الميزان العسكري متوازيا، ويكون الميزان السياسي لها به كلمة كبيرة وخاصة أنها متغلغلة في الشمال الغربي من سوريا من خلال سيطرتها على إدلب".


بدوره، قال ضابط منشق عن قوات النظام -فضل عدم ذكر اسمه- لبلدي نيوز، "إن هيئة تحرير الشام بتحولاتها من جبهة النصرة إلى فتح الشام إلى الخروج من القاعدة إلى هيئة تحرير الشام إلى التنظيم العسكري الجديد، تسعى إلى الاندماج مع الجبهة الوطنية قريبا حسب توقعاتي من أجل تشكيل جيش يعتمد عليه وأن يكون موازيا للجيش الوطني بل وأقوى منه لتجعل من نفسها ضرورة عسكرية الجميع بحاجتها".

فيما قال الناشط الإعلامي عمر حاج أحمد لبلدي نيوز "بعد معركة ادلب الأخيرة والتي توقفت مع البدء باتفاق آذار الماضي بين الجانبين الروسي والتركي، تم وضع العديد من النقاط حول سيرة المعركة السابقة والأخطاء التي وقعت بها جميع الفصائل ومنها تحرير الشام، والجميع توصل أن خطأهم كان تنظيميا وتدريبيا". 

وأضاف أن تركيا أشرفت على تنظيم وتدريب غالبية الفصائل في إدلب ووضعتها ضمن ألوية وتكتلات عسكرية، يسهل عليها زجهم بأي معركة مستقبلا، وهيئة تحرير الشام ليست بعيدة عن هذا، وإنما هي كانت من صلب التنظيم التركي للفصائل بإدلب.

ويرى أن نظام الجيوش اسما فضفاضا بداية الأمر، وكان يتم الزج بالجيش كاملا وهذا خطأ عسكري فادح، خاصة أن الجيش ليس مختلف الاختصاصات، ولهذا تم التحول لنظام الألوية بحيث يكون قوام اللواء جامع لكل الاختصاصات العسكرية، وبالتالي يكون كل لواء متمكن من خوض المعركة واستلام محور كامل بنفسه مع كافة الاختصاصات ضمنه".

وقال مدير مكتب العلاقات العامة في هيئة تحرير الشام تقي الدين عمر، أنه بموازاة تطوير العدو لتكتيكاته العسكرية في حرب شعبنا واعتماده على طرق جديدة، تعمد فصائل الثورة في غرفة عمليات "الفتح المبين" باستمرار إلى تطوير منظوماتها العسكرية وألويتها بما يناسب قدراتها وظروف المرحلة ومتطلباتها، حيث جاءت هذه الخطوة بعد عدة منعطفات شهدتها الثورة في شقها العسكري، بعد أن مرت بعدة مراحل معروفة لدى الجميع؛ فمن مرحلة حرب العصابات والهجمات الخاطفة داخل عمق مناطق العدو إلى قطع الطرق وإمدادات العدو، ثم مرحلة "جيش الفتح" التي تُوّجت بالسيطرة على المدن الكبرى، وصولا إلى اليوم، حيث بلغت المرحلة إلى تأسيس ما يشبه المجلس العسكري متمثلا في قيادة غرفة عمليات "الفتح المبين".

فيما قال حاج أحمد عن تغير الإيديولوجية لتحرير الشام، إن الهيئة أيقنت أن الوضع الدولي سيكون ضدها في حال بقيت على نفس الإيديولوجية ولهذا باتت تلمّح لتحسين العلاقات الدولية وتغيير بعض الأفكار والإيديولوجيات التي كانت توسمها بالتشدد إلى نظرة أكثر برغماتية تخفف من نظرة الغرب وتركيا وغيرهم إليها، وربما رفع التصنيف الدولي عنها مستقبلا، ومشاركتها سياسيا وعسكريا بمستقبل سوريا، كما يفكر قادة الهيئة بذلك. 

فيما يرى مراقبون أن هذه التحولات هي عبارة عن رسائل مبطنة وظاهرة بنفس الوقت، لتجميل صورة هيئة تحرير الشام والسعي لنزعها من لوائح الإرهاب والتي حتى الان لم تنجح بذلك، بالوقت الذي تتجهز به روسيا وقوات النظام والميليشيات الإيرانية لفتح معارك على منطقة ريف إدلب.

مقالات ذات صلة

القوات الروسية تجري تدريبات مشتركة مع قوات النظام في طرطوس

"الشبيبة الثورية" تحرق أحد مقرات "الوطني الكردي" في الحسكة

نظام الأسد يدعو للاستثمار ويتعهد بكسر الحصار الاقتصادي

صيف سوريا سيبدأ في أيار المقبل

إدانة أمريكية لاستهداف قواتها شرقي سوريا

شهيد مدني بقصف النظام على ريف حلب