بلدي نيوز
أكد تحليل لمنظمة "أتلاتنك كونسيل" (المجلس الأطلسي)، أن سنوات الحرب التي شهدتها سوريا، أثرت بشكل جذري على تركيبة جيش النظام، مما يجعل ولائه موضع تساؤل ولاسيما في الأعوام القادمة.
وكان لجيش النظام دور فعال في ضمان بقاء نظام بشار الأسد، بسبب ولائه وليس جراء أدائه في ساحة المعركة، إذ حافظت القوات الحكومية على "ولائها المؤسسي" منذ أن سيطرت عائلة الأسد على الحكم في العام 1970.
وعمل حافظ الأسد على إعادة ترتيب الجيش بما يتناسب مع أهداف نظامه، ورفع العدد الإجمالي لأفراد القوات المسلحة بنحو 162 في المائة في السنوات العشر الأولى من حكمه، ثم 264 في المائة حتى وفاته عام 2000، وذلك وفقًا لتقديرات أعدها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وأنشئ تسلسل قيادي مواز وفرض تفويضات متداخلة وفائض مؤسسي على التشكيلات العسكرية الرئيسية. وبهذه الطريقة، تم تصميم مختلف أجهزة النظام القمعي بعدة طبقات من الولاء للتنافس بينها من أجل بقاء النظام.
واستفاد الأسد من حالة الانقسام الشديد في المجتمع السوري، إذ ارتفعت نسبة الضباط من الطائفة العلوية في الجيش والأجهزة الأمنية بما لا يتناسب مع عددها، مما أنشأ حلقة مؤسسية من الخوف وانعدام الثقة في المجتمع السوري والتي زودت نظام الأسد بمجموعة موالية مهيمنة في جيش، أصبحت مهمته، الرئيسية تأمين استمرارية النظام وجعلها فوق كل اعتبارات الدفاع والأمن الوطني.
وقبل عام 2011، واجه نظام عائلة الأسد تحديات داخلية هائلة مثل تمرد جماعة الإخوان المسلمين في حماة عام 1982، ومحاولة الانقلاب الفاشلة لرفعت الأسد، شقيق حافظ، في عام 1984، لعب الجيش دورا مركزيا في صدها، ومع ذلك، لم يكن أي من تلك التحديثات يشكل مخاطر على بقاء النظام كما حدث مع انطلاقة الاحتجاجات في العام 2011.
وبحسب "أتلاتنك كونسيل"، أجبرت المستجدات بشار الأسد على إعادة ترتيب أوضاع الجيش، والتنازل عن بعض السيادة في هياكل السلطة الرئيسية للحفاظ على بقاء النظام.
ومع ضعف فعالية أداء قوات النظام في ساحة المعركة، لجأ رئيس النظام إلى تشكيل ميليشيات محلية، إضافة إلى جلب ميلشيات ومرتزقة أجانب بدعم من إيران وروسيا.
وأدى ذلك إلى تسبب في معضلات الولاء داخل الجيش والميليشيات الرديفة له، جراء تنوع مصادر التمويل، والانقسام الإقليمي والأيديولوجي، وعمليات صنع القرار الموازية، والاعتماد على الحلفاء الأجانب.
وبحسب ما يرد من تقارير مختصة، تتلقى بعض الميليشيات تمويلا من رجال أعمال مشبوهين موالين للنظام، في حين يتم تمويل البعض الآخر حصريا من قبل جهات أجنبية، مثل إيران وروسيا.
ومع قيام بعض هذه الميليشيات بأدوار أمنية محلية، أصبحت أنماط تجنيدها مجزأة على أسس إقليمية ودينية وأيديولوجية، مما يشير إلى تنامي الاستقلالية لديها ودائرة الولاء الموسعة، فضلا عن عدم الاتساق الأمني والدفاعي.
ويخلص "أتلاتنك كونسيل"، إلى أن الهيكل الهجين لجيش النظام وأجهزته الأمنية، واللامركزية في عملية صنع القرار العسكري، أدى إلى زيادة نفوذ الميليشيات على القرارات الميدانية والعسكرية، بما في ذلك توزيع الموارد وعمليات التعبئة والانتشار.
وهكذا إذا كان الجيش قد لعب دورا رئيسيا في ضمان بقاء نظام الأسد، فإن الهياكل التي كانت مصممة في السابق للحفاظ على ولاء قواته قد تحطمت تدريجياً في السنوات التسع الماضية.
ورغم أن اللامركزية القسرية، وتعدد الجهات الأمنية، والتدخل الأجنبي، أنقذوا النظام من الهزيمة العسكرية، إلا أن بشار الأسد يقيس مستوى جودة قواته من خلال ولائهم المستمر له واستعدادهم لاستخدام القوة للدفاع عن نظامه، وليس من خلال أدائهم في الحروب والمعارك.
وفي حين أن انقلابا عسكريا على نظام بشار الأسد أو انهيار حكمه أمر مستبعد، إلا أنه لم يعد يتمتع بالثقة التي كانت موجودة في الخمسين عاما الماضية، بين صفوف القوات المسلحة تجاه حكم عائلته.
المصدر: الحرة