الخيارات التركية في الشمال السوري - It's Over 9000!

الخيارات التركية في الشمال السوري

بلدي نيوز – عمر الحسن
بدأ تقهقر الثوار في ريف حلب الشمالي بُعيد معركة "الراعي"، التي سيطر عليها الثوار لفترة قصيرة جداً، ثم خسروها إضافة لمعظم ريف حلب الشمالي لمصلحة التنظيم، هذه الخسارة التي ما كانت ستحدث لو تلقى الثوار دعماً جوياً كافياً من التحالف الذي تخلى عنهم، ولم يقدم لهم عُشر الدعم الذي تتلقاه الميليشيات الكردية، التي احتلت معظم شمالي سوريا، والتي كانت ستعجز عن الدفاع عن المناطق التي تسيطر عليها أساساً، لولا الدعم الجوي الخرافي، الذي حصلت عليه من الطائرات الأمريكية بشكل أساسي .
المنطقة التي خسرها الثوار تعتبر منطقة حيوية للميليشيات الكردية، كحالها لتنظيم "الدولة"، والسيطرة عليها بالنسبة للتنظيم تعتبر بمثابة أمر أساسي لا تراجع عنه، أما بالنسبة للميليشيات الكردية فهي تخطط للسيطرة عليها لوصل مدينة عفرين، - التي حصلت عليها من النظام - مع الشريط الحدودي مع تركيا، والذي تسعى لاحقاً لإعلانه دولة مستقلة .
هذا الدولة" الشريط" التي في حال حصلت، ستكون كارثة حقيقية على تركيا أولاً، وعلى الثورة ككل في سوريا، فهي ستقطع التواصل الاستراتيجي بين تركيا والعالم العربي، الذي يعتبر عمقها الاستراتيجي والتاريخي والاقتصادي، ويمنع أي اتصال معه وسيكبل القدرة على التعاون المستقبلي مع الدول العربية، وبخاصة السعودية التي تسعى لتشكيل تحالف سني معها، كضرورة للمرحلة التي أصبحت التحالفات فيها عقائدية بالدرجة الأولى.
عزل كانتون عفرين يعتبر عنصراً مهما في استراتيجية منع الميليشيات الكردية من السيطرة على الشمال السوري بشكل كامل، فالمسافة التي تفصل بين الامتداد الكردي غربي نهر الفرات، والكانتون في عفرين تبلغ قرابة 90 كم، والتي يسيطر عليها تنظيم "الدولة"، وستحتاج الميليشيات الكردية لجهود ضخمة، وحشد هائل للسيطرة عليها، قد يبلغ نفس حجم الحشد المطلوب لمعركة الرقة، ما يعني أن عملية التقدم التي نفذها تنظيم "الدولة" وتهديدها لكانتون عفرين، سوف يصرف أنظار الميليشيات الكردية عن معركة الرقة، ويجبرها على الدخول في معركة المنطقة الممتدة غربي الفرات إلى عفرين.
حيث ستدخل الميليشيات الكردية في معركة ضد التنظيم، بهدف الدفاع عن كانتون عفرين ووصل الكانتونين، والتي سوف تدعم فيها قوات التحالف الميليشيات الكردية بشكل كبير، للسيطرة على نفس المناطق التي لم تدعم من أجلها الثوار .
معركة طويلة
هذه المعركة ستستمر لأشهر، وستعطي الوقت للتنظيم لتحصين نفسه أكثر في الرقة، وتعطيه الوقت أيضاً لتنفيذ عدد من الأهداف التي يسعى لها حالياً في العراق وسوريا، وتتمثل بالسيطرة بشكل كامل على دير الزور، وربما حتى استعادة تدمر، بسبب انخفاض القدرة الجوية الروسية في الأجواء المغبرة، وحشد النظام والروس باتجاه حلب، إضافة لاستنزاف الحشد الشيعي في العراق وفي الفلوجة تحديداً.
فوق هذا كله اكتساب المزيد من الدعم الشعبي، بسبب الجرائم التي سترتكبها الميليشيات الكردية والشيعية، في المناطق التي ستدخلها من قتل وتهجير، والتي ستدفع السنة في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم لقبوله أكثر، وحتى للتطوع في صفوفه، لمنع حدوث نفس الجرائم بحق أهاليهم، وبخاصة أنه لم يبق لهم أي منفذ للخروج من سوريا، أو أي منطقة آمنة يذهبون إليها .
فيبدو أن بوادر هذه الحالات قد بدأت بالظهور في الرقة والفلوجة، والتي يشاع عن تطوع الآلاف من أبنائهما للقتال مع التنظيم لحماية عائلاتهم من الميليشيات الكردية والشيعية.

هل تتدخل تركيا في سوريا ؟
المدفعية التركية الثقيلة عيار 203 ملم التي وصلت مؤخراً إلى الحدود التركية مع سوريا مقابل عفرين ليست حدثاً منعزلاً أو مستغرباً، فهذه المدفعية تعتبر عامل ردع مهم في حماية الأراضي التركية، من أي خطر أو أعمال عدائية، قد تنفذ انطلاقاً من سوريا .
خصوصاً أنها إضافة لبطاريات المدفعية التي نشرتها تركيا سابقاً، حيث تصل مديات هذه المدفعية حتى 30 كم، ما يعني قدرتها فعلياً على تشكيل منطقة محرمة بعمق لا يقل عن 20 كم داخل الأراضي السورية، بمساعدة وسائل الاستطلاع المختلفة من طائرات مسيرة وغيرها.

حتى الآن لم تنفذ تركيا أعمالا عسكرية كبيرة في سوريا، وانحصرت عملياتها على توغلات برية محدودة جداً، وعمليات قصف كرد على مصادر النيران، التي تستهدف الأراضي التركية، إضافة لعملياته ضمن التحالف ضد تنظيم "الدولة"، لكن في حال قررت تركيا الدخول برياً في سوريا فهي ستكون عملية مزدوجة الهدف، تهدف أولا لمنع إطلاق الصواريخ تجاه المدن التركية، والتي أصبحت حدثاً يومياً في مدن مثل كلس، والتي وصلت مؤخراً حتى مطار غازي عينتاب، الذي يبعد 35 كم عن الحدود مع سوريا.
إضافة لذلك لمنع اتصال كانتون عفرين، مع الأراضي التي يحتلها الأكراد شمالي سوريا، الأمر الذي سيؤدي لتحول الكانتون الكردي تلقائياً إلى دولة، تعزل تركيا عن عمقها السني، وتتأهب لاقتطاع أجزاء من شرقيها.
هذه العملية لن تكون بالسهولة أو البساطة الظاهرة، فهي ستكون فعلياً على أربع جبهات، جبهة ضد التنظيم وجبهة ضد الميليشيات الكردية التي تعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، والذي تنفذ تركيا الكثير من العمليات الأمنية ضده شرقيها، والذي سيكثف عملياته في تلك المناطق، كرد على استهداف جناحه السوري، إضافة للعمليات الأمنية التي ستحدث بشكل انتقامي داخل المدن التركية الأخرى .
ما يجعل الخطوات التركية باتجاه التدخل شمالي سوريا، وتحديداً الوصول إلى مارع ،عملية صعبة ومعقدة، على الرغم من محدوديتها الجغرافية، لكن امتداداتها تصل لمرحلة الإقليمية وحتى العالمية، خصوصاً أن الميليشيات الكردية مدعومة أمريكياً بشكل كبير، ما قد يؤدي لفيتو أمريكي على أي عملية تركية شمالي سوريا .

مقالات ذات صلة

لماذا تهدد "قسد" محافظ الحسكة بقطع الكهرباء؟

عناصر التنظيم يهاجمون عربة لقوات "قسد" بريف دير الزور

البادية السورية.. روسيا تزعم تدمير ثلاث قواعد في التنف

أمريكا تعلق على تقرير "العفو الدولية" الذي يتهمها بارتكاب انتهاكات في سوريا

من جديد.. التحالف الدولي يستقدم تعزيزات جديد

إقليم كردستان يبدأ ترحيل السوريين إلى مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"