بلدي نيوز - إدلب (محمد وليد جبس)
غابت الدوريات "الروسية - التركية"، للأسبوع الثاني على التوالي على طريق "حلب - اللاذقية" المُرمز بـ "M4"، وسط حشود وتعزيزات من قبل فصائل المعارضة وتركيا من جهة، وقوات النظام وميليشياته الإيرانية والروسية من جهة أخرى، في وقت يدور حديث عن احتمال بدء عمل عسكري للنظام على منطقة إدلب، بهدف قضم مناطق جديدة في جبل الزاوية بريف إدلب والكبينة بريف اللاذقية.
وتزامن توقف الدوريات على طريق "M4"، مع اشتعال جبهات اللاذقية ومحاولات تسلل شبه يومية للنظام نحو المنطقة، بالإضافة لقصف يومي من قبل ميلشيات روسيا والنظام وإيران على مناطق جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وتحليق مكثف لطائرات روسيا وإيران في منطقة إدلب بدءا من اللاذقية وحتى جبل الزاوية وريف حلب الغربي.
توقف الدوريات
واعتبر العقيد "مصطفى بكور" القيادي العسكري في فصيل جيش العزة التابع للجيش الوطني السوري خلال حديثه لبلدي نيوز؛ أن الوضع بين روسيا وتركيا ليس على ما يرام في سوريا، وخاصة في ظل تناقض التصريحات بين الطرفين، قائلا "يبدو أنه بعد دخول قانون قيصر حيز التنفيذ ووقوف تركيا مع القانون أصبحت العلاقات "الروسية - التركية" أكثر توترا، ما أدى إلى توقف مؤقت للدوريات وخاصة بعد استهداف الدورية الروسية منذ فترة على طريق M4".
وأضاف أن القوات الروسية وميليشيات النظام تحشد على مختلف المحاور منذ فترة، وهذا الأمر معروف بالنسبة للأتراك والفصائل ولا يخفي الروس نواياهم برغبتهم شن عمل عسكري كمرحلة أولى جنوب M4 والساحل، مشيرا إلى أن محاولات التقدم على محاور "الحدادة" بريف اللاذقية دليل على ذلك.
تفاهمات أم خلافات
وتابع القيادي قائلا "كل ما يحدث أو سيحدث جنوب M4 يأتي في إطار الاتفاقات الروسية التركية غير المعلنة، والأحداث القادمة ستكشف الحقائق، وما شهدناه على طريق M4 من جديد، من نشر القوات التركية نقطة مهمة على "تلة الراقم" القريبة والمطلة على الكبينة والحدادة، وتعزيز الفصائل لقواتها في نقاط الرباط الأمر الذي يوحي باحتمال مواجهة قوية جنوب M4 قد تؤدي إلى تغيير خريطة السيطرة في الشمال السوري المحرر".
تفاهمات دولية
من جانبه، اعتبر العميد "أحمد رحال" في حديث خاص لبلدي نيوز، أن الملفات قد اختلطت اليوم في بعضها البعض؛ فما يحصل في ليبيا ينعكس على سوريا وما يحصل في أذربيجان وأرمينيا، ينعكس على الوضع في سوريا، ويبدو كأن روسيا انقلبت على التفاهمات التي أبرمت بين الرئيسين "التركي والروسي" في الخامس من آذار الماضي.
وقال العميد رحال "يبدو أن هناك تراجعا روسيا عن اتفاق 5 آذار تحت ضغط من إيران وحزب الله ونظام الأسد"، وأضاف "شاهدنا جميعا في الشهر السابع الماضي انتشار المقالات عبر الصحافة الروسية والتصريحات الروسية حول الاتفاق الذي جرى بين تركيا وروسيا والذي يتحدث عن أربعة مراحل لوقف إطلاق النار، وتسيير دوريات مشتركة ورسم خرائط جديدة فيها ومن ثم انسحاب لقوات النظام السوري من بعض المناطق إضافة إلى عودة المهجرين والنازحين والذي نراه اليوم هو معاكس للصورة السابقة".
مزاعم روسيا
ونوه العميد رحال أن نظام الأسد وإيران وحزب الله بدأوا بإرسال الحشود العسكرية ورفعوا جاهزية الفرقة 25 التابعة لقاعدة حميميم الروسية، والتي قابلها تعزيزات عسكرية من قبل الجيش الوطني والجبهة الوطنية حتى القوات التركية والتي بدورها ترسل أرتالا عسكرية جديدة، إضافة لإنشاء نقطة عسكرية جديدة في تلة الحدادة بريف اللاذقية بعد أكثر من أربع محاولات خلال أسبوع للدخول على جبل الساحل من جهة جبل الأكراد من قبل ميليشيات نظام الأسد وروسيا.
وأشار إلى أن روسيا لم توقف الدوريات، بل أنها انقلبت على تفاهماتها مع تركيا، رغم أن الروس يدركون أن المعركة في إدلب خاسرة سياسيا وعسكريا، موضحا أن سبب خسارتها السياسية يعود لدعم الموقف التركي من قبل أميركا وأوروبا، حيث أن تركيا ليست لوحدها في هذه المواجهة، وجميع الأوربيين يدعمون الموقف التركي لأنهم يعرفون أن 4 مليون نسمة في الشمال السوري إضافة إلى 4 مليون نسمة آخرين في تركيا، وهم عبارة عن قنبلة موقوتة من الممكن انفجارها في أي لحظة، مما ينعكس سلبا على جميع دول أوروبا، حسب قوله.
وعن الموقف الأميركي الذي قال مرارا إنهم لا يسمحون للنظام السوري وروسيا بالسيطرة على مدينة إدلب، إضافة إلى إدخال منظومة "هوك" للدفاع الجوي، من ضمن قوام الجيش التركي إلى إدلب، ما يدل على أنها رسالة إلى موسكو بعدم السماح لها بتجاوز اتفاق 5 آذار.
نتائج الحرب
واعتبر رحال أن المعركة خاسرة عسكريا بعد إدخال الجيش التركي 18 إلى 20 ألف مقاتل، إضافة إلى 5500 عربة وآلية ثقيلة، إضافة إلى 5 منظومات تشويش لحرب إلكترونية لصواريخ لمنظومات دفاع جوي، جميعها انتشرت شمال غرب سوريا، إضافة إلى الحشود على الحدود السورية التركية في ديار بكر وأورفا والعديد من المناطق.
وأشار إلى أن تركيا تراهن على ضغوط قد تسفر عن معركة عسكرية غير محسوبة لروسيا، لأن الأتراك بحسب ما نراه من دخول أرتال عسكرية ومعدات واصطفاف وتوزع قتالي وانتشار في نقاط قتالية حساسة واستراتيجية في المناطق المحررة، يدل على رسالة تقول أن هذه المنطقة (خط أحمر) ولن تسمح لإيران ولا لحزب الله ولا لروسيا ونظام الأسد بدخولها، مضيفا "إن لم يقرأ الروس هذه الرسالة فهناك كارثة كبيرة من الممكن أن يدفع ثمنها المواطن السوري في المناطق المحررة، ونظام الأسد وحزب الله والإيرانيين والفرقة 25 المدعومة روسيا الثمن الأكبر، وما حصل سابقا من تدخل تركي لمدة ثلاثة أيام فقط واستخدام الطائرة المسيرة "بيرقدار" وما فعلته بقوات النظام آنذاك، كان درسا لروسيا وجميع حلفاء نظام الأسد".
كورونا والمعركة
ويرى العميد رحال، أن المعطيات السياسية جميعها تقول بأنه لا قدرة لروسيا وإيران وحزب الله ونظام الأسد على القيام بعملية عسكرية على الرغم من أن روسيا تعلم أن إيران ونظام الاسد لا مصلحة لهم بالاستقرار، حيث يعاني نظام الأسد وإيران وحزب الله من ضغوط جمة، وأقرب مثال لذلك حادثة لبنان، بالإضافة إلى انتشار وباء كورونا والضائقة الطبية والاقتصادية التي تعانيها تلك الدول، وقد نشهد انقلابا في الشارع العلوي على الأسد، حسب تعبيره.
عملية محدودة
ورجح رحال أن تكون هناك عمليات عسكرية محدودة لأن الروس لن يدفعون بعمليات عسكرية واسعة على غرار ما حصل في سهل الغاب وريف حماة، أو ما حصل في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب بريف إدلب، مشيرا إلى أن روسيا إذا لجأت إلى هذا الأسلوب للحصول على الطريق الدولي الـ M-4 فسيكلفهم الكثير، وفق قوله.
يذكر أن قوات النظام والميليشيات المساندة له المدعومة روسيا حاولت التقدم على مواقع فصائل المعارضة في ريفي اللاذقية وإدلب الجنوبي، أكثر من 5 مرات متتالية، وباءت جميعها بالفشل، وتسببت بمقتل وجرح العشرات من جنود النظام بينهم ضابط روسي.