بلدي نيوز – (مها اسود)
ظهر فيروس "كورونا" في مناطق سيطرة فصائل المعارضة بالشمال السوري، منذ بداية شهر تموز الحالي، بعد مضي عدة أشهر على انتشاره في مناطق سيطرة قوات النظام، وسط مخاوف من تفشيه بين الأهالي لما فيه من كارثة إنسانية كبيرة نتيجة وجود عشرات المخيمات المكتظة بالنازحين.
وسجلت محافظة إدلب شمال غربي سوريا أول حالة إصابة بالفيروس، في 9 تموز الحالي، والتي تعود للطبيب "أيمن السايح" (39 عاما) أخصائي جراحة عصبية في مشفى "باب الهوى" الحدودي.
وأصيب الطبيب بفيروس "كورونا" بعد مضي 20 يوما على عودته من مدينة غازي عنتاب التركية لكونه يدخل إلى الأراضي السورية بانتظام بسبب عمله في مشفى "باب الهوى"، ليتفشى الفيروس بعدها بين عدد من العاملين في المستشفى ذاتها.
حجر سرمين
وفرض المجلس المحلي لبلدة "سرمين" شرق إدلب، يوم السبت الماضي 25 تموز، الحجر الصحي على كامل البلدة لمدة 14 يوم عقب تسجيل إصابة بفيروس "كورونا" فيها.
وجاء قرار الحجر الصحي على البلدة بعد تسجيل إصابة بالفيروس فيها تعود لسيدة مسنة من ذوي الأمراض المزمنة قادمة عن طريق التهريب من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة، حيث خالطت عددا كبيرا من الأشخاص في البلدة.
وأعلنت شبكة الإنذار المبكر التابعة لوحدة تنسيق الدعم، أمس الثلاثاء 26 تموز، في آخر إحصائية لها تسجيل 30 إصابة بالفيروس في مناطق سيطرة فصائل المعارضة بعد تسجيل إصابة جديدة في مدينة "الباب" بريف حلب الشرقي.
منسقو استجابة سوريا
ونوه المهندس "محمد حلاج" مدير فريق "منسقو استجابة سوريا" لبلدي نيوز، إلى عدم وجود استجابة حقيقية لمكافحة فيروس "كورونا" في الشمال السوري، حيث أن الموضوع يقتصر فقط على حملات التعقيم وتجهيز مراكز عزل.
وأشار "حلاج" إلى أن المصابين بالفيروس موجودون في منازلهم، وهذا الأمر يعتبر "غير منطقي"، لكونه من المفروض أن يكونوا في مراكز عزل صحي، لعدم نقلهم العدوى إلى الناس أو لعوائلهم على أقل تقدير.
وذكر، أن حملات التعقيم خطوة جيدة لا تفي بالغرض، ومن الممكن دخول أي شخص مخالط إلى أي مكان والذي بدوره سينقل العدوى إلى جميع الموجودين لعدم وجود إجراءات التباعد الاجتماعي أو حتى ارتداء الكمامات لدى الأهالي حتى بنسبة 1%.
وأكد "حلاج" أن هناك 1277 مخيما في الشمال السوري يعيشون فيهم حوالي مليون و40 ألف نسمة، والوضع حساس للغاية بما يخص فيروس "كورونا"، حيث حملات التوعية تطلب من الأهالي غسل اليدين لمدة 30 ثانية ولكن قاطني المخيمات لا يستطيعون الحصول على مخصصاتهم من مياه الشرب، كما أن موضوع الصرف الصحي غائب بنسبة كبيرة في كثير من المخيمات.
وكشف أن الشخص المصاب بالفيروس من الممكن أن ينقل العدوى في المجتمع العادي إلى 400 شخص خلال شهر واحد، إلا أنه في المخيمات سينقل العدوى إلى 2400 شخص وإلى 6000 شخص خلال أقل من شهر.
وختم حديثه بالقول، "نتمنى عدم وصول الفيروس إلى المخيمات لأنه في حال صار هذا الشيء فهناك كارثة كبيرة تنتظر الشمال السوري، لأن أهالي المخيمات من الممكن أن يحتكوا مع أي مصاب بالفيروس خارج المخيمات".
محلي سرمين
وفي سياق متصل، صرحَّ المهندس "علي قطش" رئيس المجلس المحلي لبلدة "سرمين" لبلدي نيوز، إن استجابة المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب لإجراء العزل الصحي للبلدة تعتبر "رديئة وضعيفة جدا".
وأضاف "قطش"، أنه منذ إجراء العزل الصحي لبلدة سرمين وصلت مساعدات قليلة للأهالي متمثلة بـ 5000 كمامة ومعقمات وحوالي 200 علبة "حمّص" و200 علبة "دبس بندورة" و180 ربطة خبز فقط.
وأشار إلى وجود وعود من المنظمات الإنسانية للمجلس المحلي للبلدة في توزيع المساعدات الإغاثية للأهالي، إلا أننا "لم نلمس تدخلا قويا حتى هذه اللحظة".
ولم تقدم حكومة الإنقاذ المدعومة من "هيئة تحرير الشام" أية مساعدات طبية أو غذائية أو إنسانية تذكر لبلدة "سرمين" التي أصدرت بحقها قرارا يقضي بعزلها بعد تسجيل أول إصابة بالفيروس فيها.
في حين أعلنت الحكومة ذاتها أن بلدة سرمين تعتبر نموذجا يمكن تطبيقه على أي بلدة أو مدينة في الشمال السوري من الممكن أن يظهر فيها إصابات بالفيروس.
"صحة المؤقتة"
وصرح الدكتور "مرام الشيخ" رئيس وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة لبلدي نيوز، إن عدد المشافي لعلاج فيروس "كورونا" في الشمال السوري، هي ثلاثة مستشفيات، وهناك ثلاثة أخرى احتياطية في حال كثرت الإصابات بالفيروس.
وأضاف "الشيخ"، أن المشافي الثلاثة مزودة بـ 66 جهاز تنفس صناعي ويوجد خطة في الأيام القادمة بأن يصل عدد هذه الأجهزة لـ 140 جهازا.
وأوضح، أن أغلب هذه الأجهزة موجودة في محافظة إدلب، بسبب الكثافة السكانية فيها، ويتم التركيز في الوقت الحالي على تأمين كمامات ومعقمات ونشر التوعية بين الأهالي ودعم القطاع الصحي في الشمال السوري بمنافس إضافية.
وأشار إلى وجود صعوبات لدى وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة في الوصول إلى بعض المناطق بالشمال السوري، لذلك قامت بإعطاء تفويض لبعض المنظمات لكي تشرف على تنفيذ خطة مكافحة "كورونا".
الدفاع المدني بمواجهة "كورونا"
بدوره، قال "رائد الصالح" مدير منظمة الدفاع المدني لبلدي نيوز، إن المنظمة هي جزء من خطة الطوارئ التي تم العمل عليها، بوقت سابق، مع مديريات الصحة والمنظمات الطبية للتدخل بشكل فوري في حال تسجيل إصابات بفيروس "كورونا"، بهدف السيطرة على الوباء ومنع انتشاره.
وأضاف "الصالح"، أنه تم التنسيق مع القطاع الطبي في الشمال السوري لتجهيز سيارات إسعاف ونقاط إخلاء للمصابين بالفيروس، حيث أن الدفاع المدني أنشأ بالفترة الماضية 32 مركزاً للاستجابة لحالات الاشتباه بفيروس كورونا ونقلها للمشافي ومراكز الحجر الصحي.
وأردف، أن الدفاع المدني يعمل على عدة مشاريع إبداعية للاستجابة لتفشي فيروس "كورونا" من بينها استخدام الطابعات الثلاثية لصناعة أجهزة التنفس الصناعية، حيث تم الانتهاء من صناعة أول جهاز وهو الآن ضمن مرحلة الاختبارات، كما تم صناعة واقيات الوجه البلاستيكية وهي حاليا في مرحلة الاختبارات النهائية لمتابعة المشروع، كما يمتلك الدفاع المدني القدرة على صناعة 2000 قطعة للكوادر الطبية وكوادر الخوذ البيضاء.
وذكر "الصالح"، أن الدفاع المدني أنشأ خطاً لإنتاج الكمامات في الشمال السوري والمعمل قادر على إنتاج ستة آلاف كمامة ثلاثية الطبقات في الساعة وبمواصفات قياسية، ومن المخطط أن ينتج المعمل تسعة ملايين كمامة في تسعة أشهر بهدف تأمين احتياجات المنطقة، وستوزع الكمامات على الكوادر الطبية والأشخاص الذي يحتكون بشكل مباشر مع المدنيين كعمال الأفران وغيرهم.
وتابع، "هناك تجارب أخرى مازالت قيد البحث منها إنشاء أماكن تعقيم للأشخاص، وأخرى لصناعة خوذ قادرة على كشف حرارة الجسم وكشف المصابين عن بعد، وهي تساعد على حماية الكوادر الطبية ومتطوعي الخوذ البيضاء".
وأردف، أن الدفاع المدني عمل منذ انتشار جائحة "كورونا" في العالم على تنفيذ عمليات تطهير وتوعية من الفيروس في الشمال السوري متمثلة بتطهير أكثر من 20 ألف مرفق عام ومخيم من بينها تنفيذ 3000 مهمة تطهير في المخيمات و1500 في المشافي والنقاط الطبية وأكثر من 3000 آلاف مهمة تطهير في المدراس و7000 للمساجد، بالإضافة لتطهير الأفران والأسواق والأبنية العامة، حيث يشارك 80 فريقاً من الدفاع المدني في عمليات التطهير التي تغطي كامل الشمال السوري، ويتألف وسطيا كل فريق من خمسة متطوعين.
وأكد أن فرق الدفاع المدني كثفت من عملها بعد الإعلان في 9 تموز عن تسجيل أول إصابة بالفيروس في الشمال السوري من خلال تكثيف عمليات التطهير والتوعية، وخاصة في المناطق التي تم الإعلان فيها عن ظهور الإصابات، إضافة للمخيمات والتي هي حقيقة على أبواب كارثة إنسانية، بسبب الاكتظاظ ونقص الخدمات واستحالة تطبيق إجراءات العزل الاجتماعي.
وشدد "الصالح" على أن التخوف حاليا هو انتشار الفيروس بين الأهالي خاصة بعد أن بلغ عدد الإصابات المسجلة حتى يوم أمس الثلاثاء 30 حالة، بحسب الجهات الطبية، لافتا إلى أن أي انتشار للفيروس في المنطقة التي تعتبر أكثر المناطق في سوريا من حيث كثافة السكان نتيجة لحملات التهجير يعني "كارثة حقيقية" لا سيما في المخيمات البالغ عددها 1277 مخيما، والتي تؤوي حوالي مليون مدني يعانون من أوضاع معيشية صعبة وفقدان الخدمات الأساسية ما يجعلها بؤرة حقيقية للفيروس.
وكانت حملت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في بيان لها، المجالس المحلية والقوة المسيطرة على محافظة إدلب، مسؤولية نشر الوعي وفرض الالتزام بالإجراءات الوقائية لمواجهة تفشي وباء كورونا المستجد "كوفيد-19".
فيما أطلق "منسقو الاستجابة في سوريا" تحذيراً حول فيروس كورونا، وذلك بعد تسارع وتزايد عدد الإصابات المسجلة في مناطق إدلب وريف حلب الشمالي.
وأكد منسقو الاستجابة في بيان لهم "أنه في حال عدم اتخاذ تدابير إنسانية عاجلة اتجاه تهديد فيروس كورونا في مناطق ريف حلب الشمالي ومناطق شمال غرب سوريا فالنتائج ستكون مدمرة".