بلدي نيوز - (عمر قصي)
تشهد مناطق محافظة دير الزور الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" غضبا عارما بعد تقديم الإدارة الذاتية منهاجا دراسيا تنوي تطبيقه في مدارس المنطقة، واجه كثيرا من الانتقادات بسبب إهماله الإسهامات العربية بالحضارة الإنسانية وحذف مراحل مهمة من التاريخ العربي والتربية الإسلامية، إضافة لوضع خرائط جديدة للمنطقة بمادة الجغرافية، واستحداث مواد جديدة تستلهم من أفكار (زرادشت و كونفيوس وماني ومزدك) وزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان.
ووجه معلمون ونشطاء انتقادات شديدة لمادة مضافة إلى المنهاج وهي مادة "الجنولوجيا" التي تشجع على "الحرية الجنسية"، وتعتبر مؤسسات الزواج والأسرة مؤسسات تدفع إلى عبودية المرأة، بشكل يتعارض مع كل قيم المجتمع المحلي في ديرالزور.
وفي مادة التاريخ، ألغيت العديد من الفقرات التي تتحدث عن مراحل تاريخية مهمة ورئيسية في التاريخين العربي والإسلامي، مثل العصرين الأموي والعباسي، وأهمل ذكر ودراسة الكثير من الأحداث المشرقة في التاريخ العربي عن عمد.
وتلاعب منهاج إدارة "قسد" بشكل كبير في مادة الجغرافية، التي وضع داخلها خريطة جديد لـ "كردستان/ روجآفا" بعد اقتطاع إجزاء من العراق وسوريا وإيران وتركيا وضمها إلى الخريطة، إضافة إلى تغيير أسماء مدن وبلدات رئيسية في شمال شرق سوريا، وحذف المنهاج مادة التربية الإسلامية بشكل كامل بكل المراحل الدراسية، واستبدلها بمادة "الثقافة والأخلاق" أو "معتقدات الشعوب"، وتناقش المادة الديانات الزرادشتية والايزيدية، إضافة إلى العديد من الديانات الأخرى التي تقدس الطبيعة، أو التي تشجع على الإلحاد.
واستلهم واضعو مناهج إدارة "قسد" بشكل خاص في مادتي "الجنولوجيا والثقافة" محتواها من أفكار زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان و الديانة الزرادشتية.
أما في مادة الفلسفة، حذف واضعو المنهاج الفلسفة الحديثة التي على أساسها قام عصر النهضة في أوروبا، واستبدلتها بفلسفة أربع فلاسفة قدماء هم (مزدك وزرادشت وماني وكونفوشيوس)، كما حذفوا كل الفلسفة العربية كفلسفة (ابن سينا وابن رشد، والفارابي)، للتقليل من دور العرب والحط من شأنهم في الإضافة الإنسانية الحضارية، وفقا لمعلمين تواصلت معهم بلدي نيوز.
وتضمن المنهاج ترويجا واضحا لقوات "قسد" ومسلحيها وأفكار حزب العمال الكردستاني "ب ك ك" وقائده عبدالله أوجلان.
وخلال اجتماعات نظمتها إدارة "قسد" لشرح المنهاج والتمهيد لفرضه، أبدى معلمو دير الزور رفضهم له وتمسكوا باستمرار التدريس في منهاج اليونيسيف والمنهاج السوري بعد حذف مادة التربية القومية منه.
ورفض المعلمون بالإجماع الموافقة على منهاج "قسد" خلال عمليات تصويت نظمت خلال مناقشة المنهاج في بلدات (أبو حمام والشعفة والشحيل وهجين).
وأكد المعلم في المرحلة الابتدائية "حسن الشعيطي"، أن سبب رفض المنهاج كان بسبب تعارضه مع عادات وتقاليد أهالي دير الزور، وتعارضه مع الدين الإسلامي.
وأشار "الشعيطي" بحديثه لبلدي نيوز، إلى أن المنهاج الدراسي في الوقت الحالي الذي يدرس بدير الزور هو المنهاج السوري باستثناء مادة القومية بالإضافة إلى تدريس منهاج اليونيسف للمرحلة الأولى، لافتا أن الحراك الشعبي ضد منهاج "قسد" سوف يستمر في حال قررت فرضه بالقوة على المنطقة.
الباحث "بدر ملا رشيد" الباحث الاجتماعي في مركز عمران للدراسات، أكد أن المنهاج الجديد الذي قدمته الإدارة الذاتية يثير حفيظة الكثير من الأهالي، مشيرا إلى أن هذا الرفض لمناهج الإدارة الذاتية حصل حتى في "المناطق الكُردية".
واعتبر "ملا رشيد" بحديثه لبلدي نيوز، أن سبب الرفض للمنهاج يتعلق بالمشاكل التي يتسبب بها، منها ما يحدث حاليا هو ما يتعلق بعدم الاعتراف الرسمي به، ومنها ما يتعلق من بالأفكار الحزبية التي تحويها هذه المناهج وتتعلق بالترويج لأفكار طرف حزبي على مجموع السكان.
ولفت أن بعضاً من الكتب التي يتم تدريسها تحتوي على مواضيع من حيث المبدأ يًفترض إنها تروج لمفاهيم حرية المرأة، إلا إنها حيث المضمون تحوي أفكاراً حزبية يحاول حزب الإتحاد الديمقراطي "ب ي د" تمريرها بين المجتمعات المحلية ذات الطبيعة المحافظة دون أن يكون لهذه الأفكار أية حوامل مجتمعية.
وقال إن الإدارة الذاتية تهدف من عملية فرض المنهاج الجديد التأثير على جيلٍ كامل بأفكار حزب "ب ي د" ، كما إنها تريد فرض التمكين المحلي لمشروعها عبر السيطرة على السلك التعليمي بما يعنيه من كتلة بشرية ضخمة، وترتبط هذه بأجندات سياسية تخدم المشروع السياسي وأيديولوجيتها دون تدعيم العملية تقنياً وفنياً وتسيطر "قسد" التي تقودها الوحدات الكردية ذراع حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" العسكرية على المنطقة الواقعة شمال نهر الفرات في دير الزور، والتي تعرف بـ"الجزيرة"، وتضم عدة بلدات كبيرة منها البصيرة وهجين، وبلدات عشيرة الشعيطات وهي الحمام والغرانيج والكشكية.
وسيطرت "قسد" على المناطق المذكورة بعد طرد تنظيم "داعش" منها بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد معارك شرسة استمرت عدة أعوام وانتهت في 23 آذار عام 2019.
الجدير بالذكر أن "قسد" أغلقت في شهر حزيران عام 2016، معاهد التعليم الخاصة في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، وتوعدت بمساءلة المدرسين الذين يعطون دروساً خصوصية في المنازل.