استراتيجيات الحرب الأمريكية على "الإرهاب الإيراني".. هل تدفع طهران للانسحاب من سوريا؟ - It's Over 9000!

استراتيجيات الحرب الأمريكية على "الإرهاب الإيراني".. هل تدفع طهران للانسحاب من سوريا؟

بلدي نيوز – (تركي مصطفى) 

بعد تصنيف الولايات المتحدة للميليشيات الإيرانية وفي مقدمتها الحرس الثوري تنظيمات إرهابية، تعد مطالبتها بإخراج إيران من سوريا، جزءا من حربها الدولية الشرسة على الإرهاب، وهي، كما تظهر، صراع مفتوح، تنظمه استراتيجيات ظرفية، وطويلة الأجل، مرتبطة بتحولات سياسية واقتصادية، كشفتها استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمكافحة الإرهاب الإيراني، وذلك بالانسحاب من الاتفاق النووي بداية، وإطلاق يد إسرائيل بقصف الميليشيات الإيرانية المتوزعة على كامل مناطق نفوذ الأسد، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة، كان لها تداعيات كبيرة، ولكن الملمح الأميركي الأكثر استراتيجية تمثل باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس ومهندس السياسة التوسعية الإيرانية في الإقليم العربي.

إجمالا، بدا واضحا أن الإدارة الأمريكية تتبنى مؤخرا مع حلفائها في المنطقة، بالأخص "إسرائيل" لمواجهة التوسع الإيراني، استراتيجية عسكرية تصاعدية، تحولت من ممارسة أقصى الضغوط الناعمة على إيران حتى تغير سلوكها، إلى استراتيجية شمولية مستنسخة من حربها ضد "الإرهاب" والتي قامت على مؤدى يصف أنشطة الحرس الثوري الإيراني بـأنها "تهديد لأمن المنطقة وراعية للإرهاب"، مع ملاحظة أن واشنطن تتحمل مسؤولية أخلاقية كبرى في ظهور "الإرهاب الإيراني" فهي التي دعمت توسعها في العراق وسوريا واليمن وقبل ذلك في لبنان. 

وبدت الولايات المتحدة على قناعة بأن "نموذج استراتيجية المواجهة الشمولية" ضد الميليشيات الإيرانية بوصفها تنظيمات إرهابية، غير قابلة للحوار، وأن أنشطتها تمثل تهديدا لمصالحها ومصالح حلفائها، فضلا عن الحروب التي شنتها إيران ضد الشعب السوري وما نتج عنها من انتهاك لحقوق الإنسان، ترقى بمجملها إلى جرائم الإبادة.  

بعد دخول الطيران الإسرائيلي في هذه الحرب، منذ عام 2013، ازداد نشاطه في عهد الرئيس الحالي، دونالد ترامب، حيث ناقش وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الأربعاء الماضي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "الحد من النشاط الإيراني، وتحجيم موارده"، فيما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي "مواصلة الجهود لمواجهة إيران في إطار الشراكة، وصدّها في الشرق الأوسط وفي سوريا وفي كل مكان".

كما كشفت مصادر متطابقة عن تشكيل "تحالف بين إسرائيل وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وروسيا، للعمل على إغلاق الكاريدور الإيراني (طهران – بيروت) عند نقطة البوكمال السورية، ومجابهة النفوذ الإيراني".

اجتماع التنف

وكشفت مصادر خاصة حصلت عليها "بلدي نيوز"، أن اجتماعا عقد قبل أيام في قاعدة التنف العسكرية ضم إلى جانب الولايات المتحدة، قيادات من "قوات مغاوير الثورة"، و"قوات النخبة" العاملة في القاعدة المذكورة، وبعض القيادات العربية العاملة في "قسد" بهدف شنّ عمليات عسكرية ضدّ الميليشيات الإيرانية، وهذه العملية مرهونة بمحاولة روسيا إقناع إيران بسحب قواتها من المنطقة الشرقية وبالأخص منطقة البادية، على أن تحل قوات روسية مكان الميليشيات الإيرانية. 

ومثلت الأشهر الأخيرة، نقطة تحول في الحرب على الميليشيات الإيرانية في سوريا؛ وشهدت هجمات عنيفة ودقيقة نفذتها الطائرات الإسرائيلية والأميركية دون طيار، على عدد من معاقل الميليشيات في المناطق الشرقية والجنوبية والشمالية من البلاد، وفي العراق التي قتل فيها "الجنرال قاسم سليماني" وأبرز قادة الصف الأول، ولم يمر النصف الأول من العام الجاري، حتى بدأت إيران انسحابا جزئيا من بعض المناطق السورية، وكان المبعوث الأميركي للملف السوري، جيمس جيفري، قال إنّ الإيرانيين "يقلصون بعض أنشطتهم في سوريا بسبب المشكلات المالية، ما يعكس النجاح الهائل لسياسات العقوبات الأميركية على إيران". 

دعوات أمريكية وتجاهل إيراني

من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان من النظام الإيراني مغادرة سورية". ولكن طهران تجاهلت صدى هذه التصريحات، وجاء الرد عبر وكيلها في لبنان حسن نصر الله الذي قال في خطابه أول أمس: "لا توجد قوات عسكرية إيرانية في سوريا، وإنما يوجد مستشارون وخبراء إيرانيون. ونفى بازدواجية واضحة الانسحاب من سوريا، ولكنه أكد على أنّ المعركة قد انتهت وآن الأوان للعودة إلى الجنوب اللّبناني؛ هذا التلاعب يتجسد عمليا بخطة قائد فيلق القدس الجديد، إسماعيل قاآني، التي تتمثل بإعادة انتشار ميليشياته في سوريا، ولن يتأخر الكشف عنها وفق مناورة لا تناسب المرحلة القائمة، إذ أن الإدارة الأمريكية تشعر بجدوى النتائج، التي حققتها استراتيجية " الحرب المفتوحة"، للحدّ من تزايد نشاط الميليشيات الإيرانية، وتنامي قدراتها.

وشرع الرئيس ترامب في تنفيذ استراتيجيته عمليا لمحاربة إيران في سوريا والمنطقة، إثر اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في الثالث من يناير 2020 بواسطة قصف صاروخي بالقرب من مطار بغداد لتبدو العملية كما لو أنها افتتاحية دموية لدورة مختلفة من السجال مع إيران، مثلتها لاحقا الزيادة في تكثيف الهجمات، التي شنتها الطائرات الأميركية دون طيار، والطيران الإسرائيلي، ليتضاعف عدد الهجمات التي شملت كل المواقع العسكرية الإيرانية في الجبهة وعلى طول الحدود في هضبة الجولان حيث تقصف هناك مواقع نشرها حزب الله وكذلك قواعد في عمق الاراضي السورية بعيدة عن حدود إسرائيل كتلك التي شنتها قبل أسبوع جنوب مدينة حلب، مما يدلل على ملامح التحول في الحرب على ميليشيات إيران في سوريا. وفي اتجاه موازٍ، ومستمر، ازداد نشاط وزارة الخزانة الأمريكية في إدراج أسماء ميليشيات عسكرية شيعية موالية لإيران، وشخصيات اقتصادية داعمة في لائحة العقوبات الأمريكية، كما دفعت العديد من دول العالم لاتخاذ إجراءات مماثلة فاستجابت ألمانيا بحظر نشاط حزب الله على أراضيها.  

مثلت مواجهة الولايات المتحدة لإيران في الإقليم، دفعا لاستراتيجيتها في الحرب على إيران؛ حيث نشهد في الآونة الحالية سباقاً منقطع النظير، بين كافة فرقاء الصراع في المنطقة، لإثبات حسن النية، وإبداء الإخلاص في التعاون لمواجهة إرهاب الميليشيات الإيرانية، وأخذ هذا التعاون طابعا عملياً وفق مبدأ تقاسم أعباء المواجهة، ودخلت روسيا، بوصفها ضابط إيقاع الملف السوري، كشريك مثير للجدل في هذه المواجهة، سواء من خلال التفاهم الثنائي مع إسرائيل لتنسيق الهجمات الجوية الإسرائيلية، أو قيامها باستقطاب عناصر محليين جندتهم إيران ضمن ميليشياتها، من خلال الإغراء بالمال ، وعوامل استقطاب أخرى. 

 وبالنتيجة، فالحرب المفتوحة ضد الميليشيات الإيرانية في سوريا، والتحولات، التي تحفل بها الأحداث الجارية تشير إلى الاتجاه الصحيح في التعامل مع التهديدات الإيرانية؛ ولكن تراجع أنشطة الميليشيات وانسحابها من بعض المواقع العسكرية وبالأخص من ريف دير الزور الشرقي لا يعدو أن يكون تكتيكيا، بانتظار تحولات ما، لتعاود إيران نشاطها بقوة، وذلك ما يؤكد على أن أمام طهران خيارين لا ثالث لهما، الأول: اتباع سياسات المراوغة والمماطلة والمساومة بأوراق إقليمية ضاغطة، وهو خيار سيسرع من الحرب ضدها، و الخيار الثاني: الذهاب إلى مرحلة جديدة من التفاهم حول الانسحاب من سوريا وهو خيار يعني هزيمة إيران سياسيا وعسكريا.

من هنا، فالاستراتيجية الإيرانية ستعمل على مضاعفة رفع جاهزية وكفاءة ميليشياتها العسكرية في سوريا تزامنا مع خفض أعدادها لتجنيبهم الاستهداف الجوي الإسرائيلي، وكذلك الطيران "المجهول".

ويدعم هذا المذهب رئيس المخابرات السابق في الجيش الإسرائيلي عاموس يادلين والممثل الأميركي الخاص لسوريا جيمس جيفري، اللذان أكدا أن إيران لا تنسحب من سوريا بل تغير تموضع قواتها فقط.

مقالات ذات صلة

فتح ملف منشأة الكُبر" النووية بديرالزور بعد قرابة 12 عامًا من توقفه

مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى" الوضع السياسي في سوريا وصل إلى طريق مسدودة"

فيدان: لا نتهرب من لقاء الأسد لكن يجب عليه مراجعة نفسه أولا

اغتيال مدير هيئة الأوقاف التابعة للنظام في مدينة الميادين

ماذا جاء في البيان المشترك للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا؟

حزب الله يستبدل الطرق البرية بأخرى بحرية لشحن أسلحته إلى سوريا