بلدي نيوز- (عبدالقادر محمد)
لاقت مجزرة عفرين، الكثير من ردود الفعل الغاضبة على الساحة السورية، خاصة أن التفجير يعد الأكبر من نوعه، وتسبب بمجزرة راح ضحيتها 52 مدنيا وعشرات الجرحى، في عملية وصفها الجميع بـ "الإرهابية"، وتبادلوا فيها الاتهامات بالمسؤولية بالتزامن مع تعالي أصوات معارضة تتهم الجهات العسكرية المحسوبة على "الجيش الوطني" بالتقصير في حماية المدينة، والتراخي بحفظ أمنها وحمايتها من الهجمات الإرهابية.
اتهامات متبادلة
واتهمت تركيا التي تدعم "الجيش الوطني السوري"، قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بالمسؤولية عن التفجير الإرهابي، وحمّل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو داعمي "الوحدات الكردية" مسؤولية التفجير بعفرين، مشيرا إلى أنهم يسعون لشطب "الوحدات الكردية" من قوائم الإرهاب، حيث تعتبر تركيا الوحدات امتدادا لحزب العمال الكردستاني "ب ك ك" الذي تحاربه ويصنف على قوائم الإرهاب في الغرب.
وأضاف جاويش أوغلو، إن "الوحدات الكردية" التي وصفها بالتنظيم "الإرهابي الغادر"، قتل المدنيين الأبرياء في عفرين وغير آبه لوجود الأطفال ودون اعتبار لشهر رمضان المبارك.
بالمقابل، أدان مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" الذراع السياسية لقوات "قسد" التفجير الذي ضرب مدينة عفرين شمال حلب، ووصفه بالإرهابي ملقيا بالمسؤولية على تركيا وفصائل "الجيش الوطني" المدعومة من قلبها.
قفص الاتهام
وتقع مسؤولية حماية المناطق المحررة على عاتق المؤسسات الأمنية التابعة للجيش الوطني، فهي المسؤولة عن إغلاق المعابر وضبطها وحماية المدنيين وضبط الحواجز ومسؤولة عن أمنهم، وفقا لرئيس اتحاد الإعلاميين السوريين "سعد السعد".
ويضيف "السعد" في حديثه لبلدي نيوز: "دعمنا كافة المؤسسات وعلى رأسها الجيش الوطني، ولمسنا لهم العذر وأعطينا لهم الفرصة وخصوصا بعد أن كانت أجهزتنا فتية وبحاجة لوقت، لكن الآن وبعد كل التجاوزات والفساد واللامبالاة الحاصلة، كان لزاما علينا التصعيد من حدة المطالبات وذكر أسماء الجهات المسؤولة عن أمن المدني البسيط الذي احتار في معيشته حقيقة، وكان لزاما على الجميع حمايته"، واعتبر أنه لا بد من "إعادة النظر في التركيبة والمنظومة الأمنية واتخاذ إجرائات حازمة واتخاذ كل مايلزم من أجل إيقاف هذه التفجيرات في كافة المناطق المحررة".
وكان "اتحاد الإعلاميين" طالب في بيان له باستقالة قائد الشرطة العسكرية في عفرين "المقدّم محمد الحمادين/أبو رياض"، وقائد فرع الأمن السياسي في عفرين "محمد راجي"، وقائد الشرطة المدنية في عفرين "مهند الحسين" ونائبه "عامر المحمد"، كما طالب قادة الفيالق الثلاثة في الجيش الوطني باستقالتهم فوراً، وطالب القيادة التركيّة التي تخضع المنطقة لنفوذها العسكري والأمني، بتحمّل مسؤوليتها في ضبط أمن المنطقة، والتي تشمل مدينة عفرين وباقي المناطق التي يسيطر عليها "الجيش الوطني" في ريف حلب.
الخلل الأمني
وتكمن سهولة اختراق المناطق الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" من قبل عملاء قوات "قسد" و"داعش" وحتى النظام، وفقا لمصدر أمني من الجيش الوطني عدة أسباب، أول هذه الأسباب الأول "هو الوضع المعيشي ورواتب عناصر الجيش الوطني المتدنية، والتي تجعل من إمكانية شراء ذمم بعضهم لقيام بتمرير السيارات المفخخة أمرا ممكنا، خاصة من قبل منظمة تملك تمويلا ماليا كبيرا مثل قوات "قسد"، وتدفع آلاف الدولارات لبعض ضعاف النفوس" بحسب المصدر.
ويضيف المصدر، أن عدم وجود تعاون أمني بين المناطق الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" يسهل مثل هذه الاختراقات الأمنية، وكل الأجهزة الأمنية في كل منطقة مستقلة ولا تتعاون مع منطقة أخرى، فالجهاز الأمني في جرابلس مستقل عن الباب وعن إعزاز وبطبيعة الحال عفرين".
وأردف: "العشوائية تسيطر على الملف الأمني في كل المنطقة، ناهيك عن الاستقلال المناطقي؛ هناك الاستقلال الفصائلي حيث يتبع لكل فصيل من الجيش الوطني لا بل من الفيلق نفسه بالجيش، جهاز أمني مستقل لا يقدم المعلومات إلا لقيادته".
ويرى الناشط الإعلامي "ميلاد شهابي"، أن الهدف من التفجيرات هو تدمير البنية الاجتماعية وزرع الخوف والرعب بين الناس، من أجل إفشال المنطقة أمنيا.
ويشير "الشهابي" بحديثه لبلدي نيوز إلى أن سبب تكرار هذه الهجمات هو عدم وجود عقوبة تردع من يتسبب بهذه التفجيرات، حيث تم إلقاء القبض على العشرات من الخلايا التي تقف وراء الكثير من التفجيرات، لكن لم تتخذ أي عقوبة رادعة بحقهم.
ويتفق "الشهابي" مع "اتحاد الإعلاميين"، على وجود "تقصير أمني من قبل حواجز الشرطة التي لا تجري عمليات تفتيش للسيارات، ولا يمكن أن تدخل سيارة بهذا الحجم دون تعاون من داخل عفرين.
ويشدد على أنه يجب أن تتخذ إجراءات من أجل الحد من الهجمات الإرهابية، وأولها "منع كافة المظاهر المسلحة وإغلاق المحال التي تبيع السلاح والذخائر، وإغلاق المقرات العسكرية التابعة للجيش الوطني والأتراك، وضبط مداخل ومخارج المدينة وتركيب أجهزة كشف المتفجرات".