التفاعلات الجديدة في قمة موسكو.. اتفاق جديد أم مواجهة مفتوحة؟ - It's Over 9000!

التفاعلات الجديدة في قمة موسكو.. اتفاق جديد أم مواجهة مفتوحة؟

بلدي نيوز - (تركي مصطفى) 

مقدمة

مازالت المعارك مستمرة في محافظة إدلب بين فصائل المعارضة التي يساندها الجيش التركي، وروسيا وميليشيات إيران والأسد، ورغم مسار المعارك المتقلب خلال الأيام الماضية، بين الهجوم والدفاع إلا أن فصائل المعارضة امتلكت المبادأة بالهجوم وتطويره، فيما الميليشيات الإيرانية تعاني من خذلان الروس وعدم التحرك بما فيه الكفاية لحمايتهم من الطيران التركي المسيّر. 

وأطلقت تركيا فجر الأول من مارس/آذار 2020 عمليتها العسكرية "درع الربيع" في محافظة إدلب بالاشتراك مع فصائل المعارضة السورية، والتي سبقها أسابيع من تعزيز الفصائل لجبهات القتال بالعدة والعتاد، رافقها حشد تركي عسكري غير مسبوق في منطقة خفض التصعيد الرابعة، أو ما تبقى منها تحت سيطرة المعارضة المسلحة، إثر تقدم قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية المساندة لها، وتصاعدت العمليات العسكرية بعد مقتل 34 جنديا تركيا وعشرات الجرحى في قرية بليون جنوب إدلب، لتعيش معظم محاور جبهات قوات الأسد والميليشيات الإيرانية حالة من الذهول جراء الخسائر الكبيرة، وهو ما جعل مهمة الضغط على تلك الميليشيات من قبل الفصائل أسهل، ودعا قيادي ميداني من ميليشيا حزب الله اللبناني، إلى دق ناقوس الخطر فيما يحدث من "خذلان روسي" بعد مقتل عشرة عناصر للحزب وجرح آخرين في معارك إدلب.

وعلى الرغم من المحادثات الروسية التركية المكثفة، إلا أن جميعها فشلت في تطوير إطار سياسي لوقف إطلاق النار بشكل حازم وإيجاد حل لاتفاق سوتشي الذي يشكل جوهر الصراع الجاري. 

في هذه الأثناء، استكملت تركيا حشد حلفائها التقليديين في حلف الناتو، فبدى وكأن سوريا تقاد نحو مرحلة سياسية وجيوسياسية جديدة، ستبدأ من حيث تنتهي إليها قذائف المدفعية، بانتظار أن تعلن موسكو وأنقرة نتائج لقاء الرئيسين بوتين وأردوغان لتبدأ صافرة البداية أو النهاية لهذه الحرب. 

نيران صديقة تؤجج الصراع

مع بداية الأسبوع الأول من معارك شهر فبراير/شباط الماضي، بدى واضحا أن الأتراك استيقظوا على خديعة روسيا لهم، هذا ما أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حينها إنه لم يعد هناك شيء اسمه "مسار أستانا" بشأن سوريا، في إشارة منه إلى استمرار نظام الأسد في انتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار. وفيما كان الخطاب الروسي يركز على عدم التصادم مع تركيا في سوريا، جاء تنفيذه الهجوم على النقطة العسكرية التركية المحدثة والتي تحمل الرمز "201" المتمركزة في قرية بليون، وكانت النتيجة مقتل 34 جنديا تركيا يوم الخميس 27فبراير/شباط الماضي، ثم حاولت موسكو، بكل ما أوتيت من حيل، لملمة القضية من خلال إنكارها هجوم بليون وتحميل تركيا كامل المسؤولية، لأنها لم تخبر الروس مسبقا عن أماكن انتشار القوات التركية، ولا شك أن موسكو تفاجأت بحجم الرد التركي لأنها لم تقرأ العقلية التركية في ظرف سياسي متغير، تجلى من خلال الكفاءة البالغة للجيش التركي، وقوة النيران الفائقة. والتي بنتيجتها أسقطت طائرات من نوع سوخوي 24 لنظام الأسد بدون أن تخترق مجال سوريا الجوي، ثم أسقطت بعد ذلك طائرة حربية من نوع لام 39؛ مما أدى إلى غياب شبه تام لطيران الأسد، وصرح "خلوصي أكار" قبل أيام أن القوات التركية حيدت أكثر من 2000 عنصر من قوات النظام، بالإضافة إلى تدمير طائرة مسيرة و8 مروحيات و103 دبابات و72 راجمة صواريخ ومدفعية و3 أنظمة دفاع جوي".

 وكان لاستخدام الطائرات المسيرة التركية بالغ الأثر في تدمير عدد كبير من الدبابات وعربات الجنود والمدافع. كما استخدم الأتراك صواريخ أرض أرض من نوع "بورا" أدت إلى تدمير معمل خطوط إنتاج السلاح الكيماوي الذي ينتج غاز الكلور في معامل الدفاع بالسفيرة جنوب حلب، وتدمير مطاري كويرس والنيرب بالقرب من حلب، واحتدم الصراع على الطريق الدولي "إم 5" إثر محاولات أطراف الصراع السيطرة على مدينة سراقب باعتبارها عقدة الطرق الدولية، كما حققت المعارضة المسلحة تأمين القسم الأكبر من منطقة جبل الزاوية، وباتت الاشتباكات على محور بلدة كفرنبل، البوابة الغربية لمدينة معرة النعمان. وكشفت مراصد المعارضة المسلحة حجم الذعر الذي أصاب أوساط قوات نظام الأسد والميليشيات المساندة لها حيث أظهرت تسجيلات صوتية لعناصر حزب الله اللبناني يتهمون فيها الروس بالتخلي عنهم في معارك شرق إدلب. وبدا واضحا حجم اتساع الخلافات بين موسكو وأنقرة من خلال ما تناقلته وسائل الإعلام عن ماهية المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين بوتين وأردوغان والتي علا فيها صوتهما على غير العادة، حيث سأل أردوغان بوتين أن عليه ألا يقف في طريق قواته، بينما طلب بوتين من أردوغان الخروج من إدلب. 

الاستعداد للحرب 

إنها الحرب إذن، وكل ما يجري، يعتبر، مظهراً من مظاهر الاستعداد لها فقط. رغم مبادرات الحوار المرتقب في قمة موسكو والتي ستجمع بين الرئيسين بوتين وأردوغان اليوم الخميس، والمرهون أساساً بما مررته لجان متابعة إدارة الأزمة التابعة لكلا الطرفين، والذي تسرب من خلالها مدى اتساع الفجوة بين الحليفين، وبدا الآن وكأن أنقرة صحت على الخدعة الروسية  بعد تنصل بوتين من الاتفاق الذي عقده مع أردوغان خريف العام 2018 في سوتشي. وهذا يعني أن أردوغان يحمل في جعبته أوراق قوة عسكرية وسياسية ضاغطة للحصول على صفقة أفضل حينما يذهب إلى موسكو. وبالمقابل فإن بوتين سيعمل من خلال هذا اللقاء على  آلية مبتكرة لتدوير اتفاق سوتشي وإخراجه في هيئة جديدة لا تقل فظاعة عن حالته الراهنة، وهذا ما لم يقبل به أردوغان بناء على تصريحه وهو في طريقه إلى موسكو "تخوض تركيا كفاحا تاريخيا ومصيريا من أجل حاضرها ومستقبلها، ونحن نواصل العمل بلا هوادة ليلا ونهارا من أجل تحقيق نصر سيحافظ على مصالح بلدنا وأمتنا وسيتمخض عنه نتائج كبيرة كتلك التي شهدناها قبل مائة عام"، وأضاف: "ندرك أننا إذا تهربنا من النضال في هذه المنطقة الجغرافية التي تعرضت إلى الاحتلال والظلم على مر التاريخ ولم نتمسك بوحدتنا وتضامننا فإننا سندفع أثماناً أكبر بكثير جدا".

من هنا، يدرك الرئيس التركي، وهو يمضي في طريقه إلى موسكو، أن لديه متسع من الوقت، للتخلص من حليفه الجديد وليعود إلى الصدارة السياسية في حلف الناتو، والإحساس ذاته، ينتاب الرئيس الروسي من موقعه في التاريخ الروسي في سبيل إعادة أمجاد القيصرية السالفة. 

ولعل ما تحمله حقيبة الرئيس التركي على طاولة المفاوضات هو ما أعلنه وزير الدفاع، خلوصي أكار، الذي يشرف على عملية "درع الربيع"، بأن هدف العملية هو تأمين نقاط المراقبة التركية، وتأمين الحدود، والحفاظ على أمن وسلامة المدنيين في إدلب، وإجبار النظام على احترام اتفاق سوتشي وإعادة قواته إلى ما خلف خطوط منطقة عدم التصعيد.

القمة.. وتحريك ورقة المنافع 

سيجد بوتين، وإلى جانبه رموز من أركان إدارته البراغماتيين، أنهم في حاجة ماسة إلى تحريك ورقة المنافع المتبادلة مع تركيا، وأن تقديم تنازلات تتعلق باتفاق سوتشي، مثل إخضاع الطرق الدولية، لآلية رقابية مشتركة، والعودة إلى تطبيق الاتفاق، يمكن أن يُقايض بها مقابل سلعة سياسية ثمينة.

هذه السلعة الثمينة، هي تعويم نظام الأسد كواجهة للاحتلال الروسي، وما يمثله ذلك من قطع للطريق أمام الولايات المتحدة. بعدما أظهرت واشنطن تعاطفًا واضحاً مع الموقف التركي إلى الحد الذي وصف فيه المبعوث الأميركي جيفري قتلى الجيش التركي في إدلب بالشهداء. كما أجرى أردوغان وترامب عدة اتصالات هاتفية طوال فبراير/شباط لمناقشة مسألة إدلب ومطالب أنقرة بالدعم الغربي. وإعلان الولايات المتحدة أنها ستقدم دعما عسكريا بالذخائر لتركيا في عملياتها العسكرية بإدلب. 

ما يمكن أن يختم به كمؤشر ميداني، على تغيير قواعد الصراع في سوريا واقتراب نهاية حوارات الخداع والتضليل السياسي نتيجة تقلب أحوال الطقس السياسي فضلاً عن حضور القوة العسكرية التركية المكثف في إدلب واستعدادها للقتال، من هنا، فالسؤال الملح، هل سيكون لهذه التقلبات أثر في ترويض الدب الروسي وتحويل موقفه المتغطرس إلى الالتزام باتفاق سوتشي؟ فلننتظر نتائج قمة موسكو.

مقالات ذات صلة

علي مملوك في العاصمة الروسية موسكو

روسيا تعرقل عقد اجتماعات "الدستورية" السورية في جنيف

بعد الرد الإيراني عقوبات جديدة تطال كيانات وافراد في إيران

تصريح أمريكي بخصوص قانون كبتاغون 2 ضد نظام الأسد

إيران تخلي مقر قيادة "الفوج 47" بمدينة البوكمال من الأسلحة

عناصر تابعون لإيران يدخلون مدينة البوكمال ، فما الهدف؟