بشار الأسد "دون تفلون" الشّرق الأوسط بمباركة أمريكية! - It's Over 9000!

بشار الأسد "دون تفلون" الشّرق الأوسط بمباركة أمريكية!

Tablet – ترجمة بلدي نيوز
"دون تفلون" لطالما كان لقباً مرتبطاً بزعيم المافيا الإيطالي "جون غوتّي"، ولكن مؤخراً خسر زعيم عائلة غامبينو الإجراميّة هذا اللقب لـ"دون تفلون" الشّرق الأوسط بشّار الأسد، ولو كان "غوتي موجوداً الآن، ليرى بعينيه حجم الإجرام الذي قام به الرئيس السوري، لذهل من سهولة نجاة زعيم عائلة الإجرام السوري من جرائم القتل الجماعيّ والمجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري.
بعد خمس سنوات من اندلاع الثّورة ضدّه، والتي قُتِلَ فيها ما يزيد عن 450 ألف شخص، سواء بإطلاق النّار عليهم، أو قصفهم أو ضربهم بالغازات السّامة، وذلك كعقوبة جماعية على "جريمة" رفضهم بأن يحكمهم ديكتاتور "الإبادة الجماعية".
إنّ من اللافت للنّظر بأن يتمّ الآن التهليلُ للأسد من قِبَلِ العديد في الغرب، باعتباره حامياً للأقليّات المعرّضة للخطر، ناهيكم عن اعتباره منقذ المدن الأثريّة والتاريخية، فقد كتب عمدة لندن "بوريس جونسون" تعقيباً على هجوم حلفاء الأسد، والذين قاموا بواسطته، باستعادة السّيطرة على مدينة "تدمر": "أحسنتم...استمروا" لكن وبكل تأكيد ما قاله جونسون كان لأسباب تتعلق بآداب السلوك، لأن الأسد وحشٌ، قاتلٌ وديكتاتور، و هو تماماً كأبيه، حكم البلد بواسطة التعذيب والعنف والإرهاب.
ولا يتمّ فقط الثناء على الأسد من قبل الغرب كرأس حربة في مكافحة الإرهاب الجهاديّ، ولكن إدارة أوباما كانت قد أبرزت تراخيها مؤخراً عن تكرار عزمها بتنحّيه عن السلطة، ووراء الكواليس، مسؤولون ذوو مستوى رفيع في الإدارة أمثال روب مالي، وبريت ماكجورك، وآخرين، فعلوا كل ما في وسعهم ليضمنوا بأنّ النظام السوريّ، سيكون المسيطر عسكرياً في حلب، وفي أماكن أخرى من ساحة المعركة السوريّة.
في الواقع، في حين أنّ روسيا وحلفاؤها على الأرض، يقومون بالحشد، للضّغط على حلب، كان ردّ الإدارة الأمريكية، بمنحهم الغطاء الكامل، بينما يدّعون زوراً بأنّ المدينة تقع في المقام الأوّل تحت سيطرة جبهة النصرة، ومن ثمّ يوم الاثنين الماضي، نصح جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية جماعات الثوّار في مدينة حلب بأن يخرجوا من مواقعهم في المدينة، وذلك خشية أن "يتضرّروا".
وإن كان يُنظَرُ الآن، إلى نظام الأسد باعتباره الحصن المنيع ضدّ تنظيم "داعش" وجبهة النصرة، فإن الإدارة الأمريكيّة، لا تخفي مطلقاً حقيقة عدم إمكان وجود "نظام الأسد"، من دون وجود "الأسد".
وتعليقاً على زيارة وزير الخارجيّة الأمريكيّة جون كيري الأخيرة إلى موسكو، كان قد نُقِلَ عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، قوله بأنّ روسيا "لاقت تفهّماً من واشنطن، بأنّ مستقبل الرئيس السوريّ، لا ينبغي له بأن يكون على جدول الأعمال في هذه المرحلة".
كما أن التقارير الأخيرة في الصحافة العربيّة، قالت بأنّ "مارتن مالي" كان يقوم بالتّفاوض مع مبعوث الرئاسة الروسيّة الخاص "ألكسندر لافرينتييف" حول شكل التسوية السياسية في سوريا.
مالي ولافرينتييف وبحسب ما ورد، كانوا يقومون بمناقشة خطّة ترسم إلى حد ما لوضع النموذج اللبناني لتقاسم السلطة، حيث وبموجبها سيقوم الأسد وأياً كانت المعارضة "المطيعة"، "بتقاسم" حصصهم التنفيذية والأمنية والتشريعية، والسلطة القضائية.
كما أوضح المبعوث الخاص التابع للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، ما قد يبدو عليه مثل هذا الاتفاق، في اقتراح مفاجئ له، كان قد قدّمه، إلى وفد المعارضة في جنيف، حيث يبقى الأسد رئيساً شرعياً للبلاد، في حين يتمّ تعيين ثلاثة نواب له، تقوم المعارضة باختيارهم، وذلك بسلطة غير محددة، حيث يفترض بهم القيام بما يمليه الأسد عليهم.
وكان "مالي" قد أطلع الرئيس أوباما على محادثاته مع الروس، والتي لربّما نقلها أوباما معه في جولته الأخيرة إلى الخليج، وفي حين قد تبدو سياسة أوباما في سوريا، وكأنها أتت ردّاً على الأحداث الأخيرة، فإنّها متّصلة مع موقف البيت الأبيض طويل الأمد.
إن المقترحات التي من شأنها الإبقاء على الأسد كرئيس، ولكن بسلطات محدودة، يتمّ الترويج لها بشكل منتظم، منذ عام 2012، وهو عام "خطّ أوباما الأحمر الشهير"، وبحلول عام 2013 كان البيت الابيض قد أعلن بالفعل عن "أسفه" حول دعوته الأسد، في أي وقت مضى "للتنحّي"، في حين أعربت كل وسائل الإعلام الغربية بأنّها "لا تسعى إلى مساعدة المعارضة، في الفوز بالحرب الأهلية".
وفي عام 2014 ، دعت ليزلي غيلب وفرانك ويزنر العاملان في مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية، لإعادة تعريف أهداف الولايات المتحدة، مجادلين في التعاون مع نظام الأسد ضد "التطرف الجهادي"، كما صرّحا بأنّ "الرئيس الأمريكي، متسرّع جداّ في دعوة الأسد إلى التنحّي، فلربّما الآن، هو مستعدٌ للتفكير في ترتيبات العمل الانتقالي، والتي كانت تأخذ طابعاً رسميّاً في سلسلة مؤتمرات جنيف حول سوريا.


إن "جون غوتّي" يستطيع التعجّب "فقط"، من مدى رغبة إدارة أوباما والمصفّقين له في الصحافة، في تجاهل نهر الدّم الّذي يستمرّ الأسد بإراقته، مخلِّفاً إياه وراءه، والّذي من شأنه أن يثير فزع حتى أكثر زعماء المافيا صلابة ووحشية.
فشهوة الأسد للدماء لا تقتصر على المدنيين السوريين المعارضين لحكمه فقط، فقد قتل الرئيس السوري الكثير من النّاس الآخرين أيضاً، بما في ذلك الأمريكيين، حيث قام بعد وقت قصير من تولّيه السلطة، بتوجيه الجهاديين من جميع أنحاء العالم عبر سوريا، إلى العراق، وذلك في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
إن أجهزة مخابرات الأسد كانت قد وجّهت الشّبكة ذاتها للقيام بضرب وتفجير قنابل في الأردن ولبنان، كما استمرّت التفجيرات والاغتيالات في لبنان بشكل ثابت حتى عام 2013، قتل أو تشويه أكثر من عشرات الأهداف المقصودة، (ناهيكم عن المارة الأبرياء) وذلك بالإضافة إلى سلسلة تفجيرات عشوائية، وتحديداً في المناطق المسيحية، حيث تهدف لتوجيه رسالة تحذير إلى هذا المجتمع.
في عام 2012 حاول الأسد استخدام المسيحيّ اللبنانيّ، ميشيل سماحة، السياسيّ والوزير السّابق في الحكومة، وذلك في زراعة سلسلة من التّفجيرات تستهدف كلّاً من الأهداف المسيحيّة والمسلمة السنّية، وذلك في محاولة منه لزيادة التوتّرات الطائفية في لبنان، ومن ثمّ تعليق تلك التفجيرات على الجهاديين.
وبعد أن تمّ القبض على سماحة، تم استهداف رئيس المخابرات، الذي كشف عن تلك المؤامرة، وفجر موكبه، في مشهد من شأنه أن يجعل مخرج سلسلة المافيا "العرّاب"، "فرانسيس فورد كوبولا" يبتسم.
إنّ الأسد بالكاد قاتل محترف، في حين كان والده، زعيم مدرسة المافيا القديمة، معروفاً بقيامه بإذابة أطراف ضحاياه في "الأسيد"، وقام ابنه من بعده بقتل آلافٍ من المدنيين مستخدماً الغاز السام المحرّم دوليّاً، الجريمة التي كررها مراراً وتكراراً على مدى عدة أشهر، في حين أنّ الولايات المتّحدة كانت تشاهد-ولا تفعل أي شيء،  وبحلول ذلك الوقت، كان الأسد قد فهم بأنّه يستطيع النجاة بفعلته، من أي شيء تقريباً، وبقيت إدارة أوباما خارج المسألة السّوريّة، مهما كان الثمن.
وحين تجاوز الأسد كل الحدود والخطوط الحمراء بهجوم كيميائيّ كبير شنّتهُ قوّاته، في شهر آب/أغسطس من عام 2013، اعتقد الجميع بأن ذلك الهجوم الدمويّ، سيرغم الولايات المتحدّة على التدخّل.
لكّن أوباما، وبمساعدة من فلاديمير بوتين، قاما بإنقاذ الأسد ومن دون عقاب على المجزرة، وذلك باتّفاق سمح فيه للأسد بالاستمرار في قتل المدنيين، ولكن مستخدماً غاز الكلور هذه المرّة، عوضاً عن غاز السّارين!
لسنواتٍ ولسنوات ينجو الأسد من جرائمه، ويعتبر الآن شريكاً حاسماً في مكافحة الإرهاب حتى لو تم ذلك بمساعدة ميلشيا حزب الله الإرهابية، بل أطلق عليه لقب "البطل" لتحريره بدعم الروس تدمر الأثرية من تنظيم الدولة، واندفع عمدة لندن، بوريس جونسون بوصفه، قائلاً "إن انتصار الأسد، هو انتصارٌ لعلم الآثار"، أجل بكلّ تأكيد!! ولكن ماذا عن مجرمي الرئيس السوري المرتزقة الذين قاموا بقطع الأعضاء التناسلية لصبي يبلغ من العمر 13 عاماً "حمزة الخطيب"، ومن ثمّ أرسلوا رفاته المعذّبة، المنتفخة، والممتلئة بالنّدوب والحروق والكدمات إلى والديه، ولكن على الأقل الأسد يؤمن بالحضارة إلى درجة ما!
والآن، ومع ما يقارب من نصف مليون قتيل، الملايين من اللاجئين، إضافة للملايين من النازحين، والكثير من عمليّات التّصفية العرقيّة المتعمّدة، يحصل الأسد على دورٍ يكون فيه جزءاً من "عمليّة الانتقال السّياسيّ" في سوريا، وفي المساعدة في صياغة "دستور" جديد للبلاد، والترشّح في الانتخابات الرئاسيّة والتي سيقوم بتنظيمها!
ووفقاً لمبادئ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريّا، دي ميستورا، سيكون هنالك مؤتمرات للمانحين، وذلك لدفع تكاليف إعادة إعمار سوريا، والّتي قام الأسد وأصدقاؤه بقصفها وتدميرها محوّلاً إياها إلى أنقاض وركام، بينما يدفع العالم أيضاً لملايين لللاجئين المحظوظين بما فيه الكفاية بأن لا يُدفنوا تحت تلك الأنقاض.
وطالما أنّ الأسد سيكون جزءاً من "المرحلة الانتقالية السوريّة " الغير المحدّدة، فإن القليل جدَّاً، هذا إن كان أيّ من هؤلاء اللاجئين، سيكون قادراً أو حتّى على استعداد للعودة يوماً ما إلى الوطن.
لندع زعيم المافيا "جون غوتّي" بعيداً عن ذلك، فإن أكثر ما يمكنه أن يأمل به، هو لفتة في الصفحة الأولى من صحيفة ديلي نيوز أو غلاف مجلة بيبول، فلدى أوباما أعمال مهمّة مع علي خامنئي، لا يريد لها أن تتزعزع، وبما أنّ الأسد مدعوم من قبل شركاء صفقة أوباما في طهران، فلا يجب المساس به.
كاتب المقال "طوني بدران" زميل الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات

مقالات ذات صلة

يخص إيران.. تصريح من الناتو بخصوص استهداف القاعدة الأمريكية في الأردن

"البنتاغون" يعلن إرسال 300 جندي للشرق الأوسط

"النواب الأمريكي" يرفض بغالبية ساحقة رفع العقوبات عن 5 دول إحداها سوريا

جندي أميركي يقر بمحاولة مساعدة التنظيم على شن هجمـات

فيصل المقداد: مخرجات القمة العربية بشأن سوريا كانت جيدة ودقيقة

أبو الغيط: لا أعلم إذا كانت سوريا ستعود للجامعة العربية