بلدي نيوز- إدلب (محمد وليد جبس)
يعيش السوريون في المناطق المحررة شمال غرب سوريا، أوضاعا إنسانية ومادية في غاية الصعوبة، جراء النزوح وحملات التهجير من المناطق السورية كافة إلى محافظة إدلب التي باتت ملاذ أربعة ملايين نسمة.
المئات من هؤلاء فقد المعيل، وفاقمت الحملات العسكرية والتهجير من صعوبات الحياة، لعل أبرز هذه الصعوبات عدم توفر السكن وندرة فرص العمل وشح الدعم الإنساني والإغاثي من قبل المنظمات والجمعيات الإنسانية، فضلاً عن غلاء أسعار المواد الغذائية والتدفئة وارتفاع أجور السكن.
في منزل صغير ربما سرقت أبوابه ونوافذه، وهدم أجزاء من جدرانه، تسكن "أم حسن" وسط مدينة كفر تخاريم شمال غرب إدلب، وباتت المعيل الوحيد لأربعة أطفال بعد أن فقدت زوجها أثناء رحلة نزوحهم من بلدتهم جرجناز جنوب شرق إدلب إبان الحملة العسكرية الأخيرة لقوات نظام الأسد وحليفه الروسي واحتلالهم المنطقة وتحويل منزلهم إلى مقر عسكري.
"أم حسن" قالت في حديث خاص لبلدي نيوز: "هربنا من منزلنا مع مئات العائلات تحت حمم قصف الطائرات الحربية الروسية وبراميل الطائرات المروحية المتفجرة وقذائف المدافع والصواريخ التي انهالت علينا كالمطر دون أن نتمكن من إخراج امتعتنا أو أثاث منازلنا قبل أن تحتل قوات النظام المنطقة وتحويل منزلنا لمقر عسكري.
وأضافت "أم حسن" في حديثها قائلة: "بعد أن خرجنا ذهب زوجي ليحضر لنا بعض الملابس والأمتعة من المنزل، وحتى الآن لم يعد ولم تصلنا عنه أية معلومة ولا نعرف إذ كان قد استشهد أو أصيب أو أعتقل، وبقيت المعيل الوحيد لأربعة أطفال أكبرهم أصيب، ولا أملك أن أشتري له الطعام والخبز ولا معيل لنا إلا الله".
وعن مواد التدفئة قالت "أم حسن": "أخرج في صباح كل يوم وأتجول في شوارع المنطقة التي أسكنها، وأجمع بقايا النفايات البلاستيكية وفضلات الكرتون لاستخدامها في التدفئة لأمنح أجسادهم الغضة بعض الدفء في ظل هذا الجو الماطر والبارد، وفي بعض الأحيان لا أستطيع أن أحصل على شيء، فاضطر أن أغطيهم طوال اليوم بالبطانيات"، ولفتت إلى أنها تسكن مع أطفالها في منزل جدران الغرف غير مكتملة البناء، سدتهم ببعض القطع القماشية لتمنع دخول الرياح، مشيرة إلى أن أحد سكان المنطقة منحها بقايا هذا المنزل لمدة محدودة وهو الآن يطالبها بالخروج منه لإكمال إكسائه، وهي عاجزة عن تأمين مسكن تذهب وأطفالها الأربعة إليه.
وطالبت "أم حسن" أصحاب الأيادي البيضاء والمنظمات الإنسانية النظر إلى حالها وحال أطفالها الصغار الذين فقدوا أبسط حقوقهم بالعيش، وناشدت لتأمين السكن والطعام والشراب والملابس ومواد التدفئة لأطفالها.
الحالة التي تعيشها "أم حسن" ليست الوحيدة، فهناك مئات الحالات المشابهة، منهم من نزح من بلدة جرجناز ومنهم من نزح من مناطق أخرى كــ مدينة معرة النعمان وريفها الشرقي ضمن حملة التهجير القسري التي فرضت عليهم جراء الحملة العسكرية لقوات نظام الأسد وحليفه الروسي على المنطقة، جميعهم يفتقرون لأدنى مقومات الحياة والعيش الكريم.
وتسببت حملة النظام وروسيا على ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، بتهجير أكثر من نصف مليون نسمة بحسب آخر إحصائية، إلى المناطق الحدودية والمخيمات العشوائية المنتشرة في شمال وغرب محافظة إدلب؛ 22 ألف نسمة منهم من بلدة جرجناز الواقعة جنوبي شرقي إدلب، هجروا جميعهم أثناء الحملة اَنفة الذكر قبل أن تحتل قوات النظام أكثر من 30 بلدة وقرية كان آخرها بلدة جرجناز في 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.