بلدي نيوز – إدلب (محمد خضير)
بدأ إعلام بوتين والأسد، حملة واسعة لتشويه فرق الدفاع المدني أو ما يعرفون بـ"رجال القبعات البيضاء"، والادعاء أن هذه الفرق تتلقى تمويلا مشتركا من "جبهة النصرة" و"الولايات المتحدة"، زاعمة أن "فرق الدفاع المدني" تشكيل أمريكي يقوده الجندي البريطاني السابق "جيمس لو".
وعزا أحمد يازجي، وهو مدير الدفاع المدني في مدينة جسر الشغور، حملة الترويج الإعلامي الذي يقوم به إعلام النظام وروسيا حول الدفاع المدني، كونه أول مؤسسة سورية ناجحة على مستوى الأراضي السورية، بالإضافة إلى أنها مؤسسة إنسانية حيادية ليس لها أي سياسة او تابعة لأي فصيل عسكري.
وأضاف اليازجي، في حديث لبلدي نيوز "الدفاع المدني نشأ من رحم المعاناة ومن بين الأنقاض، لم تمنعه الظروف الصعبة من المتابعة ومن الوقوف إلى جانب الشعب الأعزل الذي تخلت عنه جميع الدول، لذلك يسعى النظام السوري وحليفه الروسي بالترويج على أننا فرع من "القاعدة" ليقوم بقصف المراكز التابعة للدفاع المدني في أنحاء سوريا".
بدوره، يقول الصحفي السوري محمد محمد "أزعجتهم مشاهد إنقاذ فرق الدفاع المدني للأطفال من تحت الركام، وأرعبهم إصرار رجال القبعات البيضاء على العمل لساعات طويلة بعد كل مجزرة لانتشال الشهداء وإنقاذ من بقي على قيد الحياة، لتوثيق إجرام روسيا ونظام الأسد بحق المدنيين الأبرياء في سوريا، هز مضاجعهم الطفل "أحمد الرجب" الذي لم يتجاوز عامه الأول بعدما أنقذته فرق الدفاع المدني بعد قضائه 24 ساعة تحت أنقاض مشفى القدس في مدينة حلب، الذي دمرته طائرات بوتين والأسد، وكذلك هو الحال للطفل "زياد غجر" ذو الخمسة أشهر، والذي تناقلت وسائل إعلام عالمية عملية إنقاذه بعد مجزرة حي الكلاسة التي ارتكبتها طائرات الأسد، والصور التي تظهر شجاعة رجال القبعات البيضاء أثناء عملية الإنقاذ، لم تعجب الروس والأسد ووسائل إعلامهم".
ويضيف لبلدي نيوز "أدهشتهم مشاهد حمل جثامين خمسة من رجال القبعات البيضاء الذين قضوا شهداء بقصف طائرات بوتين والأسد على مركز الدفاع المدني في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، على أكتاف أقرانهم، وكأنها رسالة مفادها أنكم قتلتم منا خمسة ولكننا سنسير على درب شهدائنا وسنستمر في تقديم واجبنا الإنساني اتجاه كل الأبرياء الذين تقصفونهم بذريعة محاربة الإرهاب".
لم يكن هناك ما يسمى بـ"الدفاع المدني" داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، حيث كانت معظم عمليات الإنقاذ تتم عبر محاولات فردية تقتصر على سكان الحي الواحد، لكنها تعمل اليوم في المناطق المحررة بمنهجية مختلفة عن الفرق الأخرى في دول الجوار والعالم، وكثيراً ما تسقط براميل وقذائف النظام أثناء قيام رجال القبعات البيضاء بانتشال جثث الضحايا، ليسقطوا على إثرها شهداء فوق جثث من ينقذوهم.
وبحسب ما نشره فريق الدفاع المدني السوري على موقعهم الرسمي، فإنهم يعملون وفقاً للقانون الإنساني الدولي، وكما هو محدد في البروتوكول الأول "المادة رقم 61" من اتفاقيات جنيف لعام 1949، متعهدين بتقديم الخدمات المذكرة في الفقرة الخامسة بما يتوفر من إمكانيات، ويسعون لتقديم الخدمات كافة منها: "توفير سكن الطوارئ، واللوازم، والإصلاح الطارئ للمرافق العامة التي لا غنى عنها، وإزالة التلوث، وتدابير وقائية مماثلة، والمساعدة في الحفاظ على المتطلبات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وتأمين المقابر في الحالات الطارئة، وكشف ووضع علامات على المناطق الخطرة (مثل المناطق التي فيها ذخائر غير منفجرة)، وتحذير السكان المدنيين من الهجمات والمخاطر وإطفاء الحرائق".
ولم يقتصر عملهم فقط على مساعدة المدنيين بشتى أطيافهم في أوقات القصف وغيرها، فقد صنعوا بسواعدهم عدة مراكز لتدريب وتطوير الشبان والشابات المدنيين للعمل كعناصر دفاع مدني.
يقول "محمد الحاج علي" أحد عناصر فرق الدفاع المدني في مركز هنانو بمدينة حلب لبلدي نيوز: "بدأنا العمل في عام 2013 بعمليات البحث والإنقاذ بدون معدات أو آليات مخصصة للدفاع المدني، وبدون خبرات أو تدريبات، بدأنا كمتطوعين بدون أي مقابل".
وكان مركز هنانو أول مركز بمدينة حلب، وأصبح عدد العاملين فيه 25 عنصرا جلّهم من أبناء المدينة، انضموا بعد رؤيتهم لحجم الدمار والمجازر المرتكبة بحق المدنيين، وبعد حملة البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام السوري على المناطق المكتظة بالمدنيين، أكد الحاج علي أن خبرتهم زادت من المواقع التي رأوها وساعدوا فيها.
وتابع محمد الحاج علي لبلدي نيوز، "بدأت عدة منظمات بتقديم الدعم والتدريبات لنا، حتى وصلنا لمرحلة متطورة بعمليات البحث والإنقاذ والإطفاء وإسعاف الجرحى، طبعاً بداية عملنا كان فقط إزالة الأبنية الآيلة للسقوط، لافتقار سيارة لنقل الجرحى".
وأكمل، "بعد ذلك أصبحنا نستطيع إنقاذ أكبر عدد ممكن من المدنيين، وفور وصولنا على مكان الكارثة يكون هدفنا الأول هو إسعاف الجرحى والمصابين الذين ما زالوا على قيد الحياة، وبعد ذلك نبدأ بالبحث والغوص تحت الانقاض لمساعدة الناجين من الموت".