بلدي نيوز – ياسر الأطرش
تصدرت أخبار حلب المشهد الإعلامي العربي والعالمي، فمنذ بدء الهجمة الوحشية عليها منذ تسعة أيام من قبل قوات النظام والشريك الروسي، ومع ارتقاء أكثر من 200 شهيد و900 جريح وتدمير البينة الطبية والبنى التحتية، تصدرت أخبار حلب المشهد الإعلامي العالمي، كما تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي، ووجدت آذاناً وقلوباً صاغية انتفضت ونفضت غبار الصمت والخذلان عنها، وتفاعلت مع الحدث الدموي بأضعف الإيمان، فخرجت مظاهرات ووقفات تضامنية للسوريين وغيرهم في عدة مدن وعواصم عربية وعالمية.
تمهيد إعلامي
وكعادته، راح الإعلام الروسي يمعن في تزوير الحدث وقلب الحقائق، عبر وسيلته الأكثر متابعة في العالم العربي، قناة روسيا اليوم الناطقة باللغة العربية، حيث صورت القناة ما يحدث في حلب على أنه قصف من جماعات "إرهابية" على مناطق سيطرة النظام، واستهداف للمدنيين الأبرياء فيها، ناقلة الخبر "اليقين" عن نظام بوتين ونظام الأسد اللذين أكدا أنهما لم يقتلا مدنياً واحداً وأن لا علاقة لهما باستهداف مشفى القدس الذي قضى فيه 51 مدنياً.
وكما يدأب نظام الأسد على اتباع خطى سيده في الكرملين سياسياً، كذلك يفعل إعلامه بتتبع خطى الإعلام الروسي والإفادة من خبرته في الفبركة والتزييف، فراح تلفزيون النظام يضخ حول معركة حلب ويتباكى على المدنيين الأبرياء، متناسياً بكل غباء أن مشفى القدس يقع في المناطق المحررة من حلب، وأن العالم كله سجل ووثق مئات الطلعات الجوية لطيران النظام والروس بشكل يومي فوق حلب، موثقاً عدد القذائف التي أطلقتها المقاتلات، والبراميل التي ألقتها المروحيات على الآمنين في أحياء حلب المحررة.
شهداء الزور واختلاف الرواية
ولأن التنسيق في الكذب أمر عصي، فقد خرج شهود النظام بروايات متعددة متباينة حول أحداث حلب الدامية، وكان المهم لكل منهم أن يثبت رواية النظام، أما الطريقة وتفاصيل الرواية فلم يفكروا بها كثيراً، ما استدعى خلافاً فاضحاً في التفاصيل.
ولعل أبرز تصريحين حول ما جرى في حلب، جاءا على لسان مفتي الأسد أحمد حسون، ومحلله السياسي الأشهر شريف شحادة.
ففي اتصال هاتفي مع "سماحة المفتي" على الفضائية السورية، قال حسون إن "من يسمون أنفسهم ثوار حلب"هم من قصفوا المدنيين الآمنين في المدينة وعاثوا فيها قتلاً وتدميرا، ولم ينسَ – بصفته أعلى رتبة دينية – أن يدعو الله بالنصر "للجيش العربي السوري البطل" وأن يحفظ قائده.
أما المحلل السياسي الشهير، شريف شحادة، فقد غير الرواية عندما أحرجه المذيع!.
ففي إطلالته للحديث عن أحداث حلب على شاشة قناة "بي بي سي"، الشريكة في التزوير، تبنى شحادة رواية المفتي نفسها أولاً، ولما قال المذيع إن تدمير مشفى القدس جاء نتيجة قصف جوي وأن المعارضة لا تملك طائرات، برر شحادة الأمر بأن الطيران الأمريكي إذاً هو من دمر المشفى!.. وقال بأنه تم رصد حركة طيران التحالف فوق حلب وقت القصف، في رواية يبدو أنه ارتجلها للتو، فلا بد من اختراع طيران ليتحمل جريمة القصف.
ولا يبدو شحادة وحسون منفصلين عن الواقع تماماً، فهما على سذاجة ادعائمها، يجدان آذاناً تريد تصديق أي شيء يتهم الثورة والثوار، وأقلاماً تريد أن تتلقف أي سمّ لتنفثه على صفحاتها السوداء.
إلا أن الحقيقة جلية واضحة، ومدونة وموثقة، تنتظر وقت الإفراج عنها، ليُقاد كل مجرمي الحرب وشهود الزور إلى محاكم العدل التي تتأخر ولكنها لا تموت.