The Independent - ترجمة بلدي نيوز
الأطفال السوريون أصبحوا يتامى خائفين ومتروكين عرضةً للاستغلال، حيث أن البلد الذي كانوا يطلقون عليه يوما اسم "وطن"، بدأت مؤخرا القنابل البريطانية بالسقوط عليه.
السير نيكولاس وينتون، المسؤول البريطاني الإنساني عن إنقاذ أطفال من تشيكوسلوفاكيا، كان مسؤولاً عشيّة الحرب العالمية الثانية، عن عملية أطلق عليها اسم "Kindertransport” والتي كانت تهدف لمساعدة أطفال ذوي أصول يهودية لنقلهم إلى بريطانيا، كي يكونوا في مأمن من فظائع الحرب التي مزقّت أوروبا، ذلك الرجل الذي نأى بنفسه عن الأضواء، بقيت قصته غير مشهورة لمدة أربعين عاماً ، حتى كشف العالم عن قصة "شيندلر البريطانية".
بعد وفاته وفي عام 2015 كرمه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالقول : "لقد فقد العالم رجلاً عظيماً ويجب علينا ألّا ننسى أبداً إنسانية السير وينتون في إنقاذ العديد من الأطفال من المحرقة" .
بعد ذلك التكريم بأقل من عام، أجرؤ على القول بأن السير وينتون يتقلّب الآن في قبره بعد أن علم بأن حكومة السيد كاميرون المحافظة صوّتت ولكن هذه المرة ضد قرار السماح لـ 3000 طفل لاجئ فارٍّ من سوريا، بالمرور الآمن إلى بريطانيا، مدمّرة بذلك الإرث الذي كان وينتون عمل بجدٍّ لبنائه للملكة المتّحدة.
هذا صحيح، فحكومة المحافظين التي صوتت سابقاً على قرار قصف سورية هي ذاتها صوتت على رفض مقترحات اللورد ألف دابس، المتعلق بالأطفال الكثر الذين استفادوا من "Kindertransport” ، حيث أن مقترحات اللورد دابس تسعى لقبول 3000 طفل سوري غير مصحوبين بذويهم .
ويعد عمل السير وينتون مثال فخرٍ، فالمملكة المتحدة كانت دائمة على قائمة البلدان التي تعتبر ملاذاً أمناً لأولئك الذين يعانون من الظلم، إلا أن المحافظين وضعوا حداً لذلك، ففقط خمسة من النواب المحافظين امتلكوا الشجاعة للتمرّد ضد رغبات حزبهم والتصويت لصالح القرار، فقط خمسة من المحافظين ظنّوا بأنّنا يجب أن نحترم إرث السير وينتون، ونساعد الأطفال الأبرياء الذين قد تقطّعت بهم السبل بسبب الحرب التي لعبنا دوراً كبيراً فيها.
نحن لا نتحدث هنا عن "أسراب من المهاجرين"، كما وصفهم ديفيد كاميرون "ببلاغة"، نحن نتحدث عن أطفال أبرياء... أطفال أصبحوا بلا عائلات، دون ذويهم، ولكن، هل يأبه المحافظون حقّاً؟
عندما صوتت الحكومة البريطانية على قرار قصف سوريّا، علت أصوات الضحك في المكان عقب التصويت السهل على قرار الذهاب إلى الحرب، حرب تتوعّد حياة الملايين بالخوف الدائم والموت.
أمس، لم يكن هنالك ضحك، بدلاً من ذلك كانت هناك صيحات "يا للعار" تملأ البرلمان على وقع إعلان نتائج التصويت. فالعار هو ما كان يجب أن يشعر به النوّاب الـ 294 المصوتين ضدّ المقترحات.
لقد كان كير ستارمر، وزير الهجرة محقّاً عندما صرّح بأن "التَاريخ سيقوم بمحاكمة المملكة المتّحدة بسبب ما حصل"، فهذا الامر لا يقل عما يمكن وصفه بالـ "اللاّإنسانيّة"، كما أنه يتعارض مع كل ما يدافع عنه هذا البلد، إن حزب المحافظين لا يمكنه أن ينأى بنفسه عن المسؤولية والعواقب، بعد تأكيده ضرورة العمل العسكري في سوريا- فإن كانت لدينا موارد لقصف سوريا، فحتما سيكون لدينا الموارد لمساعدة الأطفال الأبرياء، الذين يواجهون تداعيات ذلك القصف!
إن المحافظين في أمسّ الحاجة لأن يراجعوا أنفسهم وأن يتذكّروا من يفترض بهم أن يمثِّلوا، لذا أعتقد بأنه من الإنصاف القول، إنّ معظمنا كان ليشعر بالفخر لو أعلنت حكومتنا أنها اتّخذت خطوات لإنقاذ 3000 طفل لاجئ سوري، إلا أن مثل هذه الفرضية ستكون تصوّراً ساذجاً، لأن بريطانيا الآن هي بريطانيا حزب المحافظين.