بلدي نيوز
أكد مستشار الرئيس التركي، ياسين اكتاي، أن السياسة الإنسانية التي تقوم عليها تركيا إزاء المهاجرين والتي من خلالها نالت على تقدير العالم بأسره؛ لم تغيرّها ولا يمكن أن تغيّرها بعض المشاهد التي انتشرت مؤخرا والتي هي بلا شك "غير لائقة ومخالفة".
وقال في مقال له نشرته صحيفة "يني شفق": "وضع كل من السيد سليمان صويلو (وزير الداخلية) ورئيس جمهوريتنا في الأيام الأخيرة موقفا واضحا في هذا الخصوص، وذلك حينما قالا "نحن لا يمكن أن نبتعد عن مبدأ الأنصار والمهاجرين.. ولا يمكن أن نبتعد عن ذلك نحو مفهوم متهوّر".
وأضاف "ما حدث فعلا خلال الأسبوع الماضي في مدينة إسطنبول، جعل جميع السوريين المهاجرين يعيشون كوابيس وكوابيس. فجأة ودون سابق إنذار ومن غير أي استعداد لذلك، تم ضبط أشخاص لم يكن بحوزتهم بطاقة الهُوية؛ بعضهم يقيم في إسطنبول منذ سنوات، وربما قد أسس عمله هناك، ومنهم من ينتظره أطفاله وعياله في البيت، وبعضهم تنتظره أمه، تم جمعهم في حافلات ومن ثمّ تم إرسالهم نحو إدلب أو مناطق أخرى".
واعتبر أن "ما عكسته تلك المشاهد يذكّرنا إلى آخر درجة بأن سياسة الهجرة التي تعتبر من أفضل الحكايات التي تعرضها تركيا للعالم؛ لا تزال قوية كما أنها لا تستند إلى بنية تحتية قانونية. إن هذا في الواقع يعتبر وضعا خطيرا بشدّة، وإنه مهما كان مستندا على فلسفة عميقة وحسّ إنساني كبير؛ فإن سياستنا تجاه الهجرة نراها تتغير وبسهولة تحت تأثير ظروف السياسة اليومية المُعاشة، ولقد ظهر جليّا أن هذه الفلسفة لا يمكنها أن تحمي حقوق الإنسان الأساسية على النطاق المطلوب".
ولفت أن ما حازت عليه تركيا من تقدير عالمي عبر سياستها الإنسانية، يتحتم عليها في الوقت ذاته تقديم معيار أكثر مؤسساتية ليكون نموذجا تصدّره للعالم.
وقال إنه في النهاية هناك حقوق وفّرتها حقوق الهجرة العالمية للمهاجرين. إن تركيا منذ البداية نظرت إلى الذين فرّوا من المجازر في سوريا على أنهم ضيوف إلى جانب كونهم لاجئين، وفي الحقيقة لقد وفّرت لهم من الإمكانيات والدعم المعنوي ما يفوق الحقوق التي يتم توفيرها لوصف لاجئ. ولقد رأى السوريون المستضعفون من الدفء وكرم الضيافة ضمن تلك الروح المعنوية، ما لا يمكن لاجئ أن يعيشه ضمن تجربة لجوئه.
وبيّن إن اللاجئين السوريين لا يمكن أن يحصلوا على صفة لاجئ أو على حقوق اللاجئين التي ضمنتها الحقوق الدولية، وذلك يعود إلى أن اتفاقية الهجرة الدولية التي تركيا طرف فيها تنص على عدم قبول تركيا "لاجئين" من دول الشرق. ولذلك وضعت تركيا اللاجئين السوريين تحت بند "الحماية المؤقتة" ضمن إطار قوانينها المحدّدة، ولكن مع ذلك ينبغي محاولة تطبيق ذلك في استمرارية لا تحيد عن الاتساق بأي شكل من الأشكال.
وتابع، إن مفهوم "الأنصار والمهاجرين" شعور ذو قيمة للغاية، ولكن بكل الأحوال ينبغي أن يستند هذا المفهوم إلى قانون يعمل على حماية الإنسان.
وذكر بكلام وزير الداخلية عن وجوب فرض النظام "ضمن روح المهاجرين والأنصار"، مضيفا "بلا شك إن هذا صحيح، ولكن في الوقت نفسه علينا أن لا ننسى أن هناك وضعا اجتماعيا آخر قد تشكل إثر إهمال تطبيق هذا النظام على مدار بضع سنوات، ويُشترَط أن لا ننسى أن التدخل بشكل سريع دون حساب يمكن أن يؤدي إلى نزيف لا يمكن إيقافه".
وقال، إن النظر إلى هذه المشكلة ومن ثمّ إعطاء مهلة 30 يومًا، يبدو الآن تصرفا سليما وعاقلا، لافتا أن "إعطاء مهلة 30 يوما لتصحيح الأوضاع يجب أن لا يكون موجها للسوريين فقط، بل يجب على المؤسسات المعنية أيضا أن تعيه وتقف عنده".
وطرح ثلاثة تساؤلات متعلقة بترحيل السوريين، وهي:
- ماذا يجب أن يتم فعله حتى لا تتكرر تلك المشاهد التي حدثت.
- إلى أي درجة يبدو صحيحا اعتبار مدينة إدلب السورية وكأنها باتت مرتعا للأمان حتى يتم الترحيل نحوها؟ إنها لا تزال تشهد يوميا قصف قوات الأسد الظالمة، وعمليات الخطف والتهديد من قبل بعض الجماعات الإرهابية.
- ماذا يعني إرسال أشخاص أقاموا أعمالهم في إسطنبول، ويعملون فيها ويكسبون قوتهم منها ضمن الأُطر القانونية، ماذا يعني إخراجهم من إسطنبول وإحضارهم نحو مدن الأناضول الأخرى؟ لنتناقشْ في هذا الأمر.