بلدي نيوز - (خاص)
باغتت فصائل المعارضة المنضوية تحت مسمى "غرفة علميات وحرّض المؤمنين" قوات النظام، بهجوم عسكري واسع على مواقع الأخيرة في جبل التركمان بجهبة الساحل في ريف اللاذقية، أمس الثلاثاء 9 تموز/يوليو الجاري.
وتمكّن مقاتلو الغرفة من التقدم في 15 نقطة، من بينها 3 تلال حاكمة، والوصول إلى أطراف تلة عطيرة وجبل زاهية الاستراتيجيين، قبل إعلان انحياز مقاتليها.
وتسبّب الهجوم في قتل ما يزيد عن 50 عنصرا من قوات النظام، وأسر 4 آخرين، في حين قُتل 3 عناصر من القوات الروسية الخاصة.
وبحسب البيان الذي صدر عن الغرفة، تمّ تنفيذ سلسلة من العمليات الانغماسية على أكثر من عشرين نقطة لقوات النظام على عدّة محاور في جبل التركمان، وتمت السيطرة على كل النقاط لعدة ساعات، واغتنام أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، حسب قول البيان.
حرب البرغوث
وبالمجمل؛ من خلال استقراء لعمليات غرفة "وحرّض المؤمنين"، تتجلى نقطة محورية هامة في تبنيها منهجية "حرب البرغوث"، والمباغتة الخاطفة، أو ما يسمى استنزاف العدو على المدى الطويل، بديلا عن المواجهة التقليدية "جيش مقابل جيش".
وتهدف تلك العمليات إلى الضغط على الطرف اﻵخر، وإجباره على الانسحاب من النقاط التي يسيطر عليها.
استراتيجية التنكيل
وبات واضحا أنّ المعارضة تنتهج سياسة جديدة، تقوم على "التنكيل" بالعدو واستنزافه، على مراحل، وتقضي هذه الاستراتيجية بتوجيه ضربات خاطفة، كما حدث مؤخراً، عبر بضعة عناصر أو مجموعات خفيفة، تكون حركتها العسكرية أكثر سهولة.
ما يعني أنّ استراتيجية المعارضة وتحديدا غرفة عمليات "وحرّض المؤمنين" ﻻ تقوم على تثبيت مواقعها أو التمسك بالأرض التي تقدمت إليها، على الرغم من وجود إمكانية عسكرية لذلك في بعض الأحيان.
ويقول مصدر مقرب من غرفة عمليات "وحرّض المؤمنين" لبلدي نيوز أنّ؛ عنصر المفاجأة لعب دورا قويا، إضافة لطبيعة المنطقة ووعورتها، جعلها مسرحا مناسبا للعمليات القتالية، إضافة لنقطة غاية في الحساسية، تمثلت بالانطلاق من محور غير متوقع بالنسبة للروس والنظام.
رسائل الغرفة
ويضيف المصدر "بالمجمل، يحمل العمل الأخير مجموعة من الرسائل والأهداف ذات البعد العسكري والسياسي في آنٍ واحد؛ فمن جهة يعتبر أحد أساليب تخفيف الضغط عن بقية الجبهات المشتعلة في ريف إدلب وحماة، وهذا لاعتبارات كثيرة، فالنظام والروس يخشون انهيار خط الساحل، ما يعني أن تقدم المعارضة سيفرض عليهم إعادة نشر قواتهم على ذات المحور، وبالتالي، الهدف هو تشتيت العدو، وإبعاده عن محاور القتال الأخرى".
وويتابع بالقول "ومن جهة أخرى، يلخص الهجوم رسالة سياسية وعسكرية، بعثتها المعارضة، تهديدا آخر لمصالح الروس الحيوية، ﻻسيما "قاعدة حميميم العسكرية"؛ فالسيطرة على تلك التلال يجعل قواعد الروس في مرمى المعارضة مباشرة".
ويمكن قراءة تلك العملية باعتبارها تسهم في إضعاف قوات النظام، على المستوى المعنوي، وهذا ما يمكن ملاحظته خلال جملة ما ينشر على المواقع الموالية، ما يعني إرباك وارتباك مستقبلي داخل صفوف النظام.
وتعتبر هذه الاستراتيجية مقدمة لمرحلة جديدة من "العمليات الوقائية"، تربك النظام عن أخذ زمام المبادرة والهجوم.
وثمة رسالة واضحة تؤكد قدرة المعارضة على التمسك بمناطقها، وأنها مستعدة للمزيد من الحروب طويلة اﻷمد، وهذا يصب في خدمة منطقة "خفض التصعيد".
ويبدو أنّ المعارضة تمسك بالمعادلة العسكرية بشكل قوي، وهي من طرف آخر، أكدت قدرتها على مزج الحرب التقليدية وغير التقليدية ببراعة، وأظهرت فعالية عناصرها القتالية، باستخدام أساليب "هجينة" تعتمد على توسيع خط النار بغرض تشتيت قوات النظام.
بالمقابل؛ ﻻ يمكن القول بأنّ ميزان القوة يترجح لصالح المعارضة، لكن هذه الأخيرة تحاول بداية إيجاد نقطة توازن، في إطار الكر والفر، على الأقل حتى الوصول إلى حسم سياسي، أو إعادة الساحة لمواجهات عسكرية أكبر، وإن كان ذلك مستبعداً، على الأقل بالنسبة لبعض الفصائل التي باتت تفضل كما أسلفنا "حرب البرغوث".
وبالنتيجة؛ الحرب تحريك لجمود شهده المطب السياسي، وإرغام لجميع الأطراف على العودة إليه.