بلدي نيوز - درعا (حذيفة حلاوة)
تتصاعد عمليات الاغتيال في الجنوب السوري بعد حوالي ثمانية أشهر من تطبيق اتفاق التسوية، بالتزامن مع حالة من الانفلات الأمني التي لا تخلوا من استهداف قوات النظام والميلشيات الموالية لها في بعض الأحيان، وسط تساؤلات عن الجهة المستفيدة من تلك العمليات.
وشهدت الأشهر الأخيرة في الجنوب السوري تصعيدا خطيرا وصل إلى مرحلة عودة النظام وميليشياته إلى فرض الحصار على مدن درعا لأول مرة منذ تطبيق اتفاق التسوية جنوب سوريا في محاولة لتركيع الفصائل في تلك المنطقة.
وكانت مدينة الصنمين مسرح الخرق الأكبر في اتفاقات التسوية حتى الآن، وذلك من خلال فرض حصار كامل على المدينة من قبل قوات النظام، بعد أيام من مقتل أحد ضباط قوات النظام خلال عمليات مداهمات في المنطقة، ولا يزال نظام الأسد يرفض فتح الطرقات قبل تسليم كامل السلاح الموجود في المدينة بأيدي فصائل التسوية.
وسبق أن شهدت الصنمين التي تحاصرها القطع العسكرية التابعة لنظام الأسد من كل الاتجاهات، العديد من الاغتيالات التي استهدفت عرابي المصالحات، والموالين للنظام، فيما كان مقتل أحد ضباط النظام الحلقة الأخيرة في تلك السلسلة التي انتهت بالتهديد باقتحام المدينة، بعد تمكن نظام الأسد من الحصول على المبرر لإنهاء اتفاق التسوية.
وبالعودة إلى بداية العمليات التي استهدفت قوات النظام، سجل أول تلك الهجمات التي تستهدف قوات النظام في الشهر التاسع من العام الماضي، حيث أعلنت ما يسمى بـ "المقاومة الشعبية في الجنوب" مسؤوليتها عن تلك الهجمات، تخللها بعض العمليات التي تبناها تنظيم داعش، وبقيت تلك العمليات بوتيرة منخفضة نسبيا دون أن ترقى إلى الهجمات الخطيرة أو المؤثرة، حيث كانت تعتمد على الهجمات الفردية فقط.
وفي الرابع من شهر شباط، كانت العملية الأبرز منذ تطبيق اتفاق التسوية منتصف شهر تموز 2018، من حيث النوع والتوثيق، حيث نشر تسجيل مصور لتفجير أحد حواجز قوات النظام على أطراف بلدة نمر، وكانت تعتبر أول عملية يتم فيها استخدام التصوير، فيما كانت الهجمات السابقة تقتصر على نقل الأخبار فقط.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، سجل ارتفاع كبير في تلك الهجمات وخاصة عمليات الاغتيال، حيث شهد شهر نيسان الماضي ما يزيد عن 15 عملية اغتيال طالت عناصر سابقين في فصائل المعارضة ومدنيين وناشطين سابقين، وعناصر في صفوف قوات النظام وفصائل المصالحات وعناصر انضموا بعد اتفاق التسوية لميليشيا حزب الله.
وكانت ذروة تلك العمليات في الفترة الممتدة من تاريخ 20 نيسان الماضي وحتى العاشر من الشهر الجاري، بمعدل عملية اغتيال كل يوم، فيما سجل في بعض الأيام أربع عمليات اغتيال، تم توثيق غالبية تلك العمليات في الريف الغربي للمحافظة.
ويتزامن تزايد الهجمات التي تستهدف قوات النظام جنوبا مع انخفاض الاعتقالات التي تشنها الأفرع الأمنية، منذ مطلع شهر شباط الماضي، والتي تجاوزت في بعض الأشهر المئات، مما يثير التساؤلات حول الجهات التي تقف وراء تلك العمليات، خاصة مع تراجع نجم ما يسمى بـ"المقاومة الشعبية في حوران" حتى كاد يختفي تقريبا.
وعلق ناشطون من مناطق مختلفة من درعا على تلك الهجمات وخاصة عمليات الاغتيال بأنها تصب في الدرجة الأولى في مصلحة نظام الأسد لسببين، أولهما تصفية الرافضين لاتفاق التسوية، وخاصة أصحاب التأثير بين المدنيين.
فيما يتركز السبب الثاني في إزالة العقبات أمام البدء بإنهاء اتفاق التسوية في الجنوب، وبالتالي إطلاق يد النظام والميليشيات التي انضمت له بالاعتقالات وتصفية المعارضين له، مع التنويه أن تلك الهجمات تزايدت مع اقتراب المهلة المقدمة من نظام الأسد للموقعين على اتفاق التسوية مطلع حزيران المقبل.
وعلى المستوى العام، فإن أبرز العمليات التي استهدفت قوات النظام ثلاث منها بالعبوات الناسفة، تم توثيق عمليتين بالصور والفيديو، بينما تعتمد الهجمات المتبقية على الأسلحة الرشاشة وفي بعض الأحيان يستخدم فيها القذائف الصاروخية، والتي وصل عددها إلى ما يقارب 10 عمليات بعضها اعترف بها النظام بتعرض قواته للهجوم.