بلدي نيوز- (شحود جدوع)
ظهرت في الآونة الأخيرة آفة جديدة تهدد الحقول الزراعية والمحاصيل في محافظة حماة، وظهر "الخلد" أو ما يعرف محلياً بـِ "أبو عمايا" وهو من القوارض التي تنتشر في منطقة الشرق الأوسط، وتسبب مؤخرا بتلف مساحات واسعة من الحقول المزروعة بالمحاصيل الربيعية، في ظل عدم القدرة على مكافحة هذه الآفة.
يقول المزارع "عبد الله الرجب" من مدينة "كفرزيتا" لبلدي نيوز: "حيوان الخلد أو "ابو عمايا"، انتشر مؤخراً بشكل واسع في الأراضي الزراعية المحيطة بمدينة كفرزيتا، وتسبب انتشاره وتكاثره بضرب المواسم في المنطقة".
وأضاف، تضررت عشرات الهكتارات، وعلى وجه الخصوص حقول البطاطا، حيث تبلغ كلفة الدونم الواحد أكثر من ٨٠٠ دولار أمريكي، ومن ضمن هذه الأراضي والحقول تضرر حقلي بنسبة كبيرة بسبب انتشار الخلد".
وأردف، "نقوم بمكافحة هذه الآفة عبر حبوب الغاز السامة، أو عن طريق مصائد يدوية، وتمكنا من اصطياد أكثر من عشرة منه خلال الأيام الماضية، إلا أن انتشاره بأعداد كبيرة، وعدم المكافحة الجماعية لجميع الحقول وضعف وسائل المكافحة وبدائيتها، حدت من عملية انتشاره بشكل طفيف".
وناشد الجهات المختصة في المناطق المحررة لمساعدة الفلاح وإيجاد طريقة متطورة لمكافحته قبل أن يستشري ويصبح آفة مستعصية، كما طالب بإقامة اجتماعات وندوات للمزارعين لشرح كيفية استيعاب ومكافحة هذه الآفة بطرق سليمة وبحملة جماعية تغني عن الجهود الفردية التي يقوم بها كل مزارع بمفرده.
أما المهندس الزراعي "عبد الرحمن محمد عبد الرحمن" فقال: "يجب علينا الانطلاق من قاعدة "الإنسان عدو ما يجهل"؛ فلذلك وجب على القائم بمكافحة هذه الآفة بمعرفة من هو عدوه من حيث طرق معيشته وتغذيته، ومواسم تكاثره للتمكن من التعامل مع مكافحته بطريقة سليمة وفعالة".
وأوضح أن الخلد من القوارض وينتمي إلى قسم الثدييات الفقارية والتي تتكاثر بالولادة، ويتغذى على النباتات والديدان وبعض الحيوانات من القوارض، ويصل وزن الواحد منه إلى نصف كيلو غرام، وطوله ١٥ سم ويعيش وسطياً من ٣ إلى ست سنوات، وهو كائن غير اجتماعي بطيء الحركة، ولا تتعدى سرعته ٦كم بالساعة، ويقضي معظم حياته تحت الأرض، يملك حاسة شم قوية ومتطورة جداً، مقابل ضعف شديد في حاستي السمع والرؤية، وطرفين أماميين منبسطين وواسعين مزودة بمخالب متينة وصلبة تساعده على الحفر، ورغم حركته البطيئة لكنه يتميز بقدرته على الحركة للأمام والخلف دون الدوران ضمن أنفاقه الضيقة والمظلمة.
وأضاف؛ إن شبكة الأنفاق التي يصنعها الخلد معقدة، بعضها للصيد وبعضها لخزن الطعام في الخريف، وبعضها للتزاوج وغيرها، ويختلف عمق أنفاقه عن سطح الأرض بحسب درجة الحرارة فوق سطح الأرض؛ ففي الصيف مثلاً يحفر انفاقاً عميقة سماكتها متر واحد من سطح الأرض أو ما يزيد، أما في الشتاء فلا يتعدى عمق النفق ٤٠ سم.
وأشار إلى أن الخلد يتميز بالشراهة والشهية العالية للطعام، حيث يستهلك يومياً ما يزيد عن وزنه من الديدان أو النباتات، ولا يستطيع الصيام أكثر من ١٢ ساعة لذلك يخزن الطعام في أنفاقه، ولا يرغب بدخول الضوء إلى أنفاقه بالمطلق حيث يغلق مدخل النفق بالتراب.
وعن دور الخلد في التوازن البيئي أضاف: "للخلد دور إيجابي في تهوية الأرض عبر شبكة انفاقه، بالإضافة لقضائه على الكثير من الديدان الأرضية والحشرات الضارة، إلا أن مضارة كبيرة على المزارعين حيث يستوطن الخلد في الأراضي الزراعية الخصبة ويبتعد عن الأراضي القاحلة والوحلية والرملية والصخرية، ويتغذى على الجذور الأرضية للنباتات كدرنات البطاطا والجزر والشمندر والفجل والفول السوداني وغيرها، بالإضافة لاستخدامه المجاميع الخضرية للنباتات لفرش أنفاقه، ويستهدف الخلد الواحد مساحة تقدر بين ٢٥٠ إلى ٥٠٠ متر مربع من الأراضي المزروعة، ما يعتبر آفة زراعية تقضي على محاصيل المزارعين.
وأوضح أنه يمكن الاستدلال على مكان تواجده من خلال تواجد أكوام من التراب متفرقة في الأراضي بارتفاع ما يقارب ١٠ سم، بالإضافة لوجود نباتات ذابلة، وعند سحبها من الأرض يلاحظ أنه لا يوجد لها جذر.
أما بالنسبة لطريقة مكافحته؛ فقد ذكر وجود عدة طرق أبرزها استثارة الخلد وفتح فوهات أنفاقه، واستدراجه ليقوم بإغلاقها وإطلاق النار عليه باستخدام بارودة صيد، أو إغراقه بالماء أو زرع بصل محقون بالسموم في الحقل المتواجد فيه، أو وضع أقراص غاز "الفوستوكسين" في أنفاقه وإغلاقها عليه وسكب الماء فيها، والتي بدورها تطلق غازات سامة تقتله، أو عن طريق وضع المصائد اليدوية التي تمكن من اصطياده حياً.
يذكر أن ريف حماة الشمالي يعتبر من أهم المناطق المنتجة للمحاصيل الربيعية في سوريا، وتمتاز المنطقة بجودة محاصيلها ووفرة إنتاجها ما جعلها إحدى أهم المناطق الزراعية التي تزرع مواسم مختلفة ومتعددة، وبقدرة إنتاجية كبيرة ووافرة.