بلدي نيوز- (تركي المصطفى)
مدخل
من الأسئلة الضاغطة المتداولة التي يثيرها المهتمون بالشأن السوري؛ لماذا سقط الرئيس الجزائري بوتفليقة كنظرائه في مصر وليبيا وتونس واليمن وبقي الأسد جاثما على صدور السوريين؟
بالتأكيد المقارنة ليست دقيقة بين الرئيس الجزائري المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، وبين الأسد الوريث، في ظل الاختلاف الحاد بين النظامين السوري والجزائري شكلا ومضمونا، ولكن يبقى السؤال؛ كيف يمكن تفسير أن الثورة في سوريا أخفقت بعد ثماني سنوات في تغيير نظام الأسد، فيما تمكّن أقرانهم في الجزائر وبأربعين يوما من الحراك الجماهيري الإطاحة بالرئيس بو تفليقة، ولكن هل بقي للجزائريين هناك ما يخشونه من أي تهديد لتحقيق مطالبهم؛ فالمسألة الآن بعد إزاحة بو تفليقة تتعلق بما سيُبادر به الجيش الجزائري، هل سينقل الجزائر من عهد الاستبداد إلى الديمقراطية، بعد أن سيطروا على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية فضلا عن العسكرية؟
لست ممازحا في هذا التخيّل بما يخص الجزائر، ولكن التخيل في الحالة السورية أمر يدعو للضحك والمهزلة في ظل نظام عصبوي يقود الفوضى الخلاقة في المنطقة، بمحركات دفع أميركية وإسرائيلية.
بو تفليقة والأسد الوريث وجها لوجه
يتحدر بوتفليقة سياسيا من جيل الاستقلال عن فرنسا، وقد بدأ حياته السياسية وزيرا شابا في الستينات من القرن الماضي، كواحد من المقربين المخلصين للقادة الثوريين الذين قادوا حركة التحرير الوطني عن فرنسا، وعلى رأسهم الرئيس هواري بو مدين الذي عينه وزيرا للخارجية؛ فأثبت قدرته على العمل الدبلوماسي بواقعية ومهارة وهذا ما دعا الخبير بالشؤون الجزائرية "هيو روبرتس" في جامعة تافتس للقول: "بأن بوتفليقة لديه سمعة رجل ماهر وماكر وليس السياسي الملتزم بقضية، ولا الرجل الذي التزم بمبدأ معين"، مما جعله يقف إلى جانب هواري بومدين في عام 1965 للإطاحة بأحمد بن بيلا.
بعد وفاة بومدين عام 1979، اتهم بالفساد المالي والاختلاس وبمحاولة إيداع أموال وزارة الخارجية في حسابات ببنوك سويسرية؛ وانتهى به المطاف منفيا خارج الجزائر لفترة طويلة، ليعود مرة ثانية إلى السياسة بطلب من جنرالات البلاد للمساعدة في رأب جراح الحرب الأهلية "القذرة" كما وصفها الضابط الجزائري حبيب السويدية.
وصار بو تفليقة رئيسا للبلاد في عام 1999م، فعقد صفقة مع الإسلاميين، ولكنه لم يستطع المواصلة بسبب عجزه الذي أقعده عن الحركة، ومع ذلك عبر عن رغبته بولاية خامسة. وكان هذا كفيلا بإغضاب الشعب الذي قرر الخروج إلى الشارع في 22 شباط /فبراير ولم يغادرها حتى أعلن العسكر في الجزائر خلع الرئيس بو تفليقة.
أما الأسد الوريث، فهو عصارة نظام أرساه الأسد الأب بمؤازرة دولية باركت وصوله للسلطة عام 2000م، وعلى رأسها واشنطن التي أوفدت وزيرة خارجيتها حينذاك "مادلين أولبرايت" لأخذ التعهدات من الوريث بتنفيذ أجنداتها في المنطقة، وعلى رأسها حماية الأمن القومي الإسرائيلي، وتركت للضباط الذين يتحدّرون من الطائفة العلوية السورية، تنفيذ التوريث كـ"تعديل" الدستور وترسيخ سلطته، وهذا ما منع سقوطه على مدار ثماني سنوات من الحرب الضروس التي استخدم فيها جيشه كافة أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين، ومنها مجزرة كيماوي خان شيخون التي يعيش السوريون ذكراها السنوية الثانية هذه الأيام.
العسكر هنا وهناك.. حروب وإبادة جماعية
الجزائر..
يقول في كتابه (الحرب القذرة): "أدعى حبيب سويدية.. أنا ضابط سابق في الجيش الجزائري، وإذا قررت مع هذا الكتاب أن أشهد، فذلك بالدرجة الأولى من أجل تحرير ضميري، لأنني لا أريد بأي حال من الأحوال أن أشعر بأنني شريك في جرائم ضد الإنسانية"، هذه العبارة التأسيسية هي التي ستقود القارئ داخل كتاب "الحرب القذرة" للجزائري حبيب سويدية، الضابط السابق في وحدة مكافحة الإرهاب التي التحق بها لمدة ثلاث سنوات، عايش سويدية الأحداث الدامية منذ العام (1992 حتى 2002 م) عقب إلغاء فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في أول انتخابات برلمانية تعددية بتاريخ البلاد، وأجبر الجيش الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة ودخلت البلاد دوامة الدم فيما عرف بـ "العشرية السوداء".
وفي أبريل/نيسان 1999 تولى الرئيس عبد العزيز بتوفليقة الحكم، وكانت أولى مهامه السعي إلى استتباب الأمن عبر إقرار قانون الوئام المدني الذي وافق عليه الشعب في استفتاء شعبي، وكذلك استعادة هيبة الدولة، ولكن الجماهير التي احتشدت في شوارع المدن الجزائرية منذ 22 شباط /فبراير، وكانت سلمية واحتفالية ومصممة، تؤمن على ما يبدو أن الديمقراطية لن تتحقق دون إعادة تشكيل كل شيء وبداية جديدة بعد حكم ديكتاتوري فاسد، ولهذا السبب هتفوا بشعار "أيها النظام إذهب إلى الجحيم".
تحرك الجيش الجزائري ولكن ليس ضد الشعب، إنما اتهم قادته "مؤسسة الرئاسة " بإطالة الأزمة، مركزين على "حفنة من الأشخاص راكموا ثروات هائلة بطرق غير شرعية"، في تلميح واضح لرجال الأعمال الذين كانوا يدورون في فلك بوتفليقة، ودعا الجيش إلى تفعيل بنود الدستور التي تعتبر بوتفليقة شخصا عاجزا عن الحكم، وقد حاول الحصول على ضمانات لنفسه وعائلته، ولكن قائد أركان الجيش الجزائري ضغط بقوة على مؤسسة الرئاسة وأطاح ببوتفليقة، دون أن يطلق طلقة باتجاه الجماهير المحتشدة في الساحات العامّة، ومع ذلك فالجماهير الجزائرية لا تعلم إن كان الجيش سيمضي معها، أو سيتم تجاوز المتطلبات الدستورية في حال شغور الرئاسة الذي يقتضي تعيين رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان الجزائري رئيسا مؤقتا لحين تنظيم انتخابات رئاسية، أو إن كانت ستتكرر تجربة العام 1991 والتي تدخل فيها الجيش وألغى جولة ثانية للانتخابات مما أدخل البلاد في جحيم حرب أهلية استمرت عشر سنوات.
سورية..
يشكل العلويون فيها أقل من 10بالمئة من عدد السكان، استولوا على السلطة تدريجيا ابتداء من العام 1970م، وأمسكوا بالمؤسسة العسكرية والأمنية منذ انقلاب العام 1963م، ووصول الضابط صلاح جديد لرئاسة الأركان، فيما تولي حافظ الأسد وزارة الدفاع، حيث قام جديد بتسريح الضباط الأمراء "السنّة" بذريعة الانتماء للناصرية أو الشيوعية وطرد حتى شركاءهم في انقلاب آذار ومنهم "اللواء زياد الحريري"، وهذا ما ذكره مصطفى طلاس في كتابه "مرآة حياتي"، ثم أطاح الثنائي جديد والأسد بالرئيس محمد أمين الحافظ في شباط عام 1966م، وفتحوا أبواب الكليات العسكرية أمام العلويين ومنعوها عن أغلبية المكونات الاجتماعية في سوريا.
بعد انفراد الأسد بالسلطة في انقلابه على جديد؛ باتت المؤسسة العسكرية يسيطر عليها العلويون الذين تتجاوز نسبتهم في الجيش عام 2011م (80 ) بالمئة، حسب إحصاءات استقصائية جزئية يمكن إسقاطها على النسبة العامة للضباط الذين يشكلون الكتلة الصلبة الداعمة للأسد، وبالتالي؛ ما جعل سلك الضباط متماسكاً هو مسألتين متلازمتين؛ الولاء للطائفة وحماية نظام النفعيات، حيث طوق الأسد الأب دمشق بحزام طاٸفي علی شاکلة المستوطنات الإسراٸيلية في الجولان المحتل، وفي هذا يقول السياسي السوري مصطفى حديد: "ما تعلمه حافظ الأسد من إسرائيل، بناء مستوطنات لجيشه في محيط المدن، الفرق أن المستوطنين اليهود كان ولاؤهم لدولة إسرائيل في حين حرص الأسد على جعل الولاء محصوراً بأسرته، والفرق الثاني هو نزعة التوحش والبربرية التي تميز بها جنود الأسد من خلال حقدهم على السوريين أكثر مما يحقد المستوطنون اليهود على الفلسطينيين، فلم يحدث في تاريخ التوحش البشري أن رفع مثل شعار "الأسد أو نحرق البلد"، فهم يتحكمون بمراكز القيادة في المؤسسة الأمنية والعسكرية من الفرق والألوية والكتائب بما تحوي من أسلحة استراتيجية كالطيران والصواريخ، فيما تقلّد الضباط السنّة مناصب شكلية ولا يملكون أية صلاحيات تقريرية، وبعد انشقاق أغلبية الضباط السنة عن جيش الأسد باتت نسبة الضباط العلويين أكثر من 95 في المئة، ويشكل الجنود السنّة الذين يؤدون خدمة العلم 85 في المئة من تعداد الجيش، فأطلق الأسد الأب ووريثه يد الضباط العلويين لابتزاز الجنود عبر استحداث ظاهرة عرفت باسم "التفييش"، أي حصول الضابط على مبلغ مالي من الجندي مقابل إجازات شهرية بحسب الوضع المادي للعسكري، ومن لا يملك المال يسومه الضباط سوء العذاب، ومع انطلاقة الثورة السورية برزت ظاهرة جديدة سميت بـ "التعفيش"، الملازمة لشريحة متوحشة مجتزأة من الجيش وخارجه، معروفة باسم "الشبيحة"، كما استقدم ميليشيات طائفية إرهابية من خارج الحدود للقتال إلى جانب قواته، في إعلان صريح وواضح لطبيعة الحرب العقائدية التي يخوضها، وهو استدعاء الروح المذهبية الشيعية لمواجهة "السنّة" ويقدر عدد تلك الميليشيات العابرة للحدود بنحو 70 ألف مقاتل، معظمهم من ميليشيا "حزب الله" اللبناني والميليشيات العراقية والإيرانية واليمنية الحوثية والأفغانية".
بعد تدمير المراكز العمرانية بالطائرات والمدفعية، يقوم هؤلاء باجتياحها واستباحة كل محرم من دم ومال وعرض، والاستيلاء على ممتلكات السكان وبيعها بأسعار زهيدة في أسواق خاصة أطلقوا عليها اسم "أسواق السنَّة".
المزاج الدولي.. تثبيت الأسد وخلع بوتفليقة
قبل مجزرة كيماوي الغوطة عام 2013م وما بعدها، وقف الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاعة الرئيسية من البيت الأبيض، وطالب بتنحي الأسد، وكذلك طالبت لندن وباريس وغيرهما من دول الغرب، ولكن أثبتت تطورات الأحداث في أن من يحمي نظام الأسد حتى الآن ويمنع سقوطه وسقوط رئيسه، هم الأمريكان وإسرائيل حصراً، وليس طهران ولا حتى موسكو، وبهذا يمكن تفسير كيف تعامل الأمريكيون والفرنسيون مع نظام بوتفليقة الذين سمحوا بسقوطه تكتيكيا دون جلبة أو ضجيج، فيما سحقوا نظامي الرئيسين صدام حسين ومعمر القذافي من جذورهما، تجاوزا لفيتو روسيا والصين في مجلس الأمن، بينما كانت واشنطن متفقة مع الروس على استخدام الفيتو فيما يخص المسألة السورية لأنها لم تكن تنوي مطلقاً الإضرار بنظام الأسد، لتتذرع به ذلك لأن نظام الأسد، لم يشكل خطراً على المصالح الغربية ولا على أمن "إسرائيل" بل كان ولا يزال ينفذ الأجندات المرسومة له على أكمل وجه، ويدور في فلك المشروع الأمريكي في المنطقة، وكلما ازدادت المطالبة برحيله وتنحيه، ازداد عدوانية وإجراما ضد الشعب السوري الثائر؛ فالكيماوي الذي يعتبر الخط الأحمر، استخدمه في الغوطتين الشرقية والغربية، واستمر بذلك حتى بعد توقيعه على الاتفاقية التي لعبت "إسرائيل" دورا أساسيا في تجنيبه تهديد الولايات المتحدة، وروسيا باستخدام حق الفيتو، وبلغت حينها الإدانات الدولية مداها في الدعوة إلى تنحيه ومحاكمته دوليا، وقبل وبعد وصول ترامب الى السلطة، أشار الى دعوته للتنحي، وحينها استخدم الأسد السلاح الكيماوي في مدينة خان شيخون، واكتفى الرئيس ترامب بقصف مطار الشعيرات الذي أخطرت روسيا نظام الأسد مسبقا بإفراغه، وبات العالم يشاهد فيلما شبيها بتوم وجيري.
هذه التطورات كانت تعني نتيجة واحدة هي "تثبيت الأسد في منصبه" ويمكن إجمال كل ذلك بالتالي:
- التذرع بعدم إيجاد البديل: حانت عدة فرص للإطاحة بنظام الأسد قبل تغوله وحلفائه بالدم السوري، وقبل ظهور أي تنظيم مدرج على لوائح الإرهاب، لكن الولايات المتحدة تذرعت بعدم ايجاد البديل، ومارست ضغوطا مضاعفة لمنع إسقاط الأسد بحجة إشاعة الفوضى، وسيطرة الإسلاميين وانتشار الإرهاب.
- تعزيز التدخل الإيراني في سورية بذريعة محاربة الإرهاب: تجلى البعد العسكري الإيراني في سورية بمظاهر استقطاب متعددة لبنادق الميليشيات الطائفية المأجورة، التي استقدمتها من لبنان والعراق وأفغانستان وغيرها، مما أدى إلى تعاظم النفوذ الإيراني في سورية وسيطرته على قرار نظام الأسد من خلال انتشار تلك الميليشيات في غالبية المناطق السورية وقتالها ضد الشعب السوري تحت شعارات مذهبية، وارتكابها مجازر وحشية فاقت المجازر الصهيونية والنازية في قتل الأغيار، وقد تغاضت إدارة باراك أوباما عن التدخّل الإيراني في سورية لتثبيت نظام الأسد وشجعتها على ذلك من خلال المفاوضات النووية التي كانت نتيجتها الإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة، استخدمتها طهران في دعم الأسد.
- تنسيق واشنطن مع تل أبيب وموسكو في سورية لمنع سقوط الأسد: يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعامل مع القضية السورية بعقلية القيصر بهدف إعادة أمجاد بائدة بايديولوجيا مغايرة، بالتوافق مع الولايات المتحدة التي يصورها بعض القومجيين والممانعين بهزيمة واشنطن أمام الدب الروسي في الشرق الأوسط، في الوقت الذي بات فيه التنسيق الروسي- الاسرائيلي تنسيقا، كاملا تضمهما غرفة عمليات مشتركة بالتعاون مع ايران، فالمحرك الإسرائيلي هو الضابط والضامن لمصالح واشنطن وروسيا في المنطقة، واللقاءات الروسية - الاسرائيلية السابقة للتدخل الروسي العسكري في سورية ترجمها وزير الخارجية الاسرائيلي الأسبق جوزيف ليبرمان بقوله: "إن التنسيق الروسي الاسرائيلي في سورية يجري على مدار الساعة وسبعة أيام في الأسبوع".
وبما أن الولايات المتحدة شريك أصيل لـ "إسرائيل"؛ فالتدخل الروسي في سورية جاء بموافقة إسرائيلية ومباركة أميركية، واضعة روسيا نفسها "مقاولا" لواشنطن وتل أبيب عندما ضغطت على الأسد لتسليمه السلاح الكيماوي الاستراتيجي، وجاء اتفاق (كيري- لافروف) أشبه باتفاقية سايكس بيكو لتقاسم النفوذ والثروات، وتمزيق سورية بين الأميركان والروس في لعبة واضحة هي تبادل المصالح بين الطرفين عكستها التفاهمات التي أبرمت بين الروس وحكومة الرئيس الأميركي ترامب في اتفاق جنوب غربي سورية، وفي غرف منع التصادم العسكري على شكل شراكة متينة في الملف السوري، واتفاق على تخلي واشنطن عن مطالبتها بتنحي الأسد ولو إعلاميا مهما فعل.
خلاصة
تؤكّد شواهد التاريخ السياسي العسكري السوري لأكثر من أربعة عقود ونيف من عمر استيلاء آل الأسد على السلطة في سوريا؛ أن خيار الحسم العسكري كان الفيصل لتعزيز القبضة على الحكم بواسطة حروبٍ عنيفة خاطفة، كالانقلابات العسكرية التي حدثت في أعوام " 1963 و1966, و1970"، التي رافقتها حالات نهبٍ ومصادرة للحقوق بالقوة الغاشمة، ومن ذلك ما تعرضت له مدينة حماة من مذابح رهيبة عامي "1964, و1980" والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف في مجازر جماعية، ومن نتائج تلك الانقلابات نمو النزعة الفردية التي قادت إلى تنازع الحكم بين حافظ الأسد ومجموعة من العسكريين الذين قام بتصفيتهم، وشيئا فشيئا باتت الديكتاتورية نظاما للحكم وانقلب الأسد لطاغية وأسس نظاما يقوم على تشويه كل الأسس التي تضعها نظريات الحقوق الدستورية تحت مسميات مختلفة؛ كـ "الجبهة الوطنية التقدمية ومجلس الشعب"، ويدلل التاريخ السياسي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أن القوى الخفية العالمية تمكنت من إيصال الرجل الذي تريده إلى الحكم في العديد من دول العالم الثالث كي يخدم مصالحها على حساب مصالح الشعوب وحريتها، وتعد المخابرات المركزية الأمريكية صاحبة الذراع الأقوى بين الأجهزة المتخصصة في صناعة الحكام في العالم كله، وعلى رأسهم حافظ الأسد ووريثه، بينما بوتفليقة أدى خدماته الوظيفية ليرحل دون ضجيج دولي ما دامت المؤسسة العسكرية في الجزائر ضمن دائرة القرار الدولي المهيمن على المنطقة، ومع هذا يبقى الشعب الجزائري يحدوه الأمل في تجاوز أحداث التسعينيات من القرن المنصرم.