بلدي نيوز- (شحود جدوع)
يقع حي "ظهر المغر" جنوب مدينة السلمية بريف حماة الشرقي، ويقطنه أغلبية من الطائفة العلوية على خلاف مدينة السلمية التي يقطنها أغلبية إسماعيلية، ومن أبرز العائلات "السلامة والصالح ودردر والكرع"، وهذه العائلات تعتبر دخيلة على مدينة السلمية، قدمت منذ الثمانينات من قرى تلكلخ بريف حمص واستقرت فيها.
ومع بداية الحراك السلمي في الأراضي السورية، شارك الآلاف من أحرار مدينة السلمية في المظاهرات، وكان لـ "ظهر المغر" حينها مهمة الإيقاع بين "السنة والإسماعيليين" في السلمية، حيث حاول شبيحة الحي الاعتداء على المصلين في جامع السوق الكبير، ورددوا حينها هتافات دينية تخص الطائفة الإسماعيلية، إلا أن أبناء الطائفة الإسماعيلية تصدوا لهم حينها، وافتضح أمرهم، ثم استمروا بخلق الدسائس عن طريق تحطيم صور الزعيم الروحي للطائفة الإسماعيلية (كريم آغا خان) في المدينة، وحاولوا نسب العملية لأبناء الطائفة السنية، إلا أن أحرار المدينة في اليوم التالي خرجوا بمظاهرة ضخمة في حي الجورة ورفعوا فيها صورة (كريم آغا خان) وأفشلوا مخططهم في إشعال فتيل الفتنة.
وبعد فشل محاولات الفتنة تلك، قام اللواء "أديب سلامة" نائب قائد المخابرات الجوية في حلب حينها، والذي ينحدر من الحي بتسليح أهالي الحي الذي كان يقوده شقيقه "مصيب السلامة"، بالتزامن مع تسليح القرى العلوية في "خنيفس والمبعوجة وعقارب والصبورة"، والاعتماد عليهم في اقتحام السلمية واعتقال معظم ناشطيها والتضييق عليهم، ما أجبر معظمهم على ترك المدينة والتوجه إلى المناطق المحررة وتركيا.
وما أن أحكم نظام الأسد وشبيحته سيطرتهم على مدينة السلمية؛ بدأت هذه العصابات بالانتشار على طريق حمص – السلمية، وطريق السلمية – إثريا، إذ يربطان مدينة حلب بوسط سوريا، وبدأت حينها تلك العصابات بخطف المدنيين المسافرين بين حلب والداخل وتغييبهم وتعذيبهم، ومن ثم مفاوضة أقاربهم للحصول على مبالغ مالية كبيرة، وفي حال عدم الدفع يقومون بقتلهم وإلقاءهم في "خشخاشات" وهي آبار ومغر في الحي.
وشارك مع عصابات "مصيب السلامة" قادة عصابات أخرى تتبع لـ "محمد دبو ومصطفى عبيدو وفارس علوش وبهاء ووليم العيسى" من السلمية، و "خالد وسمير الظريف الجربوع ومحمود عفيفة" من خنيفيس، و "غزوان السلموني" من الصبورة، و "وريث اليونس الذي قتل لاحقاً، وشقيقه رجب اليونس" في قرية الكريم غرب السلمية، و"فراس ورد" المسؤول عن مقر الزرازير قرب ظهر المغر، وشكلوا تحالفاً سيطر على طريقي السلمية – حمص، و السلمية – إثريا، واعتقلوا المئات من العابرين على الطريقين وقتلوا كل من لم يتجاوب من ذويهم ويدفع المبالغ التي كانوا يطلبونها، والتي تصل إلى 20 مليون ليرة سورية على كل مخطوف.
واشتهر (مصيب السلامة) بشغفه في شراء الحيوانات المفترسة كالضباع والأسود والنمور، التي كان يطلقها على المعتقلين ويطعمها من لحومهم بعد استشهادهم، وكان يستورد الحيوانات عبر تاجر يدعى "أيمن عفوف" الملقب بـِ "أبو كليب" أو "أبو جاد"، واشتهر المجرم "طلال الدقاق" من مدينة حماة بعد تسريب أحد الفيديوهات وهو يطعم أسده أحد الأحصنة الأصيلة الحية، إلا أن "الدقاق" كان تلميذاً لـ "فراس ومصيب السلامة ومحمود عفيفة" الذين أهدوه أسداً ونمراً.
ومع نهاية سيطرة تنظيم "داعش" على ريف حماة الشرقي قبل عامين، وافتتاح المعابر مع المناطق المحررة، بالإضافة إلى افتتاح طرق جديدة للمسافرين، تقوقعت الميليشيات الأخيرة في قراها وأحيائها، وبدأت تخطف من أبناء مدينة السلمية وتقايضهم بالأموال، بالإضافة إلى ابتزاز الشبان في المدينة بالاعتقال لإجبارهم على دفع الأتاوى لهم.
ونشبت بين العصابات المنطقة خلافات على تقاسم الأموال التي جنيت من عمليات الخطف، وبدأت الاعترافات تظهر حول عملياتهم، وتقديم الشكاوى للأمن الجنائي، حيث تم اكتشاف عدة آبار مليئة بالجثث موجودة في مزرعة "رجب ووريث اليونس"، إلا أن اللواء "أديب سلامة" معاون رئيس فرع الأمن الجوي بدمشق حالياً، تدخل شخصياً وأغلق الملف، وقام باعتقال "محمود عفيفة وعلي حمدان" وملاحقة "وريث اليونس" وإغلاق الملف بشكل تام.
ومع استفراد آل "سلامة ودردر" في مدينة السلمية، واعتقال "فراس السلامة ومحمد الشعار" مؤخراً في مدينة حمص بدعاوى تبييض الأموال، شكل آل "سلامة ودردر" دولة مغلقة في حي "ظهر المغر" داخل مدينة السلمية، وقاموا بإغلاق الحي بالحواجز والمتاريس، وأعلنوا أن أية دورية لأمن النظام أو جيشه تحاول الاقتراب من الحي هي هدف مشروع، ويحوي الحي عدة سجون ومعتقلات يتواجد فيها المئات من السوريين من معظم المحافظات السورية، وأصبح الحي ملاذاً آمناً للصوص والمطلوبين للأفرع الأمنية ومرتعاً لعمليات القتل والسرقة والخطف.