كابوس الخدمة بقوات النظام يطارد الشبان بمناطق سيطرة "الأسد" - It's Over 9000!

كابوس الخدمة بقوات النظام يطارد الشبان بمناطق سيطرة "الأسد"

بلدي نيوز- ليلى حامد
تلقيت خبر سوقي ﻷول مرة إلى الخدمة العسكرية صيف العام 1987، كنت أصعد الدرج باتجاه المنزل، والدتي كانت تتحدث إلى الشرطي الذي بدا مندهشاً، وهو يمسك السجل الكبير البني اللون في يده، ﻷسمعها تقول مشيرةً نحوي، وصل المطلوب استلمه.
رغم أني لم اتفاجأ بوجود الشرطي، ولم أخش شيئاً فقد أحببت أولئك الرجال الذين يرتدون تلك الثياب، لكنه بدا منزعجاً، طلب دفتر العائلة، أحضرته والدتي، بينما ما زلت أقف على عتبة المنزل ﻻ أفهم ما يدور حولي، اقترب مني وهمس في أذني، "نفدت بريشك يا عمو"، وضحكته ما يزال صوتها محفوراً في أذني حتى اليوم.
يتابع الناشط والصحفي المعارض "فرات الشامي"، كنت مطلوباً لخدمة العلم كما يسمونها ولم يتجاوز سني حينها اﻷربع سنوات. مضيفاً، "لم يكن تشابه أسماء، وإنما خطأ من شعبة التجنيد في دمشق".
مستطرداً، "كنت وﻻ أزال وحيداً ﻷسرتي، والجميع يسخر من تلك الحادثة، وليت من بقي منهم على قيد الحياة يشاهد المهزلة التي تحدث منذ تفجّر الحراك الثوري ضد نظام اﻷسد، وتحديداً في هذا الجانب".
بلدي نيوز، التقت الشاب "م.ع" الذي تمكّن قبل نحو شهرٍ من العبور إلى إدلب هرباً من الخدمة اﻹلزامية، بعد أن وصل إليه نبأ من أحد أقاربه العامل في شعبة التجنيد العامة، يؤكد وجود اسمه في قوائم السوق.
"م.ع" يقول، "خسرت جامعتي، لكنني ربحتُ ذاتي وموقفي"، مضيفاً، "تجاوز عدد أصدقائي العشرات في الجامعة، جميعهم تواروا عن اﻷنظار، أقفل حتى هاتفه الخليوي، وانقطع التواصل بهم، بعد أن تم استدعاؤهم إلى الاحتياط عن طريق المختار أو قسم الشرطة، وخسروا حتى وظائفهم"، مستطرداً بسخرية، "من الطبيعي أن يطلب من هم في سني إلى الخدمة، لكن أولئك -الفارين- من المعيب أن تقحم أسماؤهم في تلك القوائم، بعضهم تجاوز سنه الخامسة واﻷربعين، بعضهم من الطائفة العلوية لم يمضِ على إنهاء خدمته مدة قصيرة بسبب إصابته في المعارك التي دارت في غوطة دمشق، وبترت ساقه، ليجد رغبةً في نفسه تدعوه ﻹكمال تعليمه الجامعي".
ويتابع "شيء مؤسف أن تخسر وطنك، أمام عينيك، حتى الموالي انحاز إلى الفرار، بعد أن بلغ السيل مبلغه، وتكشفت حقائق كثيرة في مقدمتها طمع تجار الحرب باستنفاذ ما بقي لدينا من مال".
قصص كثيرة غصت بها دمشق، والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام تروي حكايا من هذا النوع، وهي ليست المرة اﻷولى منذ اندلاع الحراك الثوري بشقه العسكري الذي يصار فيه إلى إخلاء المدن من شبابها، ففي كل عامٍ تقريباً، تبلغ اﻷزمة ذروتها، والشباب بين مستخفٍ متوارٍ عن اﻷنظار، وبين فارٍ إلى إحدى دول الجوار.
دعوات اﻻحتياط التي أعلن نظام اﻷسد عنها مؤخراً أثارت استياء الشارع، ﻻ سيما بعد الحديث عن أكثر من عشرين ألفِ مكلف من مواليد 4791 -9791، ليتجدد معه هاجس الخوف لدى الشباب واﻷسرة السورية.
"أ.ع" أربعون عاماً، من الطائفة العلوية، غادر اللاذقية ووصل إلى مصر، عبر وسيط في وزارة الدفاع، محسوب على عائلته، بعد مقتل ثلاثة من إخوته في المعارك التي دارت مع المعارضة، ويؤكد في اتصال هاتفي مع بلدي نيوز، أنّ الأزمة لم تنته، وأنّ الشرخ في العلاقة اﻻجتماعية بين مكونات الشعب السوري فاقت الحدود، مضيفاً، "اعتقدنا أن المسألة انتهت لكن يبدو أن الشلال المالي سينقطع بتوقف اﻷزمة، ما دعا تجار وأمراء الحرب ﻹعادة إحيائها، بهدف ملأ الجيوب، وهو تماماً ما حدث معي حتى تمكنت من الفرار من مصيرٍ محتوم، أو على اﻷقل من فكرة اﻻنخراط في قتالٍ باتت معالم غياب الوطنية والسيادة غائبةً عنه".
تأتي دعوة اﻻحتياط اﻷخيرة عقب مرسوم العفو اﻷخير الذي أصدره بشار اﻷسد، في تشرين اﻷول من العام الفائت، والذي شمل "عفواً عن كافة العقوبات لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي"، شريطة أن يسلّموا أنفسهم خلال مدة محددة.
ويذكر أيضاً أنّ السن القانوني للدعوة إلى اﻻحتياط اثنان وأربعون عاماً، في حين تطلب شعب التجنيد في المحافظات السورية من تزيد أعمارهم عن ذلك، فضلاً عن استدعاء المسرحين بسبب إعاقة أو إصابة في الحرب الدائرة، اﻷمر الذي أثار مزيداً من استياء الناس.
يقول "ع.ع" خمسون عاماً، موظف في إحدى الدوائر الحكومية بدمشق، لبلدي نيوز، "نستغرب سر سوق الشباب مجدداً، بل إنّ شعب التجنيد لم تقدم لنا سبباً ﻻستفسارنا حول أسباب دعوة أوﻻدنا للاحتياط".
يضاف إلى أزمات الغاز والكهرباء وغيرها، عودة أزمة التجنيد واﻻحتياط، التي اعتقد كثيرون أنها انتهت بعد دعوات حكومة النظام للعودة إلى مايسمى "حضن الوطن" وتطمينات بكف البحث، تبددت سريعاً دون تفسير، في حين يقول الصحفي، فرات الشامي، "خطة مقصودة تهدف إلى الحشد باتجاه استرجاع إدلب، ويمكن اعتبارها ضمن سيناريو البروباغندا وتخويف المعارضة، وإن كان يفترض أخذها على محمل الجد، وفي الوقت نفسه تفتح باباً للابتزاز ونهب ما بقي من أموال الناس".

وحتى تبرر حكومة اﻷسد سرّ سوق الشباب والمعاقين واﻷموات إلى اﻻحتياط، تخلو الشوارع بين الحين واﻵخر من "الذكور"، وتخلو الطرقات أو تكاد إﻻ من نساءٍ وعجائز، فهل انتهت حرب اﻷسد ونظامه على المدنيين فعلاً؟.

مقالات ذات صلة

ما المواقع التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية في حلب؟

بخصوص الركبان.. رسالة من الائتلاف الوطني إلى الأمم المتحدة

شركة“روساتوم آر دي إس” (Rusatom RDS) الروسية ستبدأ توريد معدات غسيل الكلى إلى سوريا

"التحقيق الدولية": سوريا مسرح لحروب متداخلة بالوكالة

الإعلام العبري يكشف هوي منفذالغارات على دير الزور

ما الأسباب.. شركات دولية ترفض التعامل مع معامل الأدوية السورية