بلدي نيوز – (صالح أبو إسماعيل)
مضى 36 عاماً على المجزرة التي ارتكبها نظام "الأسد" الأب بحق أبناء مدينة جسر الشغور بريف إدلب إلا أن أصداءها لا تزال حاضرة في أذهان أبناء المدينة الذين ثاروا على "الأسد" الابن مطلع العام 2011 ليجددوا رفضهم لنظام الظلم والاستبداد.
وأضربت مدينة جسر الشغور في الثامن والتاسع من آذار/مارس عام 1980، وفي يوم الاثنين العاشر من آذار، خرجت مظاهرة بدأها طلاب المدرسة الثانوية، وانضم إليهم عدد كبير من المواطنين، فجابت الشارع الرئيسي في المدينة يهتفون شعارات تندد بالنظام الحاكم، هاجمت المظاهرة المؤسسة الاستهلاكية (رمز الجوع والحرمان) في نظام الأسد، ثم توجه المتظاهرون إلى مكتب حزب البعث ففـر البعثيون يومها.
في ليلة العاشر من آذار، وصلت إلى المدينة أكثر من خمس وعشرين طائرة عمودية محملة بجنود الوحدات الخاصة يقودهم العميد علي حيدر، ويعاونه عدنان عاصي، قائد مخابرات إدلب، وتوفيق صالحة محافظ إدلب يومها، حيث نزلت الطائرات حول المدينة (في معمل السكر والثانوية وطريق حمام الشيخ عيسى، وساحة البريد، ومحطة القطار… )، ليفرضوا عليها حصاراً خانقاً من الاتجاهات كافة، وفرض حظر تجوال وقصف المدينة بالمدافع.
وبدأت الوحدات الخاصة تقتل كل من تصادفه أمامها، دون معرفة شيء عنه، ليصل عدد الشهداء إلى نحو خمسين مدنياً بينهم عدد من المسيحيين من أبناء المدينة، كما أحرقوا قرابة ثلاثين متجرا للمواطنين بعد أن نهبوا ما فيها من بضائع، ومنها محلات الذهب، ومحلات الأقمشة ومحلات الأدوات الكهربائية.
بدأت الكتيبة الأولى بذبح العشرات ممن لا ذنب لهم سـوى أنهم من أهالي جسر الشغور، واعتقلت كتيبة ثانية الرجال من البيوت وجمعوهم في المقرات التي استقروا فيها حول المدينة، وعذبوهم أقسى أنواع التعذيب كالضرب بالكابلات الحديدية، وحرق لحاهم، وصعقهم بالكهرباء وغيرها من الأساليب الإجرامية، وبحثوا عن طلاب الجامعات ليقتلوهم دون تحقيق معهم، ووثق ناشطون أسماء خمسة عشر طالباً أعدموا ميدانياً.
ويروي أبو سعيد أحد سكان المدينة لبلدي نيوز ما حدث في اليوم الثاني، قائلاً "كنت يومها طفلاً صغيراً عندما رأيت عدداً من الباصات تجتمع عند البريد بعد أن جمع عشرات الرجال من المدينة ليتم قتلهم بالرصاص بعد تعذيبهم، حيث رأيت أكثر من ثلاثين رجلاً أطلقوا عليه الرصاص، كما رأيت جثث عدد من النساء، لن أنسى ذلك اليوم ما حييت، كما لن أنسى كيف نقلوا الجثث بالجرافات خارج المدينة".
وبعد التحقيق المبدئي، والتعذيب نقلوا عدداً كبيراً من الرجال إلى مدينة إدلب، بعد تحميلهم في السيارات مكبلة أيديهم وأرجلهم بالأسلاك.
وفي اليوم الثالث، ذهبت الوحدات الخاصة بطائراتها العمودية إلى القرى المحيطة بجسر الشغور مثل الجانودية، وزرزور، والحمامة، والشغر، وخربة الجوز، وبكسريا، حيث قتلوا عدداً كبيراً من أبناء تلك القرى.
يقول الناشط الإعلامي دريد باش، أحد أبناء المدينة، لبلدي نيوز "36 عاماً وصراخ ضحايا مجزرة جسر الشغور لايزال يعانق هتاف الثوار المطالبين بالثأر ومحاسبة الجلادين، عندما هتفت المدينة لأول مرة بالحرية تذكرت كلام أبي وجدي وحطمت وقتها كل جدران الصمت، وقلت لن نصمت بعد اليوم و لن ننساكم أبدا فهو اتصال بين ثوار 1980 وثوار 2011 على العهد باقون".
يذكر أن مدينة جسر الشغور انتفضت في الشهر السادس من العام 2011، وتحررت بالكامل لتأتي قوات النظام بأرتال ضخمة، وسيطرت على المدينة التي نزح جميع أبنائها خوفاً من تكرار سيناريو ثمانينيات القرن الماضي ليأتي العام 2015 ويحررها الثوار بالكامل من سيطرت نظام "الأسدين" الأب والابن.