ترجمة بلدي نيوز – the guardian
يجلس رجال ونساء حول طاولة في غرفة صغيرة، يناقشون عدداً من الخطط للاحتفال بيوم المرأة، فيما يثرثر الأطفال باللغة التركية والعربية، وفي الزاوية أكياس محشوة بالملابس، ورسوم للأطفال على النوافذ.
يتواجد هؤلاء اللاجئون في "أوكي دير" أو "Ok-Der" وهي جمعية تركية أسست لإعلام السكان عن حقهم في مقاومة مخططات التجديد الحضري، وتركز الآن في الغالب على تأمين احتياجات اللاجئين الذين يعيشون في المنطقة من طرود غذائية وملابس ومساعدة في التنقل في أنظمة الرعاية الصحية وتعليم، كما يقدم المتطوعون دروساً بالفن واللغة الإنجليزية للأطفال.
ولكن لا أحد من اللاجئين السوريين والمتطوعين حول الطاولة يعتقد أنه سيستفيد من خطة العمل المشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتركيا، والتي ستناقش يوم الاثنين، فهم يعرفون أن الخطة تهدف في المقام الأول للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
وفي إطار ذلك، تعهد الاتحاد الأوروبي بمنح مبلغ 3 مليار يورو بالإضافة إلى تنازلات سياسية لتركيا في مقابل زيادة دوريات الحدود وحملاتها على مهربي البشر.
تقول سهيلة 25 سنة من حلب وهي والدة لطفلين "هذا المال لن يقدم لنا، كل ما يهمهم هو إخراجنا من أوروبا".
هذا ويصل حوالي 2500 شخص لليونان من تركيا كل يوم، منذ أن تم التوصل إلى هذا الاتفاق خلال قمة في بروكسل في شهر تشرين الثاني الماضي، ولكن قادة الاتحاد الأوروبي حريصون على الحد من هذه العدد قبل الربيع، حيث يرجح أن يزداد عدد اللاجئين الذين سيحاولون القيام بالعبور الخطير من بحر ايجه إلى أوروبا.
ولدى تركيا الآن نحو 2.6 مليون لاجئ سوري، وهي أكبر نسبة لاجئين من هذا القبيل في العالم، والاتحاد الأوروبي يريد لهم البقاء هناك، ولأن بعض القادة الأوروبيون يريدون خفض عدد الوافدين إلى "الصفر" فقد حثوا على ضرورة إرسال اللاجئين مجدداً إلى تركيا.
من جهتها، وصفت هيومان رايتس ووتش (HWR) خطة الاتحاد بـ "المعيبة" ومن المحتمل أن تكون "خطرة" وشددت على أن تركيا لا يمكن اعتبارها بلد لجوء آمن، كما أن جيم تيرزي، وهو طبيب جراح ورئيس مجموعة المتطوعين التي توفر الرعاية الطبية والخيرية والزيارات المنزلية للاجئين في أزمير، انتقد الصفقة ووصفها بالغامضة للغاية والغير واقعية.
وقال "الطريقة الوحيدة لمنع الناس من الهجرة هو التكامل الاجتماعي المستدام، فهناك حاجة للتعليم والعمل والسكن والرعاية الصحية، ومن المستحيل لتركيا توفير هذه الأمور لما يقرب من 3 ملايين شخص".
وأضاف "إن الاتحاد الأوروبي يحتاج بسرعة لأن يضع جدولاً زمنياً وأرقام موثوق بها لإعادة توطين اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي، أو أن تركيا ستتحول إلى سجن في الهواء الطلق للاجئين اليائسين".
وتحت ضغط من الاتحاد الأوروبي، ضيقت تركيا الخناق على شبكات تهريب البشر، ويقول نشطاء محليون أن التغيير واضح في مدينة أزمير، حيث بات سائقو سيارات الأجرة يخشون الآن نقل اللاجئين خوفاً من تحمل العواقب، لكن تيرزي يقول "إن العديد من اللاجئين بدأوا بتجنب المهربين تماماً، واللاجئون لم يعودوا بحاجة للمهربين للوصول إلى الساحل التركي، أو لشراء زورق مطاطي وللوصول الى الجزيرة اليونانية".
وحذر آخرون من أن هذه الحملة على المهربين ستدفع اللاجئين اليائسين للبحث عن طرق أكثر خطورة للوصول إلى أوروبا، وسوف تدفعهم لشبكات تهريب أكثر عمقاً، وبذلك يقع العمل في أيدي المنظمات الإجرامية الأكثر شراسة.
تقول جوديث ساندرلاند القائمة بأعمال نائب مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: " كلما أغلق الاتحاد الأوروبي المزيد من الطرق، كلما زاد الخطر من اتباع اللاجئين لطرق أكثر خطورة، كما أن المهربين أذكياء، ورغم أنه من الجيد بناء القدرات في تركيا لمساعدة اللاجئين السوريين، إلا أن نسبة إعادة التوطين في الاتحاد الأوروبي يجب أن تزداد".
وقالت تركيا أنها سوف تستخدم أموال الاتحاد الأوروبي لبناء المزيد من المدارس والمستشفيات، ولكن المتطوعون في إسطنبول يخشون من أن هذه المشاريع سوف تقصر في مساعدة أسر اللاجئين البائسة في حي "أوكميداني".
وقال نيلجون يلدريم مدير جمعية أوكي دير "هذه العائلات يأتون الينا كل يوم، لأنهم يحتاجون الآن إلى الوطن و يعانون من الجوع، و هم يعانون من مشاكل صحية الآن، ولكن ليس بعد سنة حين يكون هناك مركز طبي يستطيعون استخدامه".
وأضاف "أن الاتحاد الأوروبي لن يعالج الكثير من المشاكل الهيكلية في خطته، مثل عمالة الأطفال، فوفقاً لتقرير صادر عام 2015 من قبل الاتحاد التركي " تيسك" يوجد أكثر من 200.000 ألف طفل في تركيا يعملون بأجور متدنية، أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور".
ووفقاً لمجلة الرعاية الصحية " HWR" فإن حوالي 400.000 ألف طفل سوري لا يذهبون في الوقت الراهن إلى المدارس في تركيا، وفي كثير من الأحيان لأنهم يعملون، أو لأن أسرهم غير قادرة على تحمل اللوازم المدرسية حتى البسيطة منها، بالإضافة إلى قلة المعلومات عن الموضوع ومشاكل التمييز في المعاملة.
وقال سونغول يارار عضو مجل الإدارة "هناك انخفاض حاد بين المدرسة الابتدائية والمدرسة الإعدادية".
وأوضح "هناك 60 طفل سوري مسجل في المدارس الابتدائية المحلية، ولكن اثنين أو ثلاثة فقط في المدارس المتوسطة، لأن هؤلاء الأطفال يضطرون للعمل لإعالة أسرهم".
وفي حي أوكميداني، يعمل العديد من اللاجئين في ورش النسيج الغير مسجلة، ولمدة ستة أيام في الأسبوع، و 12 ساعة يومياً بما في ذلك زوج سهيلة والذي يكسب الآن 450 ليرة تركية في الأسبوع ، بعد ارتفاع الرواتب، وزملائه الأتراك يحصلون على 600 ليرة تركية.
وأشاد الاتحاد الأوروبي بقرار تركيا السماح للاجئين السوريين المسجلين لتقديم طلب للحصول على تصاريح عمل، ومع ذلك، مع جواز سفر سوري ساري المفعول يكلف 1000 ليرة تركية، معظم اللاجئين لا يستطيعون تقديم الطلب.