نيويورك تايمز: اتفاق وقف إطلاق النار سيأتي بثمن.. ولن يكون الأسد من سيدفعه! - It's Over 9000!

نيويورك تايمز: اتفاق وقف إطلاق النار سيأتي بثمن.. ولن يكون الأسد من سيدفعه!

نيويورك تايمز – ترجمة بلدي نيوز
إذا دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ اليوم السبت، على الرغم من التوقعات المنخفضة من المسؤولين الأميركيين والروس الذين تفاوضوا عليه، فإنه سيكون حدثاً بارزاً، فللمرة الأولى ستنجح الدبلوماسية في التقليل من حالة القتل والبؤس التي أودت بحياة أكثر من 250.000 ألف قتيل، وأسفرت عن موجات ضخمة من ملايين اللاجئين خارج البلد المنهار بالحرب.
ولكن كأي شيء آخر، في الحرب السورية الدامية لأكثر من خمس سنوات، حتى اتفاق الحد من إطلاق النار قد جاء بسعر مرتفع، ليس أقلها بالنسبة للرئيس أوباما، ففي تقدير لمسؤولي الاستخبارات الأوروبية والاسرائيلية، بأن وقف القتال قد يكون نتيجة غير مقصودة لتعزيز سيطرة الرئيس بشار الأسد على السلطة في سورية في السنوات القليلة القادمة على الأقل، ولعل الأهم من ذلك، إذا ثبت نجاحه في ذلك، فإنه قد يبدأ أيضاً بتثبيت بنفسه في منطقة معينة، حيث ستعتبر التقسيم الغير رسمي للبلاد، على الرغم من أن الهدف المعلن للغرب هو الاحتفاظ بكل البلد كاملاً.
"وقف الأعمال العدائية"، كما هو معروف رسمياً، والذي بدأ منتصف ليل الجمعة، هو المنتج الحقيقي الأول للحملة الدبلوماسية التي كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد جعلها مهمته منذ الصيف الماضي، ولكن عند عقد الاتفاق النووي مع إيران، وفي شهادته في الكونغرس هذا الأسبوع، اعترف السيد كيري أنه مع هذا العدد الكبير من مختلف اللاعبين المعنيين، القوات الروسية في الجو، والقوات البرية الإيرانية، وجماعات المعارضة المتشائمة والمنقسمة، والذين يقولون أنهم تلقوا مساعدات قليلة جداً من الغرب، بالإضافة إلى قوات الأسد نفسه، اتفاق وقف إطلاق النار هو أشبه بمحاولة يائسة لحل أزمة كبيرة في اللحظة الأخيرة.
وقال كيري: إن لم ينجح الاتفاق، فإن سورية هالكة لا محالة، والحقيقة أننا بحاجة لاستكشاف واستنفاد كل خيارات الحلول الدبلوماسية".
في الوقت نفسه، اعترف كيري في شهادته لمجلس الشيوخ بأن البيت الأبيض كان بالفعل يعد "للخطة ب" في حال لم ينجح الاتفاق الذي تم على طاولة المفاوضات، وكان المقترح مزيجاً من الخيارات العسكرية، التي يقول المسؤولون في الإدارة الأمريكية -أن السيد أوباما قد رفضها- أما على أرض المعركة، فقد احتدم القتال يوم الجمعة على عدة جبهات في سورية حيث سعى المقاتلين لتحقيق مكاسب في اللحظة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار.
كما وسقطت عشرات البراميل المتفجرة والقنابل وغيرها من الذخائر في ضواحي دمشق، العاصمة السورية، وقال الثوار أن منطقة "داريا" والتي هي معقل للثوار السوريين الذين لا ينتمون إلى أي من جبهة النصرة أو تنظيم الدولة الإسلامية، وهما المجموعتين الوحيدتين اللتين لم يشملهما اتفاق وقف النار بسبب اعتبارهما منظمات إرهابية من قبل الأمم المتحدة، إلا أن الحكومة السورية قد قالت أن داريا لن تغطيها أي هدنة، مما يشير إلى أن هجمات النظام السوري على المنطقة سوف تستمر. 
وفي حين أن معظم الجماعات الثورية الرئيسية الذين يعارضون حكومة الأسد قد وقعوا على وقف إطلاق النار، إلا أن الكثيرين قد أشاروا إلى أنه في حال تم قصف قواتهم من قبل الروس والنظام السوري -حتى لو كان هجوماً يستهدف تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة– فإنهم سيقومون بالرد عسكرياً، بالإضافة إلى أن القضية قد أصبحت أكثر تعقيداً، لما تنذر به هذه الصفقة لمستقبل السيد الأسد، وكيف سيؤثر وقف إطلاق النار على قدرته على الاحتفاظ بالرئاسة.
ففي الصيف الماضي، كانت قوات الأسد تعاني الانهيار الشديد، بل إن العديد من وكالات الاستخبارات العالمية قد تكهنت بأنه قد يضطر للتنحي عن منصبه بحلول نهاية 2015، ثم جاء التدخل الروسي والإيراني ليغير حظوظه بشكل كبير، والآن يقول المسؤولون الأوروبيون والإسرائيليون أن هذا الاتفاق المبدئي يتخلى أساساً عن ما كان شرطاً مسبقاً لجماعات المعارضة السورية وإدارة أوباما: بأن الأسد يجب أن يرحل كجزء من أي اتفاق سياسي.
وقال فيليب غوردون، وهو أحد كبار مستشاري أوباما للشرق الاوسط في مجلس الامن القومي: "هناك احتمال قليل بأن ينجح هذا الاتفاق، لأنه يوجد مفسدين من كلا الطرفين، فهناك جماعات من المعارضة لن تلتزم بوقف إطلاق النار، كما لا يمكننا الثقة بالروس بأن يلتزموا بقصف مجموعات إرهابية محددة".
ولكن السيد غوردون يرى تحولاً دقيقاً في موقف الإدارة، فمنذ ما يقرب من خمس سنوات، من إصرار جماعات المعارضة وممثليها بأنهم لا يمكن أن يوافقوا على وقف إطلاق النار دون اتفاق على العملية السياسية لإزالة الأسد في نهاية المطاف، تغير هذا الموقف الآن، رغم أن السيد أوباما لا يزال يتحدث عن الحاجة إلى تنحي الأسد، حيث قال بعد عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي في وزارة الخارجية الامريكية يوم الخميس "إن مستقبل سوريا لا يمكن أن يشمل بشار الأسد".
وأضاف أوباما "من الواضح أنه بعد سنوات من الحرب الهمجية ضد شعبه، بما في ذلك التعذيب، وإلقاء البراميل المتفجرة والقنابل على المدنيين والحصار والتجويع، فإن العديد من السوريين لن يتوقفوا عن القتال أبداً حتى يصبح الأسد خارج السلطة، وليس هناك بديل عن الانتقال السياسي بعيداً عن الأسد".
ولكن في الأمم المتحدة يوم الجمعة، بدا أن قرارات احتضان وقف إطلاق النار، قد أعطت أيضاً بعض الغطاء السياسي لتحقيق مكاسب عسكرية للروس - جنباً إلى جنب مع القوات الإيرانية، بما في ذلك تطويق حلب من قبل جيش الأسد الذي يسيطر عليه العلويون.
وأشار السيد غوردون بأن اتفاق وقف إطلاق النار قد يبدأ في التقسيم الفعلي للبلاد، حيث تسيطر الجماعات العرقية المختلفة على المناطق التي تسيطر عليها حالياً، وهذه ما يقلق الإسرائيليون، والذين يرون في المحور الروسي-السوري-الإيراني خطراً على حدودهم، وهي مجموعة تدعم بالفعل حزب الله الإرهابي .
ومع مرور الوقت، يقول مسؤولون أوروبيون وإسرائيليون، أن وقف إطلاق النار قد يعطي الأسد القدرة للسيطرة على سلسلة من المدن الكبرى بشكل دائم -من دمشق إلى حمص إلى حلب- والتي أصبحت الآن بشكل متزايد تحت سيطرته، وذلك بفضل الدعم الروسي والإيراني، كما سيبدأ بانتزاع أراضٍ أخرى من جماعات المعارضة السنية المدعومة من واشنطن والدول العربية، في حين يعطي الأكراد قطعة أرض في الشمال كترضية.
جون كيربي، المتحدث باسم كيري، جادل في فكرة أن الاتفاق يمكن أن يقسم سوريا على غرار المعركة الحالية، حيث قال "بالنظر إلى نص الاتفاق، نرى أنه يشمل التزاماً صريحاً بسيادة ووحدة الأراضي السورية، ويمكن القول أننا حققنا فعلاً التزاماً ضد التقسيم، أكثر من أي وقت مضى، لأن كلا الطرفين وقعا على هذا".
وقال مبعوث الأمم المتحدة، السيد ستيفان دي ميستورا يوم الجمعة "أنه يأمل أن يؤدي وقف إطلاق النار بالسماح بوصول الحاجات الماسة من غذاء ودواء إلى المدن المحاصرة منذ أشهر، وإذا ما صمدت الهدنة، فإنها قد تمهد الطريق لمفاوضات سياسية تستأنف يوم 7 آذار".
وأضاف دي مستورا "من المحتمل، أن يكون الاتفاق مفترق طرق تاريخي لوضع حد للقتل والدمار ولبدء حياة جديدة وأمل للسوريين" .
وتبدو نظرة دي ميستورا للاتفاق متفائلة جداً، إلا أن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، كان أكثر تشاؤماً حيث قال "إن اتفاق وقف إطلاق النار ما هو إلا ستار من الدخان يتيح لشخص سحق المدنيين السوريين والمعارضة".

مقالات ذات صلة

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

روسيا تكشف عن أربع دول عربية عرضت استقبال اللجنة الدستورية بشأن سوريا

أبرز ما جاء في أستانا 22 بين المعارضة والنظام والدول الضامنة

بدء اجتماعات مؤتمر أستانا 22 في كازاخستان

إسماعيل بقائي "نؤكد أهمية الجهود المشتركة في ضمان أمن واستقرار المنطقة"

العراق ينفي طلب المعارضة تنظيم حوار مع النظام في بغداد