ديرالزور (بلدي) - لم يعد الجوع والحصار من قبل الدولتين (النظام والتنظيم) السبب الوحيد الذي يهدد حياة المدنيين في دير الزور وريفها، فبعد فقدان 90% من مجمل أنواع الأدوية الموجودة في المشافي، بات القمل والجرب واللشمانيا والتهاب الكبد الوبائي وبعض الأمراض الأخرى عاملاً آخر يقتل المدنيين في المناطق المحاصرة.
مؤخراً ظهر في الريف الشرقي لدير الزور ما يعرف بـ "داء الكلب"، ويعرف عنه أنه مرض فيروسي يسبب التهاب حاد بالدماغ، ويصيب الحيوانات من ذوي الدم الحار (الحيوانات الثدية)، كما أنه حيواني المصدر.
وينتقل غالبًا إلى الإنسان نتيجة عضة كلب، ويعتبر من أخطر الأمراض سريعة الانتقال، إذا لم تتم معالجته بلقاحات خاصة، حيث أن مصير المصابين به تكون نهايتهم الموت بعد أسبوع أو أكثر، حسب مكان العضة وسرعة انتقال الفيروس عبر الجهاز العصبي إلى الدماغ.
وشهد الريف الشرقي من مدينة دير الزور ثلاث حالات وفاة بهذا المرض بينهم طفل، حيث سجلت أول حالة وفاة في الثامن والعشرين من شهر حزيران الفائت لشاب يبلغ 21 عاماً من العمر بريف مدينة البو كمال المحاذية للحدود العراقية السورية.
"إبراهيم العلي" أحد الناشطين الإعلاميين من ريف من مدينة دير الزور قال لشبكة بلدي الإعلامية: "توفي الشاب إثر تعرضه لعضة كلب شارد في إحدى قرى مدينة البو كمال، ونقل إلى أكثر من مركز صحي قبل أن يفارق الحياة، لعدم توافر اللقاح".
وأضاف العلي: "توفي طفل بقرية الجيعة بريف دير الزور، حيث تم إعلان حالة الطوارئ بذات القرية، بعد ظهور أعراض داء الكلب في شخص آخر في القرية، وهو عم الطفل الذي توفي قبل يومين، وتم اسعافه إلى مدينة الميادين، بالإضافة لتسجيل أكثر من 20 حالة في الريف الغربي".
وذكر الناشط بأن حالة من الخوف والعجز والحيرة تسيطر على أهالي ريف دير الزور، خوفاً على أطفالهم ومواشيهم، وعدم قدرتهم على مواجهة الحيوانات الحاملة له، بسبب سحب تنظيم الدولة للأسلحة النارية في المنطقة.
كما أن المنظمات الطبية أغلقت أبوابها في المنطقة، جراء إغلاق التنظيم لمكاتبها في المنطقة، علاوة عن فرار الكوادر الطبية من المنطقة بسبب ممارسات التنظيم.
أحد الأطباء في المنطقة رفض الإفصاح عن أسمه، قال لشبكة بلدي: "يأتي انتشار هذا المرض، نتيجة وجود جثث بشرية متفسخة لا يتم دفنها في المنطقة، وهو السبب الرئيسي لـ (السعار) أو داء الكلب، حيث أن الحيوانات في المنطقة تأكل من هذه الجثث لتصاب بدورها بالسعار".
وأكد الطبيب أن المرض يحتاج لوقاية أكثر مما يحتاج لعلاج، حيث أن العلاج يأخذ وقتاً وخصوصاً في منطقة تفتقر لكامل المقومات والمواد والكوادر الطبية، وحالة أشبه بالحصار.
وأشار إلى أن الحيوانات الثدية (الأغنام والابقار) معرضة للعدوة، إثر تناولها الأعشاب الملوثة بلعاب الحيوانات المصابة، وبهذا تنتقل إلى الإنسان عن طريق تناول منتجات المواشي.
ناشطو دير الزور ناشدوا المنظمات الطبية والمؤسسات المدنية بضرورة التحرك السريع وتقديم العون لمدنيي دير الزور، مشيرين إلى أن النداء لكل المؤسسات الصحية المحلية والإقليمية والدولية، وإمكانية مد يد العون عبر تزويد المنطقة بالكميات اللازمة من الدواء واللقاحات، ومحاولتها معاملة مدنيي المنطقة معاملة إنسانية، بعيداً عن كون التنظيم هو المسيطر على المنطقة، فـ "المدنيين مغلوب على أمرهم"، وإلا تحول الأمر إلى وباء تعاني منه كافة المناطق المجاورة.
الجدير بالذكر أن تنظيم (الدولة) ارتكب عدة مجازر بحق أهالي دير الزور أهمها مجزرة الشعيطات، والتي راح ضحيتها أكثر من 1700 شخص، تم دفنهم بمقابر جماعية، والبعض الاخر تم رميهم إما بالصحراء الشرقية (بادية الشحيل) أو في نهر الفرات، وآخرون تركوا على الأرض في قراهم إثر إعدامهم، لتنهش أجسادهم الكلاب، والحيوانات الشاردة، علاوة عن حالات الإعدام اليومية، وترك الجثث مصلوبة في الطرقات العامة لتتحول طعاماً للحيوانات ليلاً.