هآرتس تشبه ما يحصل بسورية بـ "الهولوكوست" - It's Over 9000!

هآرتس تشبه ما يحصل بسورية بـ "الهولوكوست"

ترجمة بلدي نيوز
في تموز 2009، زار الكاتب "إيلي ويزل" موقع معسكر الاعتقال "بوخنفالد" في ألمانيا، جنباً إلى جنب مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس باراك أوباما، فقبل أربعة وستين عاماً، تم تحرير ويزل من هذا السجن من قبل الجيش الأمريكي، ولكن كان ذلك بعد بضعة أسابيع من مقتل والده، وكان سجن "بوخنفالد"، وفقاً للمؤرخ راؤول هيلبرغ مكان الهولوكوست الأول الذي رفع فيه الناجون عبارة "لن يتكرر هذا أبداً".
وقال ويزل في خطابه في بوخنفالد: "من المفارقات أنه في وقت تحرير الرهائن من هذا المعتقل، لم أكن متفائلاً في ذلك الحين، وكثير منا كان كذلك، فعلى الرغم من أنه كان لدينا الحق لأن نفقد الثقة بالإنسانية، الثقة بالتعليم، فقدان الإيمان بإمكانية العيش بكرامة في عالم لا مكان للكرامة فيه، ولكننا رفضنا هذه الاحتمالات، وقلنا أن علينا أن نواصل الإيمان بالمستقبل، بأن العالم قد تعلم، ولكن مرة اخرى أثبت العالم أنه لم يفعل، فلو كان قد تعلم من الحروب والمجازر التي حصلت، لما كان هناك كمبوديا ورواندا ولا درافور ولا البوسنة".
ولو كان الكاتب وزيل يلقي خطابه اليوم، لكان اضطر إلى إضافة سورية إلى تلك القائمة أيضاً، وسيكون على أوباما وميركل أن يطأطئا رأسيهما خجلاً، على الرغم من أنهم ليسوا المسؤولين المباشرين عن مقتل 470.000 سوري من قبل نظام الأسد، ومساعديه الإيرانيين وحزب الله والمقاتلات الروسية وإلى حد أقل بكثير، من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية"، ولكن كل ذلك حدث ذلك على مرأى العالم وإلى حد كبير بسبب عدم استجابتهم.
على مدى السنوات الخمس الماضية من المأساة السورية (التي لن نسميها "إبادة جماعية" بعد)، لأنها على ما يبدو لا ترقى للمجازر السابقة! فخلال القرن العشرين، لا تعتبر الحرب السورية في قائمة المجازر الأكثر ترويعاً حتى الآن، لأنها ما زالت تفتقر للأرقام كوفاة الملايين في الهولوكوست، الإبادة الجماعية للأرمن، والمجاعات الأوكرانية والستالينية والتطهير العرقي الذي مارسه الرئيس الصيني "ماو تسي تونغ"، فالمأساة الإنسانية تحتاج لأرقام بالملايين لتحرك لامبالاة العالم! ومرة أخرى يثبت شعار "لن تتكرر المأساة مرة أخرى" بأنه شعار أجوف.
كما لم يكن هناك انتشار هائل للصور وفيديوهات العنف والقتل أفضل من الحرب السورية، وكلها تمت في مناطق العنف وبالوقت الحقيقي للحادثة، وذلك على الرغم من عدم وجود وسائل الإعلام الغربية لصعوبة الوصول إلى ساحات القتل في معظم أنحاء الصراع، ولكن تم توثيق كل تفاصيل الحرب وبشكل واضح من قبل هواتف المقاتلين والصحفيين المحليين، وفي كثير من الأحيان الضحايا قبل وفاتهم، وتم تحميل هذه الفيديوهات مباشرة إلى شبكة الانترنت واليوتيوب.
وعادة ما كان المدنيين العاديين هم من يقوموا بتوثيق هذه المجازر، مرغمين على المشاهدة من أجل توثيق ما يحصل، هذه التكنولوجيا لم تكن متوفرة في مناطق الحرب في العقود السابقة، في رواندا والشيشان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. 
وبصرف النظر عن تقارير لحفنة من الصحفيين الشجعان وعدد قليل من أصحاب الامتيازات لقراءة التقارير الاستخباراتية، إلا أن طبيعة سفك الدماء التي تجري في سورية تسربت ببطء للإعلام الغربي، وبدء فهمها عندما كان الأوان قد فات، والآن كل ما عليك القيام به، من أي جهاز كمبيوتر أو جهاز هاتف نقال من جميع أنحاء العالم، هو أن تطبع بضعة أحرف في مربع البحث _ويمكنك الحصول على المذبحة السورية اليوم على الشاشة أمامك، لأناس كانوا قبل ساعات فقط على قيد الحياة، والآن هم قتلى بلون أحمر قاني.
وقد التقيت هذا الأسبوع على الحدود بين تركيا وسوريا بعض هؤلاء الرجال والنساء الشباب الذين يطلقون على أنفسهم "نشطاء وسائل الإعلام"، لعدم وجود مصطلح أفضل، وكانوا يستعدون للعودة إلى منازلهم في القرى والأحياء التي دمرها القصف حول عزاز والمدينة المحاصرة تقريباً "حلب".
وحاولت سؤالهم لما يخاطرون بحياتهم بالعودة إلى هناك؟ فهم ليسوا بمقاتلين، على الأقل ليس كما نفهم نحن مفهوم المقاتل، فهم يحملون الهواتف بدل الكلاشينكوف، وبالنسبة إليهم الإجابة واضحة ولا تحتاج حتى إلى صياغة بالكلمات: إن إرسال صورة أخرى للعالم عن المدنيين المحاصرين، مقطع فيديو لطفل يتم انتشاله من تحت الأنقاض بسبب غارة روسية، هو بنفس أهمية القتال دفاعاً عن ديارهم.
أحد الذين التقيت بهم من النشطاء كان قد رزق بطفل في مستشفى صغير على الجانب التركي، والآن هو يخطط للعودة لحلب لتصوير المجازر هناك وربما هو يحرم طفله من معرفة والده! ولماذا؟ فلقد فشلت كل الصور والفيديوهات والمشاهد التي صورت من تحريك الضمير العالمي. 
وربما بكل بساطة ستكون هذه التوثيقات هي لمسرح الجيل القادم من السياسيين الذين سيأتون بعد أوباما وميركل لإلقاء الخطب الرنانة بشأن شعارهم "لن تتكر المأساة مرة أخرى"، ومن ثم تقديم الأعذار عن عدم إمكانية فعل شيء لمنع القتل الجماعي المقبل في مكان آخر في العالم.
إن لدى جميع الساسة أعذار جيدة، فقد قال أوباما في مقابلاته أنه لم يتم بعد التحضير لخطة ذات مصداقية يمكن من خلالها للتدخل الأمريكي من تحسين الوضع، أما ميركل فقد فتحت بلادها بتهور لمئات الآلاف من اللاجئين لاتقاء شر الروس والتركيز على استقرار أوروبا، وكما قال جون كيري بصراحة مخاطباً مجموعة من الناشطين السوريين في مجال حقوق الإنسان الأسبوع الماضي، "هل تريدون منا أن نذهب إلى الحرب مع روسيا؟".
إن ملايين السوريين، أولئك المحظوظين للبقاء على قيد الحياة، هم الآن يعانون من الجوع والظروف المعيشية الصعبة، ومع ذلك، لن يجد العالم صعوبة باختلاق الاعذار عن سبب تخليه عنهم وعدم التدخل لحل أزمتهم.
وعندما حُرر ويزل على أيدي جنود الولايات المتحدة الأمريكية، أثبتت أمريكا وربما للعالم بأسره أنها لن تسمح لإبادة جماعية أن تحدث مرة أخرى في مكان آخر في هذا العالم، ولكن ويزل كان يعلم جيداً أن أمريكا كانت قد انضمت للحرب فقط بعد أن قصفت قواعدها في "بيرل هاربور" بعد بدء الحرب بعامين ونصف! وأن الهدف كان لتحقيق هزيمة عسكرية للمحور الألماني والياباني، وليس لتحرير الملايين من اليهود وغيرهم من المدنيين الأوروبيين والآسيويين من الإبادة.
دعونا نتوقف عن سرد القصص لأنفسنا فلا ضمان في المستقبل أن لا يكون هناك تكرار للمجازر، بل سيكون في الواقع هناك إبادات جماعية ومجازر ضد الإنسانية  مرة أخرى ومرة أخرى ومرة أخرى.

مقالات ذات صلة

بعد الرد الإيراني عقوبات جديدة تطال كيانات وافراد في إيران

إيران تخلي مقر قيادة "الفوج 47" بمدينة البوكمال من الأسلحة

عناصر تابعون لإيران يدخلون مدينة البوكمال ، فما الهدف؟

صحيفة "يديعوت أحرونوت" تكشف معلومات عن الرد الإيراني على قصف السفارة

إيران تستغل حديقة كراميش في العيد لنشر أفكارها بين الأطفال

تطورات قضية " تركس التضامن" في ألمانيا