بلدي نيوز
قالت مُمثلة المُفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان "ميراي جيرار" لصحيفة "الأخبار" اللبنانية إنّ 90 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم، وإنّ وضع هؤلاء يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وأكّدت "جيرار" أن المُفوّضية لا تُقرّر عن اللاجئين، ولا تُشجّع على إرساء المخيمات في لبنان، "لأنّ المُخيّم لا يحفظ كرامة اللاجئ".
وأبدت جيرار في حوارها مع الصحيفة تفهّمها لمخاوف السلطات اللبنانية من تكرار تجربة اللجوء الفلسطيني، لكنها شدّدت على أن اللجوء السوري يختلف عن اللجوء الفلسطيني، وأنّ لكلّ لجوء خصوصيته، وإن كانت المعاناة واحدة.
وقالت "جيرار": "العائق الأبرز يتمثل، أولاً، بحجم الأزمات التي يواجهها لبنان نفسه إضافة إلى تداعيات الأزمات المحيطة به.. في حالة اللجوء السوري، التحدّي كان يتعلّق بأن الأزمة كانت غير مسبوقة لجهة ضخامة أعداد السوريين الذين لجأوا إلى لبنان وباتوا يشكلون جزءاً مهماً من سكان البلد، لذلك كانت نقاشات الدول المانحة المتعلّقة بتوفير الدعم للاجئين تتمحور دائماً حول كل من لبنان والأردن، نظراً إلى تشابه الخصائص بين البلدين وتشابه تداعيات اللجوء عليهما".
وأضافت: "هناك، أيضاً، عائق التمويل نتيجة ازدياد أعداد اللاجئين بفعل الأزمات المُستمرة، حصل لبنان على دعم كبير من الجهات المانحة، إلا أنّ هذا التمويل بقي قاصراً عن تغطية كل ما يحتاجه اللاجئون وسكان المجتمع المُضيف المتضررون بدورهم من اللجوء. لذلك نسعى إلى تأمين المُساعدات إلى العدد الأقصى من اللاجئين".
وأردفت: "نتفهّم مخاوف السلطات اللبنانية من هاجس التوطين. لكن تنبغي الإشارة إلى أنّ لكلّ لجوء خصوصيته، وأنّ الأمرين مختلفان على رغم أن المعاناة واحدة. جميعنا يعلم أنّ الوضع الفلسطيني معقّد وصعب، فيما عمر الأزمة السورية لا يزال قصيراً وذاكرة اللاجئين السوريين لا تزال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببلدهم، خلافاً للجوء الفلسطيني. سوريا بلد كبير، لن يختفي عن الخريطة. ودور المفوضية يدور حول إيجاد حلول لهؤلاء اللاجئين".
وحول أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان قالت "جيرار": "للأسف، الوضع يزداد تدهورا. عام 2014، كانت نسبة اللاجئين السوريين الذين يرزحون تحت خط الفقر تُقدّر بنحو 25 في المئة، في حين وصلت هذه النسبة الآن إلى نحو 75 في المئة. اللاجئون هنا باتوا يائسين ويرزحون تحت أعباء مادية عالية جداً. لذلك نجد أن غالبية هؤلاء يريدون العودة إلى بلدانهم. لكن السبب الاقتصادي ليس السبب الأبرز لعودتهم إلى بلدانهم، إنّما الأمر يتعلّق بمجموعة من العوامل المتضافرة. عام 2015، كان عدد اللاجئين السوريين يقدر بنحو مليون و200 ألف لاجئ في حين أنّ عددهم حالياً يبلغ نحو 986 ألفاً و942 لاجئاً، وقد سجّلت مغادرة نحو 11 ألفاً إلى سوريا العام الماضي. لكنّ انخفاض أعدادهم لا يعني أن الوضع بات أفضل".
وحول الاتهامات التي وجهها وزير الخارجية اللبناني "جبران باسيل" إلى المفوضية بأنها تمنع عودة السوريين إلى بلادهم، قالت "جيرار": عمل المفوضية هو مساعدة اللاجئين وإيجاد حلول لهم، إذا أفاد اللاجئ أنه يريد العودة إلى منزله وبلده لا نقوم بمعارضته البتّة، هذا قراره.. نحن نقوم بدراسة الخيارات المتاحة أمامنا لمساعدته" مضيفة "في تعريف عمل المفوضية، نحن لا نقرّر عن اللاجئ، جلّ ما نقوم به هو مقابلته من أجل سماعه لمعرفة ماذا يمكننا أن نقدم مساعدة له خلال رحلة عودته، وعندما نقابله، نسعى إلى فهم أسباب عودته، عندما نفهم هذه الأسباب، نستطيع حينها التواصل مع المعنيين لإزالة العوائق التي تمنع عودتهم".
وأكدت أن "نحو 90 في المئة من اللاجئين السوريين قالوا إنهم يريدون العودة إلى بلدانهم. ونحن نسعى إلى فهم أسباب عودتهم لنعي ما هي العقبات.. هذه العوائق لا تتعلّق دائماً بالسلام، السلام مهم طبعاً لكنّ هناك بعض الأمور العملية الحياتية التي تعني الراغبين بالعودة، كإمكانية مواصلة تعليم أبنائهم وحيازتهم لجميع الأوراق الثبوتية التي تسمح لهم بذلك، وهذا ينطبق على بقية الأمور".
وأضافت: "أود أن أتوجّه إلى الرأي العام اللبناني بالرسالة نفسها التي أوجّهها دائماً إلى اللاجئين، وهي أنّه سيأتي يوم ستعود فيه غالبية اللاجئين إلى بلدانهم. لذلك، الأمر يدور حول ضرورة مساندتهم ومساعدتهم من أجل البقاء على قيد الحياة. ما نقوم به هو تجنيب هؤلاء الموت ليس أكثر. لذلك علينا إبقاء التضامن والتعاون قائماً بين البلد المضيف واللاجئين".
المصدر: الأخبار