كيف استخدم الأسد وصالح الإرهاب كأداة لإضفاء الشرعية على حكمهم؟ - It's Over 9000!

كيف استخدم الأسد وصالح الإرهاب كأداة لإضفاء الشرعية على حكمهم؟

Middle East eye – ترجمة بلدي نيوز
لا يمكن أن تبنى العلاقات مع الدول على إمكانية أن يكونوا مصدر تهديد محتمل، ففي تموز 2011 تلقى عدد من الناشطين الشباب في ساحة التغيير في صنعاء، وسط الثورة اليمنية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، دعوة من السفارة الأمريكية.
وكانت الدعوة لحضور اجتماع مع "جون برينان"، الذي عمل مستشاراُ للرئيس الأمريكي باراك أوباما لشؤون الأمن القومي، وناقش برينان كيف يمكن للولايات المتحدة تفادي أن يصبح اليمن أرضية نشطة لتنظيم القاعدة، على الرغم من أن الناشطين تحدثوا بوضوح عن فشل نظام صالح وعدم قدرته على ادارة البلاد، وكان المسؤول الأميركي مصمم على التركيز على شيء واحد: مكافحة الإرهاب.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تظاهر الناس لمدة طويلة ضد الأنظمة الديكتاتورية، التي استفاد منها فقط الطبقة العليا من المجتمع والساسة بدلاً من المجتمع ككل، وفي دراسة نشرتها مؤسسة "تشاتام هاوس" في أيلول 2013 ذكرت بوضوح: "أن النخبة الاقتصادية والسياسية في اليمن حوالي 10 عائلات رئيسية ومجموعات رجال الأعمال ممن لهم علاقات وثيقة مع الرئيس، هم من يسيطرون على أكثر من 80 % من الواردات، الصناعة، التجارة والبنوك والاتصالات ونقل البضائع".
هذه الظاهرة هي العامل المشترك مع جميع البلدان العربية التي شهدت ثورات والمعروفة باسم الربيع العربي، وقد صممت هذه الأنظمة لتكون حكراً على نخبة معينة، ولذلك طالب الناس في تلك البلدان بالمزيد من الشفافية، والمزيد من الحريات والحكم الرشيد.
 ومع ذلك، هذه المطالبات الشعبية لم تكن لها الأولوية لصناع القرار في الولايات المتحدة، فلقد أصبح جدول الأعمال الدولي الذي يركز على مكافحة الإرهاب هو سياسة الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، فأمريكا لا ترى دول الشرق الأوسط كشريك ممكن، ولكن بدلاً عن ذلك تراهم كتهديدات محتملة.
ولم تؤثر السياسة الأمريكية لمكافحة الإرهاب فقط على علاقات الولايات المتحدة مع الشعب اليمني، ولكن أثرت أيضاً على قدرتها في رؤية ما هو واضح، فالمتمردون الحوثيون -مجموعة مسلحة من الجزء الشمالي من اليمن- تقدمت خارج معقلهم في محافظة صعدة الشمالية، وشاركوا في نزاع مسلح مع وحدات الجيش اليمني في 2014، وفي نهاية المطاف سيطروا على العاصمة في أيلول 2014.
وفي عام 2015، مع مساعدة من الرئيس السابق صالح، سيطر الحوثيون على الدولة وقصفوا مقر إقامة الرئيس الحالي، عبد ربه منصور هادي، في عاصمة الجنوب عدن، وقالت الولايات المتحدة أنها لا ترى في ذلك تهديداً لمصالحها الخاصة، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الحوثيين يقاتلون تنظيم القاعدة منذ أيلول 2014.
وفي مقارنة ما حدث في اليمن مع سورية نرى أن هناك الكثير من القواسم المشتركة في سياسة الولايات المتحدة تجاه البلدين.
ففي أواخر عام 2014، ترأس أوباما جلسة لمجلس الأمن الدولي لإصدار قرار ضد تنظيم الدولة، وتمكن من تمرير القرار بالإجماع لضرب قواعد التنظيم في سورية والعراق، وعندما نقارن ذلك مع استهداف الولايات المتحدة للتنظيم في اليمن، نرى أن أمريكا لم تتعلم الدرس جيداً.
فعلى الرغم من أن التنظيم يشكل تهديداً للسلام العالمي، ويضع الناس في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط في خطر، فإن القرار لم يعالج السبب الجذري للمشكلة في سوريا وهو نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وعرف نظام الأسد أن الولايات المتحدة ستفشل في التعامل مع الشعب السوري، والأهم من ذلك أنها ستفشل في تحقيق ما يريده الشعب السوري حقاً، فالأنظمة في الشرق الأوسط تعلم أن الولايات المتحدة لا ترغب في الغرق في المنطقة من جديد، خاصة وأنها أصبحت أقل اعتماداً على صادرات النفط وأصبحت مكتفية ذاتياً أكثر من قبل.
وقد خرج الشعب السوري في مظاهرات في ربيع 2011، وأجاب الأسد على ذلك بإعلان "الحرب على الإرهاب"، ما قام به هو أنه اقترض لغة ومفردات وسياسة الولايات المتحدة باتهام كل معارضيها كإرهابيين، ويتبادر إلى ذهننا فوراً خطاب جورج بوش السياسي "من ليس معنا فهو ضدنا"، وهكذا قتلت طائرات الأسد الحربية الآلاف من الناس في مدن مثل الغوطة وداريا وحمص وحلب، الذين يعيشون الآن في ظل البرميل المتفجرة.
وأدى ذلك إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، حيث تشير تقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن أكثر من 4 مليون شخص قد فروا من البلاد، وشرد أكثر من ستة ملايين شخص داخلياً.
والمصيبة أنه على الرغم من كل هذه الأرقام الرهيبة، لا يوجد حتى الآن أي محاولة حقيقية لإجبار الأسد على ترك السلطة، لأنه ببساطة لا يُنظر إلى الأسد على أنه يشكل تهديد خارج الحدود السورية.
وفي الآونة الأخيرة أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بشأن سورية، يدعو الأسد والمعارضة السورية إلى العمل من أجل التوصل إلى حل سياسي، ويذكر أيضاً القرار أن كلا الطرفين يجب أن يعمل على محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة، وتُرك مصير الرئيس السوري للمفاوضات، ولكن لا اعتقد أن نفس النظام الذي رمى البراميل المتفجرة على شعبه للحفاظ على السلطة، سيدخل في محادثات من شأنها أن تزيله.
دون التوصل إلى حل شامل لسوريا ينهي بوضوح حكم الأسد، فإن الحرب في سوريا سوف تستمر، والجماعات الإرهابية سوف تزدهر وتتوسع، وتنظيم القاعدة ليس سوى انعكاس لفشل الأنظمة العربية.
وكل من الأسد وصالح قد فهموا تماماً كيفية استخدام الإرهاب كأداة لإضفاء الشرعية على حكمهم، ومع النهج الحالي للولايات المتحدة، هؤلاء الطغاة ما زال لهم دور في مستقبل المنطقة.
إن الولايات المتحدة بحاجة إلى الاستثمار في فهم أفضل لمطالب الشعب في منطقة الشرق الأوسط، إنهم بحاجة الى فتح مناقشات واضحة وصادقة لإدراك نواحي القلق لديهم مع الأشخاص في هذه المنطقة، و تحتاج الإدارة الأمريكية إلى بدء الانخراط بشكل مثمر، والعمل مع الدول العربية كشركاء وليس كتهديدات محتملة.

مقالات ذات صلة

بيدرسون يؤكد على ضرورة التهدئة الإقليمية مخافة امتداد التصعيد إلى سوريا

السعودية تتبرع بنحو 4 ملايين دولار للصحة العالمية لدعم القطاع الصحي شمال غرب سوريا

شهداء وجرحى بقصف النظام على مدينة الباب شرق حلب

تدريبات مشتركة بين قوات التحالف و "الجيش الحر" في التنف

صحيفة بريطانية: في ظل الضعف الإيراني الأسد يعتمد على روسيا والدول العربية لبقائه على كرسي الحكم

وزير الخارجية التركي يتوقع تسوية امريكية في سوريا إن تم تجميد الحرب في أوكرانيا