كمال اللبواني لبلدي نيوز: ذهاب المعارضة إلى المفاوضات خيانة رسمية.. وسوريا لن تُقسّم - It's Over 9000!

كمال اللبواني لبلدي نيوز: ذهاب المعارضة إلى المفاوضات خيانة رسمية.. وسوريا لن تُقسّم

بلدي نيوز - غياث شهبا
يعتبر  من أبرز المعارضين على الساحة السورية، وهو أحد اللذين دفعوا سنوات من عمرهم في سجون الاعتقال قبل اندلاع الثورة السورية نتيجة لعدم صمتهم في وجه طغيان نظام الأسد، فهو الطبيب الذي اعتقلته قوات النظام سنة 2005، وحكمت عليه بالسجن لـ12 عاما.

اعتبر الكثيرون كمال اللبواني شخصية مثيرة للجدل، فبينما يراه البعض كمن يسعى لوضع العصي في عجلات الحلول السياسية والعسكرية، يراه آخرون معارضا وطنيا يحظى بخبرة سياسية وقدم للبلاد الكثير من التضحيات ويملك رؤى استراتيجية بعيدة الأمد.

يتحدث د. كمال عن رؤيته للربيع العربي وتقييمه للأداء السياسي في سورية -جرى الحوار قبل مفاوضات جنيف3- إضافة إلى نظرته الخاصة بالهدن الموقعة مع النظام ومستقبل سوريا السياسي والديموغرافي.

حاوره: غياث شهبا

ما التيارات الايديولوجية التي تحكم سوريا حتى الآن حسب رأيك؟

يوجد تياران يحكمان العرب منذ الاستقلال عن الحكم العثماني، هما التياران القومي والديني، والصراع فيما بينهما كان يعكس حالة البلاد العربية، حيث دعمت دول الاستعمار التيار القومي إلى حد ما ، فدعمت فرنسا الجمهوريات، وبريطانيا الممالك، باستثناء الحالة المصرية بسبب انقلاب العسكر على الملك.

وهذه الدول حكمها تيار يساري متناقض مع المفهوم التقليدي وهو الدين، عندها حصل صراع بين تيار قومي تحديثي فاسد ومجرم واستبدادي، وتيار تقليدي كانوا يسمونه بالرجعي ويتمسك بالماضي وهو ديني إلى حد ما، هذا الصراع حكم الحالة السياسية العربية وما يزال.

هل ترجع خيبات الربيع العربي نتيجة لهذه المنظومة؟

أجل، قام الربيع العربي بثورة على التحديث الهمجي المشوّه العنيف الذي أحدثته نظم الحداثة، فنلاحظ أن الربيع العربي لم يحدث إلا في الأنظمة الجمهورية ولم يحصل في الأنظمة الملكية التقليدية، لأن دول التحديث دمرت المجتمع والسلطة إلى حد ما ولم تبني المجتمع المدني المعاصر،  عندها صار تناقض بينها وبين حاضنتها، حيث رأت الشعوب الحاضنة نفسها بالعراء أمام أجهزة أمن متغلغلة، وبدون خدمات فانفجر الربيع العربي بغية تصليح الدولة الحديثة.

بدأت ثورات الربيع العربي بشعارات بسيطة كالديمقراطية والشفافية ومحاربة الفساد، لكن التيار التقليدي صَحيَ بعد ذلك وركب موجة الربيع العربي، ورآها فرصة لا تعوض، ففي مصر نجحوا ووصلوا للسلطة.

ما حالة الربيع العربي الآن؟

الربيع العربي فشل فشلا ذريعا، ولم يتم تفشيله خارجيا بل فشلنا لأسباب خارجية، لا يوجد ثورة تفشل بسبب عوامل خارجية حتى لوكان بلاد الثوار محتلة، لأن الشعب إذا أراد ستتحقق أمنياته.

تفشل الثورة عندما لا تنجح بإنتاج توافق اجتماعي. في سوريا حدث صراع حقيقي بين التيار الذي يريد الإسلام كهوية لا كنظام سياسي، وبين التيار الذي يرغب بإعادة الدولة للعصور القديمة شكلا ومضموناً.

فقُتل الجيش الحر من قبل المجموعات السلفية، فلو سقط النظام قبل الآن لاستمر الصراع حتى الآن، فقد كانت المجموعات السلفية تجمع سلاحها وتخزنه دون أن تستخدمه في حروبها مع النظام وذلك تحضيرا لمرحلة ما بعد سقوطه، لكنها أخرجته عقب سيطرتها على التيار الآخر  كالجيش الحر المكون من مجموعات  تطوعية غير مؤدلجة لا تحمل لواء الدولة الإسلامية ولا غيرها.

فالجيش الحر دُمّر لسببين أولهما الصراع مع النظام والثاني دعم الدول الخليجية الذي انحصر بالإسلاميين، فدول الخليج تتبنى الدين بنظام الدولة، ما أدى لظهور المجموعات الجهادية على الساحة، أدى ذلك لعدم قدرة التيار الديني على طرح نفسه بشكل حداثي  ولأن التيار القومي لم يستوعب الثقافة الدينية وأن يضمها،  وهذا الخلاف لا يوجد نظام ديمقراطي يستوعبه.

ما رأيك بتجربة "الإخوان المسلمون" في مصر؟   

مشروع الإخوان هو مشروع تحديثه، لكنه فشل، لأن التحديث طاله من ناحية الشكل لا المضمون، فعندما تحالف الإخوان مع السلفيين طالبوهم بتطبيق الشريعة، عندها لم ينجح الإخوان لا بتطبيق الشريعة ولا بالتحديث.

فبدأوا بـ"أخونة" الدولة ووضع دستور يرسخهم في الحكم، ولو كان الشعب المصري يؤيد الإخوان لسقط السيسي،  لقد نصحت محمد مرسي عبر وسيط غادر من دولة عربية إلى مصر بشكل خاص كي يرسل الرسالة التي وجهتها لمرسي، ومفادها أن أشرك الناس في السلطة ولا تعدّل في الدستور لأن الوقت مازال مبكرا  لذلك واقطع علاقتك مع إيران فهناك من "يحفر من تحتك"، وبالفعل قطع علاقته مع إيران ولكن بوقت متأخر جدا قبل سقوطه بشهر.

ما رؤيتك للمشهد العسكري في سوريا؟

يوجد قرار للقضاء على الجيش الحر والفصائل الإسلامية، هنالك رغبة روسية لتطويع الشعب السوري ليعود لحظيرة الأسد، فالغرب مع سياسة التجويع لوضع خيارين وحيدين على الشعب السوري فإما نستمر بسياسة القتل والتجويع أو العودة لحظيرة الأسد.

فمن الطبيعي أن يختار الإنسان في حالات كهذه بالانتقام، فالإرهاب هو انتقام الضعيف من غطرسة القوي، فلو أجبرت على الموت سأختار الموت مع عدوي لا لوحدي، فلا يفجر أحد نفسه تطوعيا إلا نتيجة للقهر والظلم، أنا أدافع عن الإنسان الذي يئس بقدرته على العيش بكرامة فاختار الموت مع عدوه، وهذا ليس إرهابا .

كونك من الزبداني، كيف تقيّم الهدن الحاصلة مع النظام ؟

الهدن استسلام للنظام وركوع له، والأخطر بهذه الهدن أنها تحوي ربطا ديموغرافيا وهذا شيء خطير جدا وللأسف أحرار الشام ارتكبوا هذا الخطأ، فشرعنة التبادل الديموغرافي أخطر كثيراً على الوطن من أي مكسب آخر، وهذا كان يجب أن لا يتم.

ما الحل البديل الذي كان على أحرار الشام أن تفعله حسب وجهة نظرك؟

الاستسلام للنظام والسماح بدخوله أفضل بكثير من الرضا بالتبادل الديموغرافي. إليك ما حصل بالزبداني منذ البداية، حاصر النظام الزبداني وبدأ بقصفها فطلب أهالي المدينة من النظام هدنة، عندها حصر النظام مطالبه بخروج مسلحين إسلاميين نحو الجبل، عندها وافق الأهالي على الهدنة وطلبوا من المسلحين الخروج نحو الجبل، لكن الإسلاميين قتلوا الوفد المفاوض وأبوا أن يخرجوا من الزبداني وتعهدوا أمام الناس "لن نخرج إلا جثثا" وأخص بذلك حركة أحرار الشام.

فهل صارت مقاتلي أحرار الشام الآن أهم من الأرض..!، أود بتذكيرهم حين قتلوا في أول يوم من الهدنة سابقة الذكر رئيس البلدية منعا من تطبيق الهدنة التي كانت ستبقي سكان المدينة في منازلها.

والآن بعد ثلاث سنوات حدث التالي، تدمرت البيوت، قتل الناس، وهُجّر الباقي، وخرج المقاتلون سالمين ومشرعين للتبادل الديموغرافي.

من الذي يضمن تنفيذ النظام للهدنة سابقة الذكر التي رفض أحرار الشام الانصياع لها، ربما تخوفوا من غدر النظام وارتكابه مجازر بحق المدنيين؟

بالطبع لا، ففي تلك الفترة عقدت سرغايا ومضايا هدن مماثلة، فأنا عقدت عددا من الهدن مع النظام ولم تكن كهدنة أحرار الشام، فمع تبادل القتال بيننا وبين النظام تم تحرير المدينة بهدنة اشترطت عدم دخول قوات النظام لها باستثناء الشرطة، وكان هذا في الشهر الأول من عام 2012، حيث أخذ محمود حمدان دور الوساطة عن طريق معاذ الخطيب ، فكان حمدان يتصل بآصف شوكت ، بحيث يتم التفاوض بيني وبين آصف شوكت.

فصارت الهدنة على الشكل التالي "الجيش الحر اتفق مع النظام على خروج قوات النظام من الزبداني مقابل عدم استهداف الحواجز في محيط المدينة".

حينها نجحت الهدنة وتم انتخاب مجالس محلية في المدينة، لأننا دمجنا الحراك السياسي بالعسكري، فحاملي السلاح تربّوا على مبادئ الحرية وكانت عيادتي مقرا للشباب الثائر، وكل هذا قبل قدوم الإسلاميين، الذين كانوا بعيدين جدا عن المجتمع.

ما وجهة نظرك بالمعارضة السورية خصوصا في ظل الحراك السياسي النشط في الآونة الأخيرة.

الوفود المشاركة في المفاوضات ليست تابعة للنظام ولا للمعارضة، فالمخابرات الإيرانية هي من تحكم سوريا سياسيا، والفصائل المقاتلة لا تعترف  بهم، فيصعب التخيل أن يرضى أحدهم بجنيف 1 أو جنيف 2، ولن يرضى أحد ببيان فيينا بالطبع، فهو يتضمن بقاء بشار الأسد، لذلك أرى أن المفاوضات هذه "إجراء بروتوكولي لشرعنة توافق دولي على وصاية "، وهذه خديعة كي يقول الغرب "السوريون اتفقوا على هذا الشيء"، من أجل شرعنة الوصاية الدولية على سوريا، وذهاب هؤلاء إلى المفاوضات "خيانة رسمية" وأعتبر القرارات الصادرة قرارات احتلالية.

كان على المشاركين أن يقفوا بوجه هذه المفاوضات أو يستقيلوا، فأنا استقلت من الائتلاف بسبب الذهاب إلى جنيف 1.

ولكن يجب أن يتواجد حل سياسي لوقف الحالة المأساوية التي يعيشها السوريون، لماذا تخوّن من يسعون لذلك؟

هل تعتقد أن الحرب ستتوقف بالقبول بالتفاوض، هل سيخرج المعتقلين وتلغى الاعتقالات..، الاستسلام للمجرم عبر التاريخ لن يمنع الجريمة.

ما مظاهر المقاومة التي تريدها؟

أي مظاهر للمقاومة أشجعها، فمن رأى منكرا فليغيره بلسانه أو يده أو قلبه، لكن المعارضة تشارك بهذا "المنكر".

لكن ربما يقال أن الحل السياسي هو حاجة ملحة للمعارضة لأنها الحلقة الأضعف حاليا والمقاومة التي تحدثت عنها تمارس في ظروف أفضل.

هذا الكلام غير صحيح فنحن نستطيع أن نقاوم كل الدول العظمى، هل استخدمت المعارضة كافة خيارات المقاومة، طبعا لا، كنت أرى الثورة السورية ذاهبة للخسارة، وبحثت عن تحالفات إقليمية تساعدنا في وجه الغزو الإيراني، رأيت أن الغرب تركنا فريسة لإيران، بحثت عن حلول أقل خسارة ولكن ليس على حساب كرامة الشعب السوري، أما أن أضطر للاستسلام للعدو بشكل مطلق كما يحصل الآن فهذا شيء لا أقدر على استيعاب كيف قبلت المعارضة أن تفعله.

ختاما، سوريا إلى أين؟

الذي يحدث حاليا هو انهيار لحدود سايكس بيكو، شكل الخريطة السياسية سيتغير، ولكن سوريا لا تقسم، وكل محاولات التقسيم محاولات قهرية خارجية، فعوامل التقسيم جغرافيا غير موجودة، لذلك نحن كسوريين نستطيع استعادة سورية متى ارتفعت أيدي القوات الأجنبية، أنا لا أخاف على سوريا وعلى عروبتها ولا على إسلامها، المسألة مسألة وقت، نحن سننتصر، الهوية العربية لا يمكن أن تقهر والدين الإسلامي يحفظه الله إلى يوم الدين، فأنا لا أخشى على ما سبق ولكن أخشى على الناس ومعاناتهم إثر الحرب العالمية التي تدور في بلادنا.

 

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//