بلدي نيوز – إدلب (محمد كركص)
تتضاعف معاناة السوريين يوماً تلو آخر، يزيدها فصل الشتاء معاناة أخرى، وخصوصاً فيما يخص وسائل التدفئة، والتي شبه انعدمت بعد الاستهداف المتكرر للطيران الروسي لأسواق الوقود وشاحنات نقله في الشمال السوري.
مؤخراً وبعد القصف الروسي الأخير الذي طال سوق قرية "معارة النعسان" لبيع المحروقات بريف إدلب الشمالي، والذي سبب انقطاع مادة المازوت عن الريف الأدلبي، ما شكل طلباً كبيراً على مادة الحطب، والتي ارتفعت اسعارها بشكل جنوني، الأمر الذي خرج عن القدرة الشرائية للنازحين والأهالي في المنطقة، وبالتالي بدأ مدنيو المنطقة عن البحث عن وسائل بديلة للتدفئة.
اسعار خيالية
"رامي إزمرلي"، وهو صاحب محل لبيع المحروقات في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، يقول لـبلدي نيوز: "بيع مادة المازوت انخفض عن السنة الماضية بنسبة 70% , بسبب ارتفاع سعر المادة".
وأضاف: "لمسنا ذلك من حيث إقبال زبائننا المعتادين على الشراء الموسمي، فمعظم الزبائن اللذين كانوا يشترون مادة المازوت بالبرميل في الموسم الماضي، باتوا هذا الموسم يشترون بـ (البيدون)، وحتى بالليتر أو الليترين لليوم الواحد، بعدما وصل سعر برميل المازوت المكرر إلى 35 ألف ليرة سورية, أي بمعدل 185 ليرة لليتر الواحد، وهذا النوع من المازوت المكرر، يتم استخراجه من آبار وحقول المنطقة الشرقية القابعة تحت سيطرة تنظيم الدولة، يشكل خطراً صحياً على مستخدميه نظراً لانبعاثاته الكيماوية المؤذية ولاسيما على الأطفال، علاوة على صعوبة النقل من المنطقة الشرقية إلينا وارتفاع تكلفة النقل أيضاً ".
ويشير "إزمرلي" إلى أن مادة المازوت (النظامية) المستخرجة من مصافي النفط في محافظتي حمص وطرطوس القابعتان تحت سيطرة قوات النظام، وصل سعر البرميل منها 75 ألف ليرة سورية, أي ما يقارب سعر اللتر الواحد 275 ليرة سورية، وهو ما يفوق قدرة المدني الشرائية اضعاف مضاعفة.
وسائل جديدة بأخطار قاتلة
الزيت المحروق والكوشوك (قصاصات إطارات السيارات) كما يسميه أهالي المنطقة، اصبحتا الوسيلة البديلة للتدفئة بالنسبة لمعظم السوريين في المناطق المحررة، وقد لجأ الأهالي لاستخدام هذه المادة بسبب أسعارها الزهيدة من محلات تصليح السيارات ومغاسلها، بالإضافة لاستخدام، قصاصات إطارات السيارات "الكوشوك"، والتي يسبب انبعاثها ضرراً كبيرة على حياة مستخدميها.
"رامي نهتان"، وهو صاحب محل لتصليح الدراجات النارية، يقول لبلدي نيوز: " إقبال الأهالي على شراء الزيت المحروق من محله بات كبيراً ولاسيما أن ثمن الليتر لا يتجاوز الـ 30 ليرة سورية (أقل من دولار)".
من جهته، يقول "عمر علوان" أحد عناصر فريق الدفاع المدني: "عدد الحرائق تجاوزت في هذا الشتاء أكثر من خمسة عشر منزلاً، بالإضافة إلى إصابة بعض الأطفال بحروق والسبب مادة الزيت المحروق والفيول (النفط الخام) والكوشوك".
ويضيف: "غالبية سكان المدينة يستخدمون هذه المواد, وهي الأخطر ولكن الظروف المعيشية أجبرتهم على استخدامها، كما تسببت المواد بحالات اختناق وفقدان الوعي".
ازدياد الأمراض
الدكتور فراس الجندي أكد لبلدي نيوز أن حالات التهابات القصبات والربو بتزايد في مشفى "السلام" الذي يديره في معرة النعمان بريف إدلب، وقال أن "السبب في ذلك يعود لاستخدام مواد للتدفئة مضرة بصحة الأهالي ولاسيما الأطفال".
الجدير بالذكر أن الطيران الروسي ومنذ بدء تدخله، عمد إلى استهداف طرق نقل النفط وشاحنات النقل، وارتكب عدة مجازر في الريف السوري الشمالي (حلب وإدلب)، راح ضحيتها عشرات المدنيين شهداء وجرحى منهم من قضى حرقاً، وبالتالي انعكست التأثيرات على المدنيين وخصوصاً النازحين في مخيمات اللجوء في الشمال، ليكون الأطفال هم الشريحة الأكثر تضرراً بهذه السموم الجديدة.