بلدي نيوز – (أحمد العمر)
أُسدل الستار سريعا على معركة "غصن الزيتون" بعد أقل من شهرين على انطلاقها، والتي بدأها الجيش السوري الحر بدعم عسكري ولوجستي تركي، بهدف طرد الوحدات الكردية التابعة لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" (ب ي د)، الذي يشكل النواة الصلبة في تشكيل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية.
خسارة "ب ي د" في عفرين وانهيار وحداته سريعاً أمام الهجوم الحذر والمدروس من قبل الجيش الحر والقوات التركية، وضع "ب ي د" في موقف لا يُحسد عليه، فهو من جهة خسر قاعدته الأولى في سوريا (عفرين)، ومن جهة ثانية خيّب أمل أنصاره ومريديه بهذا الانهيار السريع، لدرجة أن البعض بدأ يقيس بالزمن الذي صمدته الوحدات الكردية في عفرين، مع صمود عشرات العناصر من الثوار في دوما والغوطة أمام قوات النظام والميليشيات الإيرانية، والذي دام أكثر من أربع سنوات في ظل حصار مطبق، في حين قارن البعض الآخر مقاومة الوحدات بضعفين مع مقاومة تنظيم داعش في الرقة! والتي استمرت لأكثر من 4 أشهر، من المعارك العنيفة ضد الوحدات الكردية ذاتها المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدورها -أي أميركا- كرّست دعمها جوياً وعسكريا ولوجستياً لخدمة "ب ي د" في تلك المعركة.
ومن جهة ثالثة، وهي الأهم والأكثر لفتاً للنظر وإثارة للتساؤلات، فإن حجم الخسائر المادية والبشرية التي وقعت في عفرين، جرّاء المعارك بين الجيش الحر و"ب ي د" لا تصلح للمقارنة مع الخسائر البشرية والمادية بقرية من قرى الرقة أو دير الزور أو منبج وغيرها من المناطق، حيث تعرضت هذه الحواضر لتدمير كامل لكل ما فيها، الأبنية والشوارع والمستشفيات والبنية التحتية، فضلاً عن سقوط آلاف الضحايا، ونزوح أضعافهم إلى "معتقلات النازية" كما يُطلق عليها، وهي مخيمات تديرها وحدات "ب ي د" في أرياف الرقة ودير الزور، حيث يعاني آلاف النازحين من أوضاع إنسانية بائسة، فضلاً عن ممارسات التنكيل والاستبداد التي تمارس بحقهم، من قبل "ب ي د".
وحول هذا الموضوع، يقول الباحث والناشط "أيهم الأحمد" في حديثه لبلدي نيوز: "أراد التحالف الدولي من قسد أو (ب ي د) أن تعمل لكسب ثقة المكون العربي، في المناطق التي سيطرت عليها خلال الأشهر الماضية، ودعم حوكمة مناطقهم ذاتيا لا أن يحكمها قيادات حزبية من (ب ي د) بعيدة كل البعد عن المدنيين ومعاناتهم التي لم يوضع لها حد حتى الآن".
وأضاف: "الرقة على سبيل المثال تبدو الآن مثل مدينة دريسدن الألمانية، عقب الحرب العالمية الثانية، فهي مدمرة بالكامل، وأهلها وسكانها نازحون ولا يجدون أية بوادر لإصلاح هذا الدمار، الذي قامت به قسد والتحالف الدولي".
ويذهب "الأحمد" إلى أن "قسد حالة عابرة، وتشكيل عسكري مرحلي، أدى ما عليه وأثبت فشله في كل قطعة أرض دخلها، فالأيديولوجيا الضيقة التي يعتمدها لا يمكن أبداً أن يكون لها مستقبل لا في السياسة ولا حتى في العسكرة".
وحول المرحلة المستقبلية في العلاقات الرابطة بين الولايات المتحدة وتركيا وحلفائهما على الأرض، يقول "الأحمد": "المؤشرات تشير إلى أن أمريكا بدأت بالعمل على استعادة العلاقات الودية مع تركيا، لوقف التقارب التركي الروسي الذي يشكل هاجساً لدى الأمريكيين"، مضيفاً "قسد أو (ب ي د) ستكون كبش الفداء على كافة الأصعدة في هذه المرحلة، ومن المتوقع أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في هذا الشأن، وسينتهي المطاف بقسد، مهدورة الدم عند جميع الأطراف، ولا ننسى أن (ب ي د) هو منظمة إرهابية على قوائم الإرهاب الدولية، والآن يجري حظرها وكل ما يتعلق بها، في الدول الأوروبية".