بلدي نيوز – (متابعات)
أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي المعروف ب "ابن رشد"، عالم عربي ينحدر من أصول أندلسيّة، يسميه الأوروبيون Averroes" "، وولد في الرابع عشر من شهر أبريل من عام 1126م في قرطبة؛ ويذكر بأنّه برع في الفيزياء والقضاء والفقه والطِب.
ترعرع ابن رشد في كنف عائلة مرموقة في الأندلس، ويُعرف بأنّها تنتمي للمذهب المالكي، ويشار إلى أنّه كان نابغة فقد تمكن من حفظ موطأ مالك، وديوان المتنبي، كما درس الفقه والعقيدة في المذهبين المالكي والأشعري عن كثب، وبذلك اعتبر من أكثر فلاسفة الإسلام شهرة.
يعد ابن رشد في حقيقة الأمر ظاهرة علمية عربية متعددة التخصصات، فهو فقيه مالكي، وهو قاضي القضاة في زمانه، وهو ذاته طبيب نطاسي تفوق على أساتذته حتى ان أستاذه ابن زهر قال عنه: "ابن رشد أعظم طبيب بعد گالينوس"، وهو عينه فيلسوف عقلاني، وهو أيضا مترجم لأعمال أرسطو المرجعية للعرب والغرب فيما بعد، وهو أيضا فلكي ذي أعمال جليلة في المضمار، وهو نفسه المتكلم الذي تصدى لنقد المتكلمين باسم توافق المعقول والمنقول وعلى رأسهم الامام الغزالي.
يعتبر ابن رُشد من أكثر الفلاسفة دفاعاً عن الفلسفة، ويذكر بأنّه قد قام بتصحيح عدد من الفلسفات لبعض العلماء السابقين كابن سينا والفارابي، كما شرح أغلب نظريّات أفلاطون وأرسطو، ويذكر بأنّ لابن طفيل دوراً كبيراً في تقديم ابن رُشد لخليفة الموحدين أبي اليعقوب؛ وقد قام الأخير بتعيينه طبيباً، ثمّ ولاه منصب القضاء في قرطبة ثمّ إشبيلية.
يعتبر ابن رشد فيلسوف التنوير الأول، حيث يشغل العقل أرفع المراتب عنده، فهو المرجع الأخير في تفسير العالم، وحل المشكلات ذات الصلة بالنص وغيرها.
ويماهي ابن رشد العقل مع النظام الكوني العام، الذي يحكمه مبدأ السببية، وفحواه "وجود ارتباط ضروري بين الأسباب والمسببات"، وهو مبدأ اعتبره ابن رشد عماد العلم، واعتبر الخروج عليه قولاً بعشوائية الحوادث، ونفيا لحكمة الصانع.
يقول في كتابه "الكشف عن مناهج الأدلة"(ص 193): "ينبغي أن تعلم أن من جحد كون الأسباب مؤثرة بإذن الله في مسبباتها، أنه قد أبطل الحكمة وأبطل العلم، وذلك أن العلم هو معرفة الأشياء بأسبابها(=الفاعلة)، والحكمة هي المعرفة بالأسباب الغائية".
وإذا كان ابن رشد لم ينكر الإرادة البشرية، فإن هذه الإرادة تشكل عنده جزءاً من نظام الكون العام السائر في طريق التقدم.
ومن تجليات العقلانية عند ابن رشد قوله بتأويل النص الديني في حال تعارض ظاهره مع الفلسفة بما يتفق مع الفلسفة، ومناداته بأولية المنطق في التعليم، أي أن يكون المنطق الموضوع الأول الذي يدرسه المتعلم قبل غيره من الموضوعات.
توفي ابن رُشد تاركاً وراءه إرثاً ثقافيّاً عظيماً، ومن أهم مؤلفاته: تهافت التهافت الذي جاء كرّد على كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي، وكتاب المسائل في الحكمة، وكتاب شرح أرجوزة ابن سينا في الطب، وكتاب مناهج الأدلة.
ولا يزال الفيلسوف العربي الأول "ابن رشد" موضوع بحث ودراسة للباحثين والفلاسفة في أوروبا، حيث تعد نظريات وآراء ابن رشد مادة دسمة للدراسة والتعلّم.