كيف سينعكس الصراع الخليجي الإيراني على الأرض السورية؟ - It's Over 9000!

كيف سينعكس الصراع الخليجي الإيراني على الأرض السورية؟

بلدي نيوز - راني جابر 
كأس السم الذي تجرعه الخميني معلناً هزيمة إيران في حربها العدوانية التوسعية ضد العراق، كانت نقطة تحول كبيرة بالمشروع الفارسي في المنطقة، فالعداء التاريخي بين دول الخليج "السنية" وإيران "الشيعية" مرتبط أساساً بالمحاولات الإيرانية المستميتة لفرض هيمنتها على  تلك الدول  بعدة طرق، والذي واجهته تلك الدول بدعم هائل للعراق خلال حربه ضد إيران.
ففشل استخدام قوتها العسكرية مباشرة لتصدير "ثورتها" إلى دول الخليج مروراً عبر العراق، الذي وصف معركته ضد ملالي ايران  "بالقادسية الثانية" معلناً  بشكل مباشر عمق الخلاف التاريخي بين العالمين، أتى بالاستراتيجية الإيرانية الجديدة، والتي اعتمدت على تشكيل خلايا  مرتبطة بإيران تعمل بإمرتها وتعتبر استمراراً وامتداداً لمشروع الولي الفقيه، والتي تمثل ذروتها ميليشيا "حزب الله" اللبنانية والميليشيات العراقية، التي ظهرت للعلن بعد الغزو الأمريكي للعراق، وتسلمت المناصب القيادية في العراق مسلمة مفاتحه لإيران.
قد يكون  "نمر باقر النمر"  الذي أعدمته السعودية مؤخراً، هو أحد أوضح أشكال هذا التغلغل الإيراني في  دول الخليج.
والذي حرك إعدامه والرد الإيراني عليه، المتمثل بإحراق و"تعفيش" السفارة والقنصلية السعودية في إيران الكثير من ردود الفعل الغير متوقعة، ومنها قطع العلاقات الديبلوماسية وطرد السفير الإيراني من عدة دول على رأسها السعودية والكويت والبحرين.
أسلحة ردع
من المستبعد حدوث مواجهة عسكرية مباشرة في المدى القريب بين إيران ودول الخليج وبخاصة  السعودية، وذلك بسبب معرفة إيران حقيقة جيشها الممتلك لتقنيات أقل ما توصف به هو "التخلف".
فإيران التي يفترض أنها قوة صاروخية كبرى في المنطقة، ليست الوحيدة التي تمتلك وتطور  برامج صواريخ بالستية متوسطة المدى، فالسعودية كشفت منذ فترة عن امتلاكها لصواريخ بالستية متوسطة المدى، تستطيع الوصول لأي نقطة في إيران، ويمكنها حمل رؤوس نووية ما جرّد إيران من الذراع الطولي لها، والتي تعول عليها في أي حرب في المنطقة.
فسلاح الجو الإيراني متخلف ولن يصمد في أي مواجهة ضد القوى الجوية لدول الخليج المسلحة بأحدث التقنيات العسكرية.
أما البحرية الايرانية، فلا تشكل تهديداً جدياً في المنطقة، وتبقى قدراتها تنحصر في مضايقة مرور الناقلات النفطية في مضيق باب السلام.
معركة على أرض العدو
قد تكون أهم المميزات المرتبطة بالاستراتيجيات التي تستخدمها العديد من الدول خلال العشرين عاماً الماضية، هي نقل المعارك خارج أراضيها، ويظهر أن إيران تستخدم هذه الاستراتيجية  بشكل  مكثف خلال العقدين الماضيين.
فيبدوا أن الأشهر المقبلة ستشهد تصاعداً في وتيرة الحرب الغير معلنة بين بعض الدول الخليجية وإيران، وستظهر آثار هذا الصراع بشكل حقيقي في سوريا تحديداً، وستكون الساحة السورية مفتوحة على كافة المستويات وستأخذ المعارك طابعاً أكثر شراسة، وستزداد الرغبة الإيرانية بتحصيل انتصارات على الأرض.
سلاح نوعي
قد تكون أفضل طريقة للرد السعودي على التهديديات الإيرانية هو الأسلحة النوعية التي تصل للثوار، حيث تشكل أي دفعة أسلحة نوعية تصل للثوار رداً عملياً على التهديدات الإيرانية،  التي صدرت من أعلى الهرم في النظام الإيراني والتي يتوقع أن تتحول إلى تصرفات عملية عاجلاً أو أجلاً.
فمجموعة الخلايا التي كشفت في عدد من الدول الخليجية كالكويت والبحرين لا تبشر بخير، وكميات الأسلحة الكبيرة التي كشفت لديها، لا توحي بالرغبة بعمليات محدودة فقط، بل ربما  تصل إلى مرحلة التجهيز لعمليات ضخمة، قد تصل حتى احتلال مواقع أو مناطق ضمن تلك الدول.
"المستنقع السوري" جلب الكثيرين إليه وقد تكون إيران أول الداخلين، لكنها بالتأكيد لن تكون أول الخارجين، فخروجها من سوريا مهزومة يعني انكسار الحلم الفارسي إلى أمد غير معروف، ما يدفعها للتشبث بموقع قدم لها بقوة في سوريا.
كذلك قد يرتد خروجها السريع بشكل بتنشيط خلاياها في الخليج العربي، وبخاصة السعودية والكويت والبحرين، ما يعني وجود خشية حقيقية لدى هذه الدول من قدرة إيران على مهاجمتهم  بخلاياها النائمة.
فإيران التي على وشك كسر الطوق "الافتراضي" عنها فيما يخص بموضوع العقوبات المرتبطة ببرنامجها النووي، ستحصل على ما تحتاجه من تقنية وأموال لمتابعة تطوير ترسانتها العسكرية،  فكل ما تخسره إيران في سوريا من مال وعتاد ورجال سيؤثر حكماً في قدرتها على شن أي هجمات، سواء مباشرة أو غير مباشرة على دول الخليج وبخاصة السعودية.
ما يعني أن الثوار قد يستفيدون من تخفيف قيود السلاح المفروضة عليهم، وتصلهم دفعات أسلحة إضافية، تركز ضد المناطق التي يوجد فيها الثقل الإيراني في سوريا.
لا يتوقع أن يصل الدعم الذي قد يحصل عليه الثوار من دول الخليج كرد على التهديديات الإيرانية إلى مستوى صواريخ مضادة للطائرات، بخاصة بسبب تعقيد المشهد المرتبط بالنوعيات اللازمة، واكتظاظ السماء السورية بطائرات لعشرات الدول، لكنه قد يتمثل في صواريخ مضادة للدبابات، بحكم أن المشاركة الإيرانية في سوريا هي مشاركة برية خصوصاً، فالمزيد من صواريخ تاو ستعني المزيد من المشاكل لقوات الأسد ولإيران في سوريا، واستمرار استنزافهم سيعني المزيد من الضغط والتأجيل لمشاريعهم في دول الخليج،  وربما سيدفعهم لاستعجال إطلاقها قبل اكتمال خيوطها، ما يسهل تطويقها ووأدها في المهد قبل أن يستفحل شرها وتصبح مشكلة حقيقية.
قد يتخذ الرد الخليجي شكلاً مختلفاً يتمثل بإقناع الروس بإزاحة الإيرانيين أكثر عن المشهد في سوريا، وتخفيض نفوذهم وتخفيض المستوى التقني لما يحصلون عليه من روسيا، وهذا ممكن جداً بالوسائل الديبلوماسية والاقتصادية وطرق أخرى متعددة.
فروسيا التي دخلت الساحة السورية تعتبر مصدر تسلح مهم لعدد من الدول الخليجية، ويبدي عدد منها اهتماماً بعدة أنواع من الأسلحة الروسية، التي قد يكون الهدف من شرائها سياسي أكثر منه عسكري.
خلاصة
دول الخليج تمتلك العديد من الأوراق التي تستطيع التسبب خلالها بالكثير من الأذية لإيران، وقد تكون الورقة السورية هي الأكثر تأثيراً على المدى القريب والمتوسط.
فإبقاء إيران غارقة في المستنقع السوري، وتخفيض أسعار النفط ومحاولة التواصل مع الروس  لتحييد الإيرانيين في سوريا، هي أوراق مهمة بيد الحكومات الخليجية، والتي يبدو أنها مجرد خطوات تحضيرية تهدف لانهاك إيران قبل الدخول في المواجهة الكبرى المقبلة التي لا مفر منها.

مقالات ذات صلة

بخصوص الركبان.. رسالة من الائتلاف الوطني إلى الأمم المتحدة

شركة“روساتوم آر دي إس” (Rusatom RDS) الروسية ستبدأ توريد معدات غسيل الكلى إلى سوريا

"التحقيق الدولية": سوريا مسرح لحروب متداخلة بالوكالة

الإعلام العبري يكشف هوي منفذالغارات على دير الزور

ما الأسباب.. شركات دولية ترفض التعامل مع معامل الأدوية السورية

الشرق الأوسط: إعادة اللاجئين السوريين يجمع ما فرقته السياسة في لبنان