السويداء 2017.. غياب الأمان ومشروع إدارة لا مركزية - It's Over 9000!

السويداء 2017.. غياب الأمان ومشروع إدارة لا مركزية

بلدي نيوز- السويداء (لبنى أبو الخير)
شهدت محافظة السويداء "جبل العرب" هذا العام الكثير من الأحداث والتغيرات على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، فكان غياب الأمان وازدياد حالات الاعتقال والخطف المعروفة ومنها الغامضة بشكل ملفت أكثر من السنوات السابقة، كما شكل طرح القوى السياسية والاجتماعية في السويداء لمسودة إدارة لا مركزية، وسيطرة روسيا على مجريات الأحداث العسكرية والسياسيّة بالكامل تطورات مهمة ومفصلية.
السويداء سياسياً واجتماعياً:
طرحت القوى السياسية والاجتماعية في السويداء خلال شهر تموز المنصرم مسودة مشروع لتشكيل إدارة "لا مركزية" محلية في المحافظة لتسيير عمل مؤسسات الدولة وضبط الأمن فيها.
وجاء في مسودة المشروع: "إن الحاجة الرئيسية الأوليّة هي التعامل مع الاتفاق الروسي -الأميركي (مناطق خفض التصعيد) بكثير من الحكمة والواقعية السياسية كمرحلة أولى تنتهي بفرض إرادة الشعب السوري، و"تشكيل جمعية وطنية مؤقتة كمرجعية مهمتها تنظيم وإدارة مؤسسات الدولة في السويداء"، مؤكدة ضرورة "حصر السلاح بيد الدولة (المركزية)، ومنع مظاهر التسلح بين الناس"، و لضمان نجاح إقامة الإدارة اللامركزية في السويداء يجب منع أي شكل من أشكال التقسيم سواء بالمحاصصة أو الكونفيدرالية على أساس طائفي أو عرقي".
ونوهت المسودة أيضاً إلى أن الدول العظمى صادرت القرار السوري، وتعمل ضمن أجنداتها الخاصة وتوافقاتها السياسية الملبية لمصالحها، داعية إلى التعامل مع منطقة خفض التصعيد بواقعية، وفيما يخص الإدارة الذاتية في السويداء فإن أحد مشايخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء الشيخ يوسف جربوع كان من دعا بداية لتشكيل "الجبهة الوطنية المجتمعية" من قبل قوى السويداء لإدارة أمورها.
وتضمنت الورقة عدداً من البنود بينها "وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وأن السويداء جزء لا يتجزأ من الدولة السورية التي يطمح إليها الجميع، دولة المواطنة والقانون"، كما ونصت الورقة على أن "سوريا ذات سيادة على كامل أراضيها المعترف بها دولياً، ودولة ديمقراطية مدنية تعددية، تقف على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري، وتعتمد مبدأ فصل الدين عن الدولة، مع التأكيد على حقوق الإنسان والحريات العامة التي نصت عليها المواثيق الدولية مصانة دستورياً وقانونياً".
وأكدت الورقة ضرورة "منع أي تغيير في موازين القوى على أرض الميدان، إفساحاً لبدء الحل السياسي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، ومبادلة الأسرى من جميع الأطراف، وفتح ملف المفقودين والمخطوفين قسراً لديها من أبناء الشعب السوري".
ونصت الورقة على "فتح معابر حدودية مع الأردن أمام حركة الأشخاص والبضائع بإدارة السوريين وبحماية قوات حفظ السلام"، مطالبة الدول الراعية لضمان اتفاق خفض التصعيد بمعاقبة أي طرف يخرق اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية، وتحديد جدول زمني واقعي للانتهاء من مرحلة خفض التصعيد والتحول إلى المرحلة الانتقالية في إطار الحل السياسي بحسب القرارات الأممية الخاصة بالأزمة السورية".
وتمثل القوى السياسية والمجتمعية في جلسات الحوار كل من: "ملتقى العمل الاجتماعي في محافظة السويداء "معاً"، وبناء وطن، والمبادرة الوطنية، واللقاء الأهلي، والشأن العام، والهيئة الاجتماعية للعمل الوطني، وتيار قمح، وحركة البناء، وشخصيات مستقلة".
وبهذه الورقة تكون السويداء انضمت إلى ثلاث مناطق أساسية أخرى ضمن مفهوم الإدارة "اللامركزية" ويطلق عليها الأكراد "الكونفدرالية" وهي بالإضافة إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات ذات الغالبية الكردية (قسد) في شمال الفرات ومنطقة منبج، المنطقة ثانية هي إدلب وجزء من ريف حلب واللاذقية التي ستحظى باستقلال واسع عن السلطات المركزية في ظل وجود دول أجنبية ضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، والمنطقة الثالثة هي منطقة درعا والقنيطرة التي تتحكم فيها مجالس محلية وفصائل المعارضة المسلحة وتعمل على توحيد مكوناتها في مؤسسات واحدة، لتأتي السويداء اليوم وتنضم الى تلك القافلة من المناطق التي تنساب من قبضة الحكم المركزي في دمشق وتبدأ رحلتها في تأسيس حكم ذاتي رابع.
لكن قامت مشيخة العقل في محافظة السويداء بعد نشر هذه الورقة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الأخبار بنفي كل ما سبق من قرار الحكم الذاتي، وقالت إن هذا البيان لا أساس له من الصحّة، وأنّ مشيخة العقل في السويداء لا نيّة لها في الانفصال عن "الحكومة السوريّة" وهي متمسّكة بانتمائها السوري بشكل لا ينفصل عن الدولة، ما اعتبره مراقبون ضغطاً من نظام الأسد على أبناء السويداء.
بالمقابل ردت شخصيات اجتماعية من السويداء بالإضافة لمحافظ السويداء ببيان مناقض أطلق عليه "عهدة أبناء الجبل" حيث نص على:
1- إن الدولة هي مؤسستنا الحقوقية، والدستورية، وهي التي لمّت شملنا، وحمت وجودنا ومصيرنا فلن نتراخى، في دعمها وتقويتها دوماً.
2- ندعو أنفسنا إلى تمتين شيم بني معروف بيننا فلا نقبل بالخارج منا على القانون، ونقف بوجدان كامل مع السلطة المخولة بمحاسبته.
3- أن نتمسك بعهدة الشرف هذه لنمتّن الصلة بيننا وبين دولتنا، ونمكّنها من تولّي دورها الكامل، والوفاء بدورنا نحن معها.
4- إن ظواهر: السلب، والخطف وقطع الطرق، وسرقة الممتلكات، وتجارة المخدرات، وغيرها مرفوضة بيننا، ولنمارس أقصى العقوبات ضدها، وضد كل من يدعمها.
5- إن العناصر غير المنضبطة التي تساعد المجرمين بمنع الدولة من إلقاء القبض عليهم، أو تحدي السلطة التي تلاحقهم مرفوضون منا جميعاً.
6- إن عهدة أبناء جبل العرب من أجل تقوية هيبة الدولة، وتحقيق الانضباط الأخلاقي الكامل معها عهدة شرف نعاهد الله عليها، ونبقى الجنود المخلصين لوطن الكرامة سورية، وجبل سلطان".
يعلّق بعض الأهالي على هذه العهدة غالباً بالرفض ويقولون عبر منصات التواصل الاجتماعي:
"أن مبادرات عديدة مماثلة طرحتها شخصيات اجتماعية وسياسية في المحافظة، لكن أي منها لم تُترجم على الأرض ولم تلق أي تجاوب من المجتمع أو الجهات المختصة".
عسكرياً:
شهدت السويداء بداية العام تدخّل عسكري روسي مباشر، فقام وفد عسكري بزيارة مضافة سلطان باشا الأطرش، بمرافقة قيادات "بعثيّة" وشخصيات أمنية من النظام ممّا أثار حفيظة الأهالي، كون مضافة سلطان باشا الأطرش تُعتبر أحد المقدسّات في السويداء، وتمّ في هذه الزيارة توزيع سلال غذائية على عائلات الشهداء لتأخذ الزيارة الطابع الإنساني لكسب تأييد الأهالي.
في شهر أيار و في سلسلة أحداث عسكريّة وأمنيّة قدّم الجانب الروسي مقترح لتشكيل فصيل عسكري يضم فقط أبناء السويداء، برواتب ماديّة تعتبر مغريّة وهي "200" دولار لكل عسكري مع ضمانات صحيّة و تعويضات ماديّة لاستغلال عوز الأهالي، والارتفاع المتزايد لأسعار المواد الغذائية، وذلك في ظل تخلّف الكثير من الشبّان عن الخدمة العسكريّة في جيش النظام.
كما أرادت روسيا في الشهر ذاته القيام بمهرجان في السويداء لإعلانها منطقة آمنة بشكل كامل، لكن سرعان ما أثبتت حالات الخطف والاختفاء القسري عكس ذلك تمام، وصرّحت وزارة الدفاع الروسية بأنها نشرت قوات شرطة عسكرية تابعة لها جنوب غرب سوريا تنفيذاً لاتفاق سابق مع الولايات المتحدة الأمريكية والأردن، وقوات الشرطة العسكرية التابعة لها تمركزت في نقطتي تفتيش و10 مراكز مراقبة على حدود منطقة تخفيف التوتر وصولاً إلى الجولان المحتل، وأكد رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية "سيرغي رودسكوي" أن نشر القوات جرى يومي 21 و22حزيران 2017، منوهاً إلى أن "الجانب الروسي أبلغ إسرائيل مسبقاً بعملية نشر عناصر الشرطة العسكرية في المنطقة".
وتواصل القوات الروسية انتشارها في ريف السويداء الغربي والشمالي الغربي والجنوبي الغربي، المتاخم لمناطق سيطرة فصائل المعارضة في ريف درعا، بعد الإعلان عن وقف إطلاق نار في التاسع من شهر تمّوز، كما انتشرت قوات مماثلة على الحاجز الغربي لمطار "خلخلة" العسكري الواقع شمال المحافظة و المتاخم لمنطقة اللجاة في ريف درعا الشرقي، إضافة لوصول قوات روسية إلى الفوج 404 التابع لجيش النظام والواقع قرب بلدة "نجران" في ريف السويداء الغربي، وتمركز آليات عسكرية روسية على الطريق الواصل بين مدينة السويداء وبلدة "رساس" جنوب المدينة، متوجهة إلى الفوج 127 "قوات خاصة" الواقع في ريف المحافظة الجنوبي، و الانتشار الروسي وصل إلى مطار "الثعلة" العسكري الواقع في ريف المحافظة الغربي و المتاخم لقرية "أم ولد" في ريف درعا الشرقي.
كما واصلت ميليشيات "الحشد الشعبي" العراقي من توافدهم على محافظة السويداء أيضا برفقة وتنسيق مع القوات الروسية، وكانت الزيارات تحت عباءة دينيّة وعسكرية من جهة، حيث جاء هذا التصريح على مواقع "الحشد الشعبي العراقي" بأن وفداً دينياً تابعاً له زار مشايخ "العقل" في المحافظة في 28 من شهر أيّار، حيث زار وفد ديني يتبع لميليشيا حركة "النجباء" العراقية وقام بلقاء شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ "حكمت الهجري"، وزاروا مقام عين الزمان.
توافد الروس والحشد العراقي على محافظة السويداء، يأتي تزامناً مع تقارير إعلامية أكدت تعزيز تواجد القوات الروسية في سوريا، بالإضافة إلى إرسال تشكيلات من الفرقة الرابعة التي يقودها العميد "ماهر الأسد" إلى ذات المنطقة، وذلك لانهياراً قوات نظام الأسد والميليشيات العراقية في درعا البلد، و ضرورة وجود قوى عسكرية للمواجهات مع تنظيم "الدولة" في ريف محافظة السويداء.
وفي صيف هذا العام شهدت المحافظة حالة من الانفلات الأمني الرهيب يتحمل مسؤوليته بشكل مباشر "وفيق ناصر" رئيس فرع الأمن العسكري، بالتنسيق مع ميليشيا "الدفاع الوطني" التابع للنظام، وبعض من عناصر جمعيّة البستان، فكان لقضيّة اختطاف "كاترين هيثم مزهر" ذات الـ17 الحصّة الأكبر من الضجّة الإعلاميّة والاجتماعيّة، فعلى ضوء هذه القضية تمّ تصفية وخطف أشخاص على خلفيات أمنيّة من جهة وشخصيّة من جهة أخرى، ففي سياق قضية كاترين قُتِلَ ثلاثة أشخاص من منطلق تصفية الحسابات الشخصيّة.
وابتداء من شهري آب و أيلول ارتفعت أعداد معتقلي ناشطي الثورة من قبل النظام، والمخطوفين من جنود جيش النظام من قبل تنظيم "الدولة"، والمختفين لدى جيش النظام بسبب الخدمة العسكريّة الإلزاميّة، إضافة إلى ضحايا الاختفاء القسري الذين غالبيتهم من فئة الشباب.

مقالات ذات صلة

"التحقيق الدولية": سوريا مسرح لحروب متداخلة بالوكالة

الإعلام العبري يكشف هوي منفذالغارات على دير الزور

ما الأسباب.. شركات دولية ترفض التعامل مع معامل الأدوية السورية

الشرق الأوسط: إعادة اللاجئين السوريين يجمع ما فرقته السياسة في لبنان

رأس النظام يتسلّم دعوة للمشاركة بالقمة العربية في البحرين

أمريكا تفرض عقوبات على كيانات وأفراد يدعمون الأسد