كيف تتملص روسيا والنظام من اتفاقات "خفض التصعيد"؟ - It's Over 9000!

كيف تتملص روسيا والنظام من اتفاقات "خفض التصعيد"؟

بلدي نيوز-(المحرر العسكري)
وقعت روسيا عدة اتفاقيات محلية غير مترابطة تحت مسمى "خفض التصعيد" في سوريا، رعتها جميعها وتحولت فيها من طرف راعٍ لأحد الأطراف المقاتلة (وطرف حقيقي للمعركة)، إلى طرف يرعى اتفاقية "الهدنة" بين الطرفين المتقاتلين، وبعد أن وقعت الاتفاقية، فإنها تطلب حسب بعض التسريبات من القياديين في الفصائل التي وقعت عليها "الصبر" حتى يلتزم النظام بهذه الاتفاقيات والانتظار، فعلى حد قول الروس "وقف إطلاق النار لن يحدث بلمحة عين".
يبدو أن الروس بهذا العمل يحاولون التملص من أي اتفاق بشكل حقيقي، وربط الاتفاق معهم ولكن ربط "خرقه" بالنظام، في محاولة للقول أنهم "يقومون بواجبهم"، وأن جميع ما يحصل هي أمور خارجة عن إرادتهم أو أنها أمور سوف "يتعاملون معها لاحقا"، وهو ما يؤكد أن اتفاقيات خفض التصعيد ليست سوى اتفاقيات صممت لتخرق بعد انتهاء فترة فائدتها، فهي ستؤدي تدريجيا لحالة من الاحتقان ثم الاختناق ثم الانفجار.
فالروس يعرفون أنه يوجد هناك "انضباط عسكري"، وأي قوة في المنطقة تستطيع ضبط عناصرها بشكل كامل، بداية بالنظام، وصولا للإيرانيين والروس وحتى فصائل المعارضة، التي أصبح لديها شكل من أشكال الانضباط العسكري، الذي تطور نسبياً مع عملها، فأي أمر إطلاق نار وبخاصة لدى النظام لا يحدث إلا بوجود موافقة من القيادات العليا، ويتم إعطاء معظم أوامر القصف من قيادة أركان النظام إلى الوحدات الأدنى للتنفيذ، ضمن "واجبات" مختلفة، ما يؤكد أن عملية الخرق ليست محلية، بل هي عمل منظم ومخطط له.
ما يعني أن الاتفاقيات التي عملت روسيا عليها مصممة؛ بحيث تبقى الأوضاع فيها "على الحافة" ومؤهلة للانهيار في أية لحظة (لكن روسيا تمنع انهياراها بضبط ايقاع الخروقات)، وبخاصة أن النظام لم يوقف مثلا قصف الغوطة أو هجماته عليها منذ وقع اتفاقها، وشن عدة هجمات متوسطة الحجم للسيطرة على نقاط استراتيجية تحت عين الروس، ولم يتوقف كذلك عن قصف ريف حمص الشمالي، فضلا عن قصف المناطق الغير خاضعة لاتفاقيات "خفض التصعيد"، وطائرات استطلاعه التي لم تتوقف عن الطيران فوق جميع تلك المناطق، أكبر دليل على تحضيراته العسكرية لها، عبر الرصد المتواصل وتجديد بنوك الأهداف ودراسة الأرض والكتل المبنية بشكل أفضل؛ تجهيزاً للهجوم لاحقاً.

إذاً، الفكرة الروسية تعتمد ببساطة على إبقاء الوضع على "الحافة"، والسماح للنظام بتنفيذ الخروقات (المميز أن هذه الاتفاقيات راعت احتمالية حدوث خروقات، بإعطاء الطرفين الأحقية في ما اسمته "الدفاع عن النفس" ولم تذكر أن على روسيا إجبار النظام بشكل قطعي وقوي وعسكري على إعادة ما يتقدم عليه)، ما يعني أن الروس لن يكون لهم أي دور عسكري في وقف الاشتباكات في حال حصلت، ولا إعادة أي أراضي يتقدم لها النظام خلال الفترة التي تلي هذه المرحلة (لكنها بحكم القوة القاهرة تستطيع اجبار الفصائل على إعادة أي مواقع يتقدمون عليها بصفتها "الراعية" للاتفاق، ما يعني أن اتفاقية "خفض التصعيد" مصممة لمنع الفصائل من السيطرة على أراضي جديدة، وحصرها في الحيز الجغرافي الذي تسيطر عليه حالياً، والعكس صحيح بالنسبة للنظام).
أما بالنسبة للأسلوب الذي سوف يسقط فيه الروس والنظام هذه الاتفاقيات فهو أسلوب بسيط، يعتمد على عدم وصولها لمرحلة التطبيق الكامل، والابقاء على الكثير من الملفات "قيد التفاوض"، وبخاصة المعتقلين والمفقودين، وملفات إدخال المساعدات، وغيرها، والابقاء على الحد الأعلى للوضع أن يكون هنالك دخول متقطع للمواد والتحكم بالطرق بحيث تغلق أو يضيق الخناق كل فترة، إضافة لموضوع إيقاف الخروقات العسكرية، حيث ترتب تلك الاتفاقيات الأولوية للحديث عن إيقاف الأعمال العسكري (الذي لن يتم) قبل الحديث عن بقية الأمور.
يلي مرحلة "الحافة" العمل بشكل أمني، وتنفيذ اغتيالات وعمليات أمنية مختلفة بطرق متعددة، سواء في مناطق الاتفاقيات أو مناطق النظام (وربطها بخلايا من مناطق الاتفاقيات)، وتحميل الفصائل مسؤولية هذه الأعمال باعتبارها المسؤول بموجب الاتفاقيات على محاربة "الفكر المتطرف"، والعمل على إزالة أي امكانية لحدوث حالة استقرار أمني، وتأليب المدنيين ضد الفصائل، وذلك بعدم إيصال الخدمات والتضييق، وجميع الأعمال المختلفة التي تضمن أن يحدث خلل أمني كبير في المنطقة الموقعة للاتفاق (ربما اقتتال داخلي أو مواجهات فصائلية).
تدريجياً مع تقدم النظام شرقا وإنهاء معاركه، فهو سوف يتجه نحو المناطق (المضطربة) والموقعة على اتفاقيات (فشلت في تنفيذها حسب مفهومه)، وسيكون انهيارها سهلاً جدا في هذه الحالة، فالفصائل ستكون حسب النظام والروس (الراعي الرسمي للاتفاق) قد فشلت في تحقيق بنود الاتفاق، خصوصاً أنها ستتهم بأنها فشلت في استئصال "الفكر المتطرف" من مناطقها، ما يعني أن الأمر أصبح منوطا بالنظام وروسيا لذلك، وربما لن يحتاج النظام لأي حجج ليهوي بالاتفاقية، فمع تقدمه في ديرالزور سوف يعمل على تكثيف خروقاته، وصولاً لمرحلة لا تعود فيه الاتفاقية موجودة (كما يفعل في جوبر حالياً)، وتعتبر بحكم عدم الالتزام بها بحكم المنسية، وينفذ النظام عملية ضد المناطق المطلوبة، والتي على الغالب ستكون ريف دمشق وريف حمص المحاصرين، أما بالنسبة لدرعا وإدلب فالأمور فيهما نسبياً مختلفة، لكنها متباينة بين درعا وإدلب، لاختلاف الوضع الاقليمي بين الاثنين.
ما يعني أن النظام غير معني إطلاقاً باتفاقات "خفض التصعيد"، التي لم ولن تكون سوى واحدة من أكبر خدع الحرب السورية.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//