قد لا تكون سورية "بانام" ولكنها مليئة بالموكينغجاي - It's Over 9000!

قد لا تكون سورية "بانام" ولكنها مليئة بالموكينغجاي

Middle Ease Eye – ترجمة بلدي نيوز
تجاهلت مراراً نصيحة العديد من عشاق السينما والذين نصحوني باستمرار بمشاهدة فيلم "مباريات الجوع" أو "الهانجر جيمز" المأخوذ عن الكتاب الأكثر مبيعاً للكاتبة الامريكية "سوزان كولينز"، ومع مشاهدة الجزء الأول من الفيلم أدركت أني قد تعلقت بهذا الفيلم .
في الظاهر فيلم "الهانغر جيمز" يتبع أفلام هوليود النموذجية  من حيث القتال بين الشر والخير مع جرعة كبيرة وبدون توقف من الإثارة يقدمها نجوم الصف الأول، ولكن تحت البريق الهوليودي تكمن رسالة أعمق بكثير، تشترك مع الخطاب السياسي للولايات المتحدة الأمريكية .
رئيس بانام "سنو" ورئيس سورية "الأسد"
تجري أحداث الفيلم في مستقبل بائس، في مدينة خيالية "بانام" داخل أنقاض ما كان في السابق أمريكا الشمالية، حاكم الدولة "سنو" يحكم قبضته الخانقة على 12 مقاطعة منكوبة من مناطق الدولة، عن طريق إجبار كل منطقة منهم على اختيار  صبي وفتاة، أعمارهم تتراوح بين الثانية عشرة والثمانية عشرة عاماً، ليتقاتلوا حتى الموت في مباراة سنوية متلفزة تسمى "مباراة الجوع", والفائز هو آخر شخص يبقى على قيد الحياة، كل ذلك عقاباً للشعب على تمرده وثورته في الماضي.
كما يتوجب على كل مواطن مشاهدة الأجيال الشابة يحاربون حرفياً حتى الموت، حتى لا يبقى إلا الفائزة فقط وهي بطلة الفيلم ، كاتنيس إيفردين (جنيفر لورانس)، والتي تنحدر من منطقة 12، الأكثر حرماناً من جميع المناطق.
كاتنيس لا تملك الكثير لتعتمد عليه إلا مهارات الصيد لديها، وعندما يحين وقت اختيار لاعب "للهانغر جيمز" يقع الاختيار على شقيقتها الصغرى فتتطوع كاتنيس بدلاً عنها في ألعاب الجوع السنوية (74).
أوجه التشابه في حالة الدولة الشمولية بين مدينة "بانام" وسورية كانت واضحة جداً بالنسبة إلي، فالنظام القمعي للرئيس كوريولانوس سنو (دونالد ساذرلاند) الذي يسيطر على 12 مقاطعة بقبضة من حديد، يشبه لحد كبير "سورية الأسد"– فالطاغيتان معروفان بسمعتهما السيئة بقمع أي شكل من أشكال المعارضة لحكمهم بالعنف والقتل.
الثورة الشعبية ضد الطاغية
في الجزء الثاني من سلسلة "مباريات الجوع" وهو "ألسنة اللهب"، تظهر المؤشرات الأولى للثورة الشعبية لسكان المناطق الساخطين في "بانام" والذين لم يعودوا قادرين على تحمل الحرمان الاجتماعي الذي أصبح الإرث الأبدي لحكم الرئيس "سنو".
أما القشة التي قصمت ظهر البعير، فهي عندما يُجبر المنتصرون في الألعاب السابقة على المشاركة في دورة المباريات السنوية الـ75 لألعاب الجوع - المعروفة باسم "ربع قمع" – في حين كانوا قد وعدوا سابقاً بالحصانة من المشاركة في أي لعبة في المستقبل كمكافأة لانتصارهم الأولي.
هذه الخيانة الشائنة من جانب الرئيس "سنو"، تؤدي إلى الموجة الأولى من الاحتجاجات السلمية في المحافظات، والتي يرمز لها ب "طنين الطيور" حيث يرفع المتظاهرون ثلاثة اصابع - على غرار الهتافات المناهضة للنظام السوري والتي رفع فيها المتظاهرون السبابة الواحدة والتي (ترمز إلى وحدانية الله) أو إصبعين كرمز إلى "السلام" كما في مظاهرات درعا في عام 2011، حيث بدأت الثورة السورية.
وكما يُتوقع، يستجيب الرئيس "سنو" بوحشية محضة، بنفس الطريقة التي قمع بها الأسد شعبه المطالب بتحقيق العدالة، وحينها ما بدأ كمظاهرات سلمية مناهضة للنظام في معظم مقاطعات "بانام" (باستثناء المناطق القريبة من الكابيتول والمقربة من الرئيس سنو) تصبح حتماً احتجاجات عنيفة مع تطور الوضع في المعركة من أجل البقاء على قيد الحياة.
فيلم " ألسنة اللهب" ينتهي بتدمير البطلة "كاتنيس" لمنظومة ألعاب الجوع بأكملها بمساعدة "صانع اللعبة" الغير معروف "بلوتارخ" وهو الممثل  (فيليب سيمور هوفمان) - والذي يسهل لها تدمير النظام الداخلي كأول إنجاز كبير للانتفاضة ضد الرئيس سنو.
زعيمة الثورة، الرئيسة ألما كوين (جوليان مور)، والتي تظهر لفترة وجيزة في نهاية الفيلم، تدعو كاتنيس لقيادة الثورة وتوحيد المقاطعات وتطلب منها ان تكون وجه الثورة وملهمة الشعب.
الدعاية والتسييس
يتم تقسيم الرواية الثالثة والأخيرة في هذه السلسلة إلى فيلمين، الأول "الموكينغجاي" وهو طائر خيالي في ألعاب الجوع ويطلق هذا الاسم على بطلة الفيلم، ويعزز فكرة أن الفيلم يقتبس عمداً أو من غير قصد جوانب رئيسية من "الحرب السورية" .
حتى أن الانشقاق بين المناطق والثوار، وحرب الاستنزاف التي تجاوزت منذ زمن بعيد (الثورة) والتي كانت تهدف لإسقاط الرئيس سنو أو الضغط عليه للتنحي، كل ذلك يحمل السمات المميزة للوضع بسورية بحلول 2013.

ولكن على عكس سوريا، لا يوجد في "بانام" حرب باردة طويلة بين لاعبين دوليين يتدخلون في شؤونها الداخلية للحصول على استحقاقات سياسية، ومع ذلك فإن قوة وسائل الإعلام في زمن الحرب وأهمية نشر الدعاية الحربية والتي هي المحور الرئيسي من الجزء الأول "الموكينغجاي"،  في لعبة بين المعسكرين للتأثير على نفسية العامة، تماثل إلى حد كبير حرب الاستنزاف الإعلامي بين نظام الأسد والمعارضة السورية.
التركيز القوي على الدعاية الحربية في الفيلم ذكرني كيف أصبحت الحرب الإعلامية، في الصرع السوري تركز على الخطاب الطائفي، تشوه الحقائق وتصور بشكل تضليلي أي معركة انتصاراً.
مستقبل "بانام" بعد سنو ومستقبل سورية
آمل فقط أن ينتهي الصراع السوري كما انتهى الجزء الثاني من "الموكينغجاي"، حيث سقط نظام سنو وتحررت "بانام"  وأصبحت تحت سيطرة قوى ثورية موحدة، ولكن للأسف سورية ليست بفيلم وتمني نهاية سعيدة للحرب لها هو شيء بعيد كل البعد عن الواقع، فما يقرب من نصف سكان البلاد قد تشرد، والقنابل الغربية والروسية تقصف الثوار تحت مزاعم مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ولذا فإن التحرير يبدو كنهاية رومانسية بعيدة لما يعتبره المسلمون "ثورة مباركة" من الربيع العربي .
الحقيقة_ أن سورية دائماً ستكون أرض الموكينغجاي _ رجال ونساء وأطفال شجعان خرجوا إلى شوارع درعا وحمص وحلب للتعبير عن معارضتهم للنظام الاستبدادي في سورية .
في سورية آلاف  البطلات مثل "كاتنيس" مزارعون، أصحاب متاجر، معلمين، وجنود سابقين، حملوا السلاح لحماية الشعب الغير مسلح، وأصبح العديد منهم فيما بعد بيادق القوى الإقليمية والعالمية يستخدمونهم في حربهم الباردة الجيوسياسية الخاصة بهم.
البعض من هذه الجماعات قد انشغل بقتال بعضهم البعض أو ُصنفوا على أنهم "إسلاميون" وبالتالي اعتبروا غير مؤهلين للحكم في مرحلة ما بعد الأسد، بل مؤهلون فقط أن يقصفوا من قبل قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة أو روسيا .
هل سينتصر الموكينغجاي في سورية على الأسد ؟
ربما هذا كان حالهم في عام 2013 عندما وصلوا لأبواب دمشق، ولكن الآن يقاتل الثوار السوريين معارك على العديد من الجبهات ويبدو أن الظروف لا تعمل لصالحهم.
ومع ذلك، ما يمكن أن يقال هو أن ألعاب الجوع والدمار والموت في سورية حقيقية، وأنها لا تزال بلاء على سورية دون وجود نهاية وشيكة تلوح في الأفق.

مقالات ذات صلة

"الدول السبع": لا تطبيع ولا إعادة إعمار إلا بإطار عملية سياسية شاملة في سوريا

خارجية النظام تعلق على الاستهداف الإسرائيلي جنوب سوريا

تحديد موعد مؤتمر بروكسل الثامن من أجل مستقبل سوريا

قبل انطلاقة "بروكسل".. الاتحاد الأوربي يؤكد دعمه للشعب السوري

"جعجع" يكشف سبب طلب نظام الأسد من لبنان تفكيك أبراج المراقبة على الحدود

منسق الأمم المتحدة الإقليمي يكشف نتائج زيارته إلى إدلب