"مافيا" الأسد وثنائية "الإرهاب" و"الدولة" - It's Over 9000!

"مافيا" الأسد وثنائية "الإرهاب" و"الدولة"

بلدي نيوز – (عيسى إبراهيم) 

ما جرى ابتداءً من آذار 2011 كان ثورة مجتمعية "المعنى الاصطلاحي لا التفاضلي للكلمة"، وانفجار مجتمعي، ناتج عن احتقان مُزمن بسبب إدارة غير مسؤولة، أدارت تناقضات مجتمعية موجودة، وأوجدت تناقضات جديدة، من أجل ضمان استمرار السلطة بيدها، كمافيا حكم استولت على السلطة والثروة السورية والوجود السوري العام، هذا الوجود الذي يُعاني أصلاً من إرث تاريخي ضخم من مَعُوقَات التنمية على عدة صعد، فعلى الصعيد المجتمعي، المجتمع السوري ليس مجتمع واحد مُتجانس بحد أدنى، بل هو جماعات بشرية لا رابط مشترك واقعي بينها، جماعات بشرية محشورة حشراً ضمن الحدود الحالية، ولكل واحد من هذه الجماعات نظرتها المختلفة لمفهوم الوطن والأمة والشعب وأولوياتها في كل ذلك، وتُعاني هذه الجماعات من وعي دون وطني أو فوق وطني، مُتمثل في الأخير باعتبار سوريا دار ممر مؤقت لدار مقر أكبر ونهائي، وأُلغي الوجود السوري الواقعي الوحيد المتجسد بالوطن السوري ذو الحدود والقوام المعروف، لمصلحة تلك الإيديولوجيات المختلفة ذات التصورات المُتباينة والمآل المختلف الذي شكّل غيب ووهم سياسي، سُرق الوجود السوري من خلال تشجيعه عبر مافيا حكم تدير لعبة تناقض مجتمعي وتُسوق وهم انتصار غير محدد وغير قابل للقياس في كل صوب، إلا في الواقع السوري المُعاش.

والمحاولات القليلة للبدء بخطوات خجولة لحياة سياسة طبيعية ومواطنة طبيعية سوريّة، من خلال المؤتمر السوري العام، أو بعض مظاهر بناء مشترك إنساني في ظل الانتداب الفرنسي والتجربة المهمة القصيرة التي تبعت الاستقلال، وامتدت حيناً بعده، والمتعثرة بعدة انقلابات عسكرية، كل هذه المحاولات لم يتم البناء عليها من قبل هذه السلطة للاستمرار في ذلك الدرب الطويل من التمدن والمواطنة، خاصة بعد أن جُمد وأُنكر في فترة الوحدة السورية، بل تمّ بشكل نهائي القضاء عليه بانقلاب 1970.

لذلك فإن هذه البنية الإدارية التي لم تتصد لحل رواسب تاريخية مُعيقة في بينية المجتمع السوري، بل عمدت لخلق مشاكل جديدة، لضمان استمرارها على سطح الصراع المجتمعي، وعلى متن الدور الوظيفي المقبول عالمياً، في منطقة هي قلب العالم القديم والحديث وتداعياته، هذه البنية الإدارية المافياوية المستمرة منذ حوالي نصف قرن لم تكن جاهزة أو قادرة بنيوياً وموضوعيا وبشخصيات أفرادها، للبدء بعملية تغيير وإصلاح سياسي، لأن مجرد البدء بذلك هو بداية النهاية للنظام السياسي الذي تمتطيه، حتى أن هذه البينية لا تستطيع القيام بإجراءات بسيطة متعلقة مثلاً بمحاربة الفساد بسبب تربّص أفرادها بعضهم ببعض وعضوية علاقاتهم.

لذلك فأن أول التدابير "الإصلاحية" المُفترضة، كانت مرسوم عفو رئاسي رقم 61 تاريخ 31 أيار 2011 أُطلق بموجبه الأسد الابن سراح مجرمين جرائم عادية ومرتكبي جرائم بحق مواطنين، ومجرمي إرهاب وتطرف من سجن صيدنايا، ولم يُطلق أيّاً من معتقلي الرأي أو النشطاء السلميين! مُشيراً بذلك للطريقة عينها من معالجة الأمور كما في أحداث الثمانينات.

وكذا أطلق معه إرهابيين آخرين تجاوز عددهم الألفي شخص ليتحول هؤلاء حسب مناطق تواجدهم وتوجهاتهم، إلى قادة فصائل متطرفة، أو كتائب دفاع وطني، ساهمت كلتاهما في تحويل الصراع من صراع من أجل مطالب مُحقة الى صراع بين "الأسد - الدولة" و"المعارضة - الإرهاب".

وهي مسألة فلتت مع الوقت من يد الأسد الابن، وتلقفتها وتلقفته لاحقاً، قوى إقليمية ودولية ليتحول الجميع بما فيهم الأسد الابن ومن حيث المآل إلى قادة فصائل تتبع مرجعيات إقليمية ودولية وعلى حساب الوطن السوري والسوريين كل السوريين.

خاصة في ظل إرادة دولية متناغمة بين قوى مختلفة، رأت في شمّاعة الإرهاب طريقة مهمة في تفريغ عنفها الداخلي أو أدوات لتحقيق مصالحها.

بل أن النظام كان قد مهّد لهذا الأمر، ليس فقط عبر إجراء إطلاق سراح المجرمين والارهابيين من سجونه، وهي خطوة  أتبعتها دول أوروبية لاحقاً، خاصة فرنسا بخطوة مماثلة، بإطلاق مجرمين وإرهابيين متأسلمين "أعلن منذ أيام وزير داخلية فرنسا جيرار كولوم بعودة 271 متشددا من سوريا والعراق" ، أو بمساعدتهم للوصول إلى "الجهاد" في سوريا.

كان مهّد لهذا الإجراء أيضاً بإطلاق فضائية دينية! في الوقت الذي كان يطلب السوريين حياة سياسية طبيعية وتداول سلطة وحرية عمل سياسي وتمكينهم من منابر الإعلام الوطنية للتعبير عن أراءهم!

وهي أمور ساهمت، إضافة للدور الوظيفي لنظام الأسد الابن -المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً- وستساهم مع الوقت بتعويم الأسد الابن في ظل عدم وجود نخبة سياسة سورية قادرة على تحمل مسؤولية قيادة سوريا في هذا المحيط الإقليمي والدولي الهادر.

ومازال الأسد يستمرأ هذه اللعبة في تحويل الصراع من بُعده المطلبي بما يخص توزيع الثروة والبدء بحياة سياسية طبيعية، الى صراع بين "الدولة" و"الإرهاب" رغم كل ما سبق من بيان دوره في دعم الإرهاب وتوجيهه ضد السوريين بغية تمييع مطالبهم، بل أنه وبموجب أخبار تتوارد في الاسبوع الماضي أعدم ناشطا سلميا عالما في مجال التقني يدعى باسل خرطبيل الصفدي في الوقت عينه الذي أطلق سراح سوري أخر متهم بقضايا إرهاب، في لعبة مكشوفة منه باستمرار تظهير ثنائية دولة وإرهاب، بدلاً من شعب يريد التغيير ومافيا مستولية بالقوة على السلطة والثروة!

وما زالت الدول الفاعلة تُجاريه في هذه اللعبة التي أصبحت ممجوجة مع الوقت، ولكل من هذه الدول غايتها المصلحية المُختلفة عن الأخرى، والمتناغمة جميعاً ضد الوجود السوري، على حامل موضوعي شخصي هو هذه المافيا الحاكمة التي هي جاهزة لتدمير سوريا دون تقديم أي تنازل باتجاه التغيير السياسي أو التوزيع العادل للثروة.

مقالات ذات صلة

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

روسيا تكشف عن أربع دول عربية عرضت استقبال اللجنة الدستورية بشأن سوريا

قوات النظام تعدم شاب من أبناء محافظة درعا بعد سنوات من اعتقاله في سجن صيدنايا العسكري

أبرز ما جاء في أستانا 22 بين المعارضة والنظام والدول الضامنة

"تجمع أحرار جبل العرب" يتهم النظام بمحاولة اغتيال قائده

بدء اجتماعات مؤتمر أستانا 22 في كازاخستان