بلدي نيوز – (منى علي)
يبدو واضحاً وجلياً سعي روسيا وإيران، لنفخ الروح في نظام الأسد الميت ومحاولة إعادة بث الروح فيه، يجري العمل على ذلك على الصعيد الدولي والإقليمي، إلا أنه لا يقارب الوضع الداخلي، الذي سيحسم الأمور وحده في لحظة الحقيقة.
سياسيا، نجحت روسيا وبدرجة أقل إيران، بإقناع بعض الدول الفاعلة في الملف السوري، بالتخلي عن مطلب إطاحة الأسد، وهو ما تبنته واشنطن وباريس، مع التأكيد على وضع حد لجرائم الأسد، وهو ما استطاعت روسيا فرضه على الوسيط الدولي ستافان دي مستورا، ليبدو ناطقا باسمها ومروجا لسياساتها في جولات جنيف السادسة والسابعة، حتى وصل إلى درجة إغفال الانتقال السياسي، وهو لب المفاوضات، للتركيز على ملف "مكافحة الإرهاب"، ما يعني انحيازا مطلقا لروسيا ونظام الأسد، ووضع المعارضة في زاوية "الإرهاب" بدل وضعها كطرف في المعادلة!
أليكسي بورودافكين مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، قال في جنيف للصحفيين يوم أمس السبت إن أمام المحادثات السورية التي ترعاها الأمم المتحدة فرصة لتحقيق تقدم لأن مطالب الإطاحة ببشار الأسد تراجعت. مدعيا أن المعارضة تخلت عن مطلب الإطاحة به في "جنيف7" الذي انتهى أول أمس الجمعة.
وهو ما نفاه رسميا، رئيس الهيئة العليا للمفاضات، رياض حجاب، الذي رد على السفير الروسي عبر "تويتر" بالقول: "ادعاء السفير الروسي بجنيف أن وفد المعارضة قدم تنازلات هو محض تدليس إعلامي ومخالفة للمهنية والمصداقية". وأكد بوضوح في تغريدة لاحقة: "لا تنازل عن مغادرة بشار الأسد وزمرته الذين تورطوا بارتكاب جرائم في حق السوريين".
أما على الأرض، فتسعى روسيا ومن خلفها إيران، لتثبيت أركان نظام الأسد عبر محاولة تسويقه كرئيس شرعي يبرم الاتفاقات والمعاهدات، لكن بمراجعة تلك الاتفاقات يتضح أنها صكوك تنازل عن البلاد وأراضيها وموانئها ووممتلكاتها لإيران وروسيا، حيث تم منحهما قسما كبيرا من البلد وفق معاهدات "شرعية"، وهو ما يفسر ببساطة حرصهما على نظام الأسد. قواعد لروسيا بحرية وبرية لمدة 99 عاماً قابلة للتجديد، ومطارات وقواعد ومدن بأكملها تم تمليكها لإيران وميليشياتها حول دمشق وأهم المدن السورية، أما حقوق التنقيب عن النفط والغاز واستثمارهما، فهو ملك حصري لهاتين الدولتين المحتلتين لإرادة الأسد ونظامه.
إلا أن ذلك كله، يصطدم بمحاولة الحل النهائي، الذي ينتظره السوريون والعالم، ويرى مراقبون أن طائفة رأس النظام نفسها لن تكون راضية في نهاية المطاف، إذ أنها أضحت تابعة لروسيا وإيران بعدما كانت حاكمة مطلقة، ما يعني أن كل المكاسب التي حصلتها في عهد الأسدين قد تلاشت.
وسيصطدم الوهم الروسي - الإيراني بذوي مليون شهيد وثلاثة ملايين معوق ومليون معتقل ومختفٍ قسريا، و10 ملايين لاجئ ونازح، هؤلاء الذين يشكلون أكثر من نصف الشعب السوري، لن يعودوا إلى حظيرة الأسد، ولن يستكينوا، ودليل ذلك تمترسهم في منافيهم وبلدان لجوئهم ونزوحهم في ظروف صعبة للغاية وأحيانا أشبه بالموت كما في مخيمات لبنان، على الرغم من الترهيب والترغيب الذي تمارسه روسيا والنظام وحلفاؤهما لإجبارهم على العودة وإخضاعهم، ليكون رفضهم دليلا على استحالة تعويم الأسد وإعادة تسويقه.
كما أن الدول المؤثرة في القضية السورية تخبئ كل ملفات الأسد وجرائمه لتحاسبه عليها في الوقت المناسب، كما أكد مسؤولون وسياسيون غير مرة، وهذا ما لن تستطيع روسيا منعه أو إيقافه، إذ أن لجانا مختصة في الأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد الأوروبي، أعدت ملفات هائلة توثق كل جرائم نظام الأسد، سيتم إخراجها والتلويح بها عند الحاجة، كما عودنا المجتمع الدولي الذي يرى الآن أن "مكافحة الإرهاب" وحلحلة القضية السورية مُقدَّمة على محاسبة الأسد.