بلدي نيوز – (أحمد عبد الحق)
عملت "الوحدات الكردية" بعد سيطرتها على منطقة عين العرب والمعارك اللاحقة، على استمالة بعض المكونات العربية في المنطقة الشرقية لحلب، في محاولة منها لاستغلال هذه المكونات ووجودها ضمن قواتها لإضفاء نوع من الشرعية على مخططها الذي تقوم به من خلال وصل مقاطعاتها في الحسكة شرقاً حتى عفرين غرباً.
وكان للحرب التي شهدتها أرياف إدلب وحلب بين الفصائل في أواخر عام 2014 دور كبير في استقطاب العديد من التشكيلات التي سيطرت "جبهة النصرة" آنذاك على مقراتها ولاحقت عناصرها، حيث تم استقطاب المئات من الشباب الهاربين إلى تركيا للعودة إلى ريف حلب الشمالي، عبر بعض القيادات التابعة للجيش الحر سابقاً وقامت بتشكيل عسكري جديد والتحالف مع الوحدات الكردية، وأبرز هذه التشكيلات هو "جيش الثوار"، بدافع الانتقام من "جبهة النصرة"، مستغلاً حليفاً قوياً مدعوماً غربياً وهو "الوحدات الكردية".
وشكل "جيش الثوار" بتاريخ 3 - 5 - 2015 في المناطق الشمالية والشرقية بريف حلب كحليف قوي لـ"وحدات الحماية الشعبية ووحدات حماية المرأة" من عدة مكونات وكتائب كانت تتبع سابقاً للجيش الحر منها "لواء المهام الخاصة - لواء 99 مشاة - قيادة سرايا النخبة - لواء الحمزة - لواء القعقاع - أحرار الشمال"، وجميعها من محافظة إدلب، بالإضافة لـ "كتائب شمس الشمال - لواء شهداء الأتارب - لواء السلطان سليم - جبهة الأكراد من محافظة حلب"، و "كتائب القادسية والفوج 777 من ريف حمص"، بقيادة المدعو "عبد الملك برد" الملقب أبو علي، وهو من مدينة تفتناز بإدلب وكان قائداً للواء المهام الخاصة في "جبهة ثوار سوريا" سابقاً.
وكان "جيش الثوار" حليفاً للوحدات الشعبية في قتال تنظيم "الدولة" بريف حلب الشمالي والشرقي، إلا أنه تعرض للملاحقة من فصائل أحرار الشام و"جبهة النصرة" في شمالي حلب في ذلك الحين، التي أجبرته على العودة لمنطقة عفرين والتي تعتبر مركزاٌ لانطلاق قواته قبل أن يعلن عن تشكيل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي ظهر "جيش الثوار" كمكون أساسي فيها إلى جانب "الوحدات الشعبية الكردية".
وحاولت "الوحدات الكردية" التي تقود قوات "قسد" إظهار المكون العربي بشكل كبير في عملياتها العسكرية، ونسبت غالبية هذه العمليات لهذا المكون لاسيما "جيش الثوار"، الذي ذاع صيطه بشكل كبير في معارك ريف حلب الشمالي ضد الجيش الحر في احتلاله العديد من البلدات والمدن انطلاقاً من المالكية حتى تل رفعت ومنغ بدعم روسي، ومعارك منبج وريف حلب الشرقي ضد تنظيم "الدولة"، حتى غدا "جيش الثوار" قوة ضاربة تهدف من ورائه قوات "قسد" إضفاء طابع عربي يشرعن عملياتها اللاحقة في المنطقة وصولاً لمدينة الرقة، لإبعاد فكرة هيمنة "الوحدات الكردية" على المناطق العربية أمام المجتمع الدولي.
بعد ظهور "جيش الثوار" كطرف مناصر للوحدات الكردية مدعوم من روسيا لاسيما في معارك ريف حلب الشمالي ضد الثوار، بدأت العديد من الكتائب التابعة له بالانحلال وإعلان الانشقاق عنه لاسيما في ريف حمص وعدة مناطق أخرى، بعد تهديدات من الفصائل العسكرية بالتعامل مع كل من ينتمي للجيش في المناطق المحررة، ليقتصر وجود الجيش في منطقة عفرين التي كانت الثقل الأكبر له ولقواته، ومنطقة منبح بريف حلب الشرقي، حيث شارك الجيش بمعارك "قسد" وتورط في عمليات التهجير التي طالت العشرات من المناطق العربية، وصولاً لمدينة الرقة التي يشارك فيها الجيش بشكل فاعل.
وبرز في "جيش الثوار" العديد من الشخصيات التي ظهرت مؤخراً في لجان المصالحة الروسية، ومنهم الناطق السابق باسم جيش الثوار "عمر رحمون" من مدينة حلفايا، والذي انتقل من منطقة عفرين إلى حلب ثم حماة واللاذقية ومنها إلى روسيا، ومازال يتنقل ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بشكل علني ويساهم في تنسق المصالحات وإبرام الاتفاقيات باسم روسيا، وسجل له حضور قوي في اتفاق إحياء الأحياء الشرقية من مدينة حلب.
أما عن التعاون والتنسيق بين قوات النظام و"جيش الثوار" فليس بجديد حيث ظهر ذلك جلياً إبان هجوم "جيش الثوار" على بلدات ريف حلب الشمالي، والتي قدمت فيها قوات النظام دعماً صاروخياً ومدفعياً كبيراً في حين قدمت الطائرات الروسية تغطية جوية كبيرة للجيش لاحتلاله مناطق واسعة بريف حلب الشمالي، في الوقت الذي تنتقل أرتال الجيش من عفرين غرباً إلى ريف الرقة شرقاً مروراً بمناطق قوات النظام في ريف حلب الشرقي وبشكل منتظم، كان آخرها قبل أيام عندما توجهت أرتال عديدة لجيش الثوار من عفرين إلى الرقة للمشاركة في المعركة القائمة حالياً.
وينظر مراقبون للعلاقة بين الطرفين (جيش الثوار والوحدات الكردية) على أنها علاقة قائمة على مصالح مشتركة للطرفين، تقوم ركائزها في أن الوحدات الكردية تستغل وجود القوات العربية في صفوفها لإضفاء صفة شرعية على حربها ضد التنظيم وأنها لمحاربة الإرهاب وإبعاد صورة التغلغل الكردي في المناطق العربية لتحقيق مخططه في بناء كيان كردي من الحسكة حتى عفرين، في المقابل يتخذ "جيش الثوار" من وجوده في قوات "قسد" كحليف لطرف قوي وفاعل في المنطقة الشمالية، يكون عوناً له في تحقيق هدفه في الثأر من خصومه المتمثلين بـ"جبهة النصرة" سابقاً وأحرار الشام والفصائل التي حاربتهم في إدلب وحلب، ليعيد وجوده للمنطقة.