"قسد والأسد".. الحلف المتفسخ - It's Over 9000!

"قسد والأسد".. الحلف المتفسخ

بلدي نيوز – (تركي مصطفى)

في سورية التي تتنازع السيطرة عليها قوى عسكرية متباينة يتجلى تحالف الثنائي بين ميليشيا (ب ي د) الكردي, وقوات نظام الأسد. في إطار تفاهم توجهه وصايا "الآبو" القابع في زنازين الدولة التركية ووكيل الأب المؤسس للمسالخ السورية, مشفوعة بمحاربة الإرهاب لتبرير شبقهم للدم، يعززها العزف على أوتار النزعات القومجية الممزوجة بروائح مذهبية نتنة، تجمع الأب والابن و"الآبو" مقنعة بماوية صينية, وستالينية صدئة وبعث عفا عليه زمن الموت، تتقارب طورا وتتنافر أحيانا, وتدور دوما في فلك الأوصياء (روسيا والولايات المتحدة).  
توطئة:
تناقش هذه الورقة حدود التفاهمات والخلافات بين (قسد والأسد) في إطار استراتيجية الشراكة الجامعة لهما وتهافتهما في الاستيلاء على المساحة الأكبر من الأراضي السورية تحت مبررات مختلفة تحركها القوى الدولية والإقليمية ولا تتعارض في أهدافهما المشتركة في إجهاض الثورة السورية, وزعزعة الأمن القومي التركي.
تستعرض الورقة في سياق هذه المناقشة، العلاقة التاريخية بين حزب العمال الكردستاني pkk وفرعه السوري pyd وبين نظام الأسد الوريث للأب المؤسس لكل المسالخ الدموية السورية عبر خمسة عقود من التاريخ السوري. وتوضح العلاقة الإستراتيجية التي يمثلها ثنائي الموت بالنسبة لكل طرف في الأبعاد السياسية والعسكرية, والعقبات التي تواجه هذا الحلف في إطار المعارك المشتركة في وادي الفرات, كما تحلل مستقبل الشراكة الاستراتيجية بينهما في ظل التجاذبات الدولية الراهنة وتسارع الأحداث الميدانية.
مقدمة:
تمكنت الوحدات الكردية بتواطؤ مع نظام الأسد وبدعم مشترك روسي أمريكي من الاستيلاء على أراض سورية واسعة في وقت قصير, حيث سيطرت على معظم مناطق الشريط الحدودي مع تركيا وعلى معظم مناطق الحسكة وأريافها ومنطقة تل أبيض ومنبج وعفرين وبعض قرى ريف أعزاز بعد انسحاب نظام الأسد منها وراحت تتوسع في العديد من المناطق ذات الأغلبية العربية, وأحرقت القرى وهجرت الأهالي بهدف التغيير الديمغرافي مقتفية أثر حليفها نظام الأسد الذي أمدها بأطنان من المعدات العسكرية في قتالها ضد الجيش السوري الحر, ولم تكن العلاقة بين ثنائي القتل وليدة الثورة السورية, إنما تستمد تفاعلها من عقود الثمانينات والتسعينات عندما احتضن الأسد الأب حزب العمال الكردستاني وقائده الآبو(أوجلان) في سعي مشترك لزعزعة الأمن والاستقرار في تركيا التي واجهت حزب العمال الكردستاني بعملية عسكرية واسعة أجبرته على الاستسلام بعد اعتقال الآبو عام 1998م, وكذلك أجبرت الأسد الأب على توفيع اتفاقية أضنة الأمنية التي بموجبها لاحق الأسد كوادر حزب pkk وقتل منه المئات, وسلم بعض قادته للدولة التركية, ومع انفجار الثورة السورية, عاد نظام الأسد الوريث لاستثمار ميليشيا pyd المستولد من العمال الكردستاني pkk وأكدت مصادر كردية متانة الصلات واللقاءات والتفاهمات بين ميليشيا pyd ونظام الأسد, مما يشير صراحة إلى الأجندة المشتركة الجامعة للطرفين على حساب الشعب السوري المناهض لنظام الأسد بكل مكوناته. ومع تطور الأحداث السورية المتلاحقة والتدخل الدولي العسكري المباشر, شكلت الولايات المتحدة تحالفا عسكريا تحت اسم قوات سورية الديمقراطية وهي لفيف من المرتزقة عرب وأكراد وآشوريين, وعمادها ميليشيا حزب pyd الكردي ومعظمهم يرتبط بعلاقات استراتيجية مع نظام الأسد سيطرت على مناطق واسعة في الشمال السوري, واندفعت بالتزامن مع نظام الأسد والميليشيات الشيعية باتجاه مدينة الرقة عاصمة تنظيم "الدولة" (داعش) بعدما أقصت حملة درع الفرات من ملاحقة فلول التنظيم بعد معركة الباب, في سباق محموم للوصول إلى الفوز بالرقة, وأدى تجاوز حدود التفاهم بين الثنائي الحليف إلى صدام عسكري بينهما على حواف الحدود الإدارية للمحافظة, ليتدخل التحالف الدولي بوضع حد لخروقات الأسد في منطقة النفوذ الأميركي, فانقلب السحر على السحرة بانتظار جلاء العاصفة بعد دحر التنظيم من المدينة العربية.
عتبة تاريخ التحالف بين نظام الأسد وميليشيا الكردستاني:
تناسلت عن حزب العمال الكردستاني pkk بعد حله بأمر من مؤسسه الآبو أوجلان, أربعة أحزاب كردية في كل من إيران والعراق وتركيا وسورية, ومنها حزب الاتحاد الديمقراطي pyd  وهو الفرع السوري, الذي اتخذ الاشتراكية العلمية الشوفينية منطلقا لأفكاره القومية المتطرفة, لكن الحزب في سر المطور الحقيقي له (صالح مسلم) أراده نواة لذراع عسكري مرتبط بنظام الأسد مماثل للتجمع الديمقراطي الكردي الذي أشرفت على تأسيسه مخابرات الأسد بقيادة مروان زركي عميلها المعروف, وشغل عضوية مكتبه السياسي حينذاك صالح مسلم.
على مدى عقدين من نشأة (pyd) مر الحزب بتطورات مفصلية فرضتها المواقف السياسية للأب الروحي للأحزاب القومية الكردية المتفرعة عن العمال الكردستاني, الذي طرح مبادرة للحل السلمي من زنزانته فاغتاظ نظام الأسد الأب من حركة أوجلان, ونتيجة تحولاته ازداد ردع مخابرات الأسد ضد منتسبي الكردستاني فرع سورية, وألقي القبض على عدد من قادة الحزب وكوادره فاغتال المئات وسلم أبرز القادة للحكومة التركية وفق اتفاقية أضنة الأمنية عام 1998م, وجاءت الثورة السورية مطلع العام 2011م فرصة ثمينة ليعلن السوريون بكل مكوناتهم ثورتهم ضد نظام الأسد الاستبدادي, فأدرك قادة pyd أن الوقت مناسب للتحرك بمفردهم وفق تعليمات الأب المؤسس بالاصطفاف إلى جانب نظام الأسد في قمع الثورة السورية, والسعي إلى قيام كيان انفصالي على أساس نفعي مذهبي.
ما يجب أن يشار إليه لفهم ما يدور في المشهد السوري من تحرك وتوسع للعمال الكردستاني بفرعه السوري في مناطق معينة هو استدعاء الدافع القومي لاستقطاب الشباب والفتيات الكرد وتعبئتهم قوميا, ليندفعوا إلى المواجهة المسلحة تؤطرهم أفكار متطرفة إزاء الأغيار من المكون السوري بما فيه العنصر الكردي الخارج عن ربقة الكردستاني, فأدخلهم في صراع داخلي كان نتيجته اغتيال مشعل تمو أشهر معارضي الكرد لنظام الأسد, واعتقال المئات عدا عن الممارسات الوحشية ضد الأغلبية العربية في منطقة الجزيرة والشريط المشاطر لتركيا, وابتعادا عن صراعها مع نظام الأسد تخلت علنا عن مشروع كردستان الغربية, نواة كيانهم الانفصالي المنشود, ولامتصاص نقمة أنصارها, ابتدعت مصطلحا جديدا باسم "روج آفا", وهي كلمة كردية تعني المنطقة الغربية ولا تحمل أي دلالات سياسية أو ثقافية.
تعود العلاقة بين العمال الكردستاني ونظام الأسد إلى أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن العشرين عندما دخل أوجلان سورية مصطفا إلى جانب الأسد في أحداث تلك الفترة, ومنحه الأسد مراكز تدريبية حول العاصمة دمشق وفي سهل البقاع اللبناني, بدأ الأسد الأب استثمار حزب أوجلان الذي استقطب آلاف الشباب والفتيات الكرد في صفوف حزبه, وزج بهم في الحرب ضد تركيا بدعم مباشر من نظام الأسد.
ووجه أوجلان خطابا لكوادر حزبه, بأن نظام الأسد الأب صديق للشعب الكردي ويدعم العمال الكردستاني من توفير للمأوى والملاذ والعلاج لمقاتليه على الأراضي السورية وبيعهم الأسلحة والذخائر, وفي انعطافة سياسية صرح أوجلان أن لا وجود لكردستان في سورية, وأن غالبية الكرد السوريين عبارة عن مهجرين هربوا من ظلم الحكومات التركية وبطشها, ما أثار ردة فعل في الوسط الكردي فاضطر أوجلان إلى شرح خطابه بوصفه المغتاظين من أنصاره بذوي عقول الفئران الذين لا يفهمون أن تصريحه تكتيكي وليس استراتيجيا, وبعد اعتقال أوجلان أسس المقربون منه بإشراف مخابرات الأسد حزبا يحمل اسم "التجمع الديمقراطي السوري" بقيادة عميل المخابرات مروان زركي, وعضوية عمر أوسي عضو مجلس الشعب حينذاك, وشغل رئيس المكتب السياسي للحزب صالح مسلم, وبعد طرح أوجلان مبادرة الحل السلمي مع الحكومة التركية, انقلب نظام الأسد على العمال الكردستاني ومشتقاته, فأغلق معسكراته في محيط دمشق, وسلم أغلبية قادته لتركيا وفق اتفاقية أضنة الأمنية, وحل العمال الكردستاني نفسه ليتفرع عنه أربعة أحزاب, ومنه الفرع السوري الاتحاد الديمقراطي pyd . ومع اندلاع الثورة السورية بدأ يهاجم الثورة السورية إعلاميا في رسالة واضحة للدخول في شراكة مع الأسد الحليف التاريخي للعمال الكردستاني لقمع الثورة السورية, وزعزعة الأمن القومي للدولة التركية, فاستجاب الأسد بانسحاب قواته العسكرية تكتيكيا من بعض مناطق الجزيرة السورية والمناطق الحدودية مع تركيا, وسلمها لحزب pyd وتقاسم معه حكم القامشلي والحسكة, ولم يخجل الأسد من إعلانه دعم حزب pyd وطالب الآبو من زنزانته بالتفاهم مع نظام الأسد على الشراكة في إدارة المنطقة, ولكن الأسد رد بأن تكون قيادة pyd أكرادا من تركيا وكان له ذلك فقيادة الظل تتحكم بالحزب الكردي من جبال قنديل. وبات ارتباط الطرفين ارتباطا مصيريا.
 إستراتيجية حلف (الأسد- قسد)
إن سلوكية وتصرفات pyd جعلته ينتهج مبدأ إخضاع المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد بالقوة المسلحة سواء تلك التي حررها الجيش السوري الحر, أو التي احتلها تنظيم "الدولة", واعتمد استراتيجية التطبيع بالقوة في المناطق التي يجتاحها ليكون نشاطه السياسي والعسكري أمرا واقعا بعد دخوله في اتفاقية الشراكة مع الميليشيات ذات الغالبية العربية الموالية بأغلبيتها لنظام الأسد بمسمى قوات سورية الديمقراطية الجامعة لأحزاب وتيارات هزيلة يقودها pyd المدعوم أميركيا وروسيا, وبعد اندفاعة "قسد" باتجاه التوسع في منطقة وادي الفرات الحيوية دون حساب للنتائج بمدعى الحرب ضد الإرهاب لتقوم بالانتقام من العرب واتهامهم بأنهم حاضنة تنظيم "الدولة", فسطت على ممتلكاتهم وهجرتهم من منازلهم وزجت بالعديد منهم في معتقلاتها التي فاقت بعددها وأساليب تعذيبها شريكهم نظام الأسد في قتل السوريين, كما لا يستبعد أن يشن مقاتلوه حربا منفردة ضد الدولة التركية تأسيا بما قام به العمال الكردستاني الأب الشرعي لكل الأحزاب القومية الكردية المتطرفة بدعم مباشر من نظام الأسد في حال حصول توافق دولي في استهداف تركيا.
ما يجري من تطورات في منطقة وادي الفرات أن حزب pyd ونظام الأسد يتقاسمان النفوذ في منطقة الجزيرة ووادي الفرات وإن كان نظام الأسد صاحب اليد العليا في هذه الشراكة من خلال خبرته في الحزب الكردستاني وإدارته وتوجيهاته, لما يتمتع به من نفوذ أجهزته الاستخباراتية في كافة المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية, وتلاقت مصالحهما منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011م بعدما تبين ارتباطهما العسكري في قتال الجيش السوري الحر في منطقة الجزيرة السورية قبل ولادة تنظيم "الدولة", وتطور الأمر بعد ذلك لخوض معارك مشتركة في حلب ومحيطها, وامتدت إلى مناطق وادي الفرات, فـ"قسد" بقيادة الكردستاني اتخذت من الضفة اليسرى للفرات (الجزيرة) مسارا لها باتجاه الرقة, وسلك الأسد المسار المحاذي للضفة اليمنى (الشامية) نحو الهدف ذاته.
وبدت تلك الأحداث المتسارعة وامتداداتها فرصة لنظام الأسد ليفرض أبويته لميليشيا "قسد", وذلك بعد معركة الباب التي خاضها الجيش السوري الحر بدعم تركي فسارعت قوات الأسد لقطع الطريق بمساندة روسيا لمنع حملة درع الفرات من ملاحقة فلول "داعش" بعد احتلال قوات الأسد والميليشيات المساندة لها مدينة تادف واستطالتها شرقا حتى منبج لتكون سياجا منيعا في إيقاف زحف درع الفرات, والتقى الشركاء على أطراف منبج الغربية وأكملا مسيرهما باتجاه الرقة, غير أن تفاصيل مجريات الأحداث لم تكن ضمن حدود التفاهم, لينقلب السحر على السحرة.

البعد السياسي في حلف (الأسد - قسد)
يرتبط المشروع السياسي الناظم للعلاقة بين  pydونظام الأسد بأجندات الدول الفاعلة والهدف الرئيسي تخريب جهود أطراف المعارضة على رؤية موحدة وتقويض الجهود السياسية الرامية لإطلاق عملية سياسية في سورية.
هذا التخادم المتبادل بين ثنائي القتل يخدم رؤية pyd وموقفه المتماهي مع مواقف روسيا ونظام الأسد وإيران .
وأعطت واشنطن فرصة للقوى الكردية لتحقيق تطلعاتها القومية في وصل الكانتونات (الجزيرة وعين العرب وعفرين), وبعد احتلال منطقة تل أبيض أنشأت الوحدات الكردية مؤسسات إدارة محلية مثل بيت الشعب وقوات الأساييش برعاية نظام الأسد وتوجيهاته من خلال حضور شخصيات تابعة لأسد في مناطق تل أبيض وللتمويه على مشروعها الانفصالي ولإخفاء هويتها القومية أوجدت قوات سورية الديمقراطية, وهللت للتدخل الروسي الذي مهد الطريق أمامها لاحتلال بلدات وقرى شمال حلب انتزعتها من فصائل الثورة السورية المسلحة. غير أن مشروع كانتون تلك الوحدات اصطدم بالموقف التركي الرافض لقيام كيان كردي على حدوده الجنوبية في سورية, وجاءت عملية درع الفرات التي يقودها الجيش السوري الحر لتضع حدا لحلم الانفصاليين الأكراد في اقتطاع جزء مهم من سورية.

تحالف (قسد والأسد) في سياق التنافس الدولي
يأتي تحالف الثنائي "قسد والأسد" في إطار البُعد الاستراتيجي في السيطرة على مدن وبلدات وادي الفرات التي تتخطى قضية دحر تنظيم "الدولة" إلى أهداف أخرى متصلة بحدود التفاهم الدولي بين روسيا والولايات المتحدة, وما يتصل بهما من قوى إقليمية فاعلة في تنافس ينطوي على النفوذ في هذه المنطقة الحيوية الغنية بالثروات, وما تشكله ميليشيا "قسد" برأس حربتها pyd  من تهديدات على طول الشريط الحدودي المشاطر لتركيا بعدما باتت تحت نفوذه وسيطرة قواته الانفصالية, واستمرار إيران في التمدد والتوسع بهدف استكمال مشروعها المعروف في السيطرة على أكبر مساحة من سورية, وذلك بدعم روسي توفره للميليشيات الإيرانية, لكن الولايات المتحدة كانت الأسبق لذلك من خلال استراتيجيتها في التحرك لتصبح غالبية منطقة وادي الفرات الغنية بالثروات تحت سيطرتها عن طريق عملائها ومرتزقتها, مما ولد احتقانات بين الحلفاء الأفرقاء دفع بقوات نظام الأسد لتجاوز الخطوط الحمراء على حواف محافظة الرقة, فجاء الرد عبر الولايات المتحدة و"قسد" لإيقاف تمدد قوات الأسد ومحاليفها, وذلك عبر إسقاط طائرة حربية تابعة للأسد, وحصر قواته في بادية الرصافة جنوب غرب الرقة 40 كم.
التحالف في بعده المحلي
على مدي سني الثورة خضعت العلاقة بين نظام الأسد ووحدات حماية الأكراد التابعة للاتحاد الديمقراطي لتنسيق وتفاهم ضد فصائل الثورة المسلحة, وتنظيم "الدولة"، إلا أن صدوعا تظهر بين الطرفين من حين لآخر على شكل اشتباكات كالتي اندلعت بينهما في مدينة الحسكة, أو ريف الرقة مؤخرا, وفي تفسير ذلك يخشى نظام الأسد نتيجة افتقاد الثقة المتبادلة من توغل الميليشيات الكردية في العلاقة مع التحالف الدولي بعيدا عن التفاهمات بينهما, كما ترتاب ميليشياpyd  من التدخل الإيراني الذي يضغط على نظام الأسد لتحجيم الأكراد, ولا يتجاوز الخلاف بينهما مهما كان حجمه إطار التناقضات والتفاهمات الروسية الأميركية في التوسع والتمدد والاختلاف, مع إعطاء الثنائي القاتل مساحة مناورة منضبطة في قتل المدنيين وتهجيرهم كما يحدث في مركز محافظة الرقة وريفها وسط غياب تام للمبادئ والأعراف والقوانين الدولية التي تحمي المدنيين وتحيدهم في الصراعات العسكرية.

ولا يبالي الثنائي بعدد الضحايا ما داموا عربا سنة, باستخدامهما كافة أنواع الأسلحة تحت ذريعة محاربة الإرهاب, وتكشف التفاعلات الميدانية في معارك الرقة ومحيطها عن اختلافات متباعدة
بين الثنائي على وقع التفاهمات الدولية, مما أتاح لـ"قسد" وذراعها العسكري المتمثل بميليشيا pyd  فرصة احتلال غالبية المدينة العربية, وأكد المسؤولون الأمريكيون أن مهمة وحدات ميليشيا "قسد" ستنتهي بطرد التنظيم, ولن تتمركز في المدينة التي سيتم تسليم إدارتها لأبناء محافظة الرقة العرب المنقسمين ما بين عملاء للأكراد ومعارضين مؤيدين للائتلاف السوري. فيما تبقى خطوط التماس بين الأسد و"قسد" هادئة ولن تتحوّل مسرحاً لمعارك بينهما فالحليفان اشتركا في رسم مسارات المعارك ضد الجيش السوري الحر وتنظيم "الدولة" ومثلت منبج نقطة انطلاقهما في عمليات تنسيق عسكرية في ريفي الرقة ودير الزور,, وبما أن الحليفين لا يعود لهما قرار ما بعد الرقة, فإنهما بانتظار أوامر الأوصياء روسيا والولايات المتحدة.
خلاصة
إن ممارسات "قسد والأسد" وعدوانهما على الشعب السوري بما فيه المكون الكردي السوري, وارتهانهما لتجاذبات النزاعات الدولية في المنطقة يجعلهما أكبر الخاسرين على الساحة السورية, ولن يكون لهما أي دور في مستقبل سورية لتورطهما بسفك الدم السوري بكل مكوناته واقتصار حضورهما على التنكيل والتهجير للسوريين واقتلاعهم من أرضهم وتشريدهم وملاحقة من تبقى منهم وفرض التجنيد الإجباري على القاصرين والقاصرات في سبيل زجهم في معارك ضد الجيش السوري الحر, والمشاركة مع ميليشيات شيعية إيرانية تعمل لصالح الأسد سواء في حصار مدينة حلب, أو غيرها, وعبثهما في الخارطة السورية من خلال الترويج لمشاريع سياسية تقسيمية بعيدة عن طموحات الشعب السوري وتحولهما إلى تخادم وظيفي نفعي وأدوات لتنفيذ أجندة دولية تتنازع النفوذ على سورية.
وبالنتيجة سيلفظ المجتمع السوري بكل مكوناته ومنهم الأكراد السوريون هذه الوحدات المأجورة التي استخدمها نظام الأسد في قتل الشعب السوري قبل ظهور تنظيم "الدولة", والوقوف ضد بناء دولة على أسس ديمقراطية يسودها العدالة والمساواة.

مقالات ذات صلة

"جعجع" يكشف سبب طلب نظام الأسد من لبنان تفكيك أبراج المراقبة على الحدود

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على شخصيات وشركات داعمة لنظام الأسد

مجلة غربية تحمّل أمريكا والمجتمع الدولي مسؤولية نتائج انتهاكات نظام الأسد

تقديرات بارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذائية إلى ضعفين ونصف في سوريا

سوريا في المرتبة 146 من بين 181 دولة على مؤشر مبادرة نوتر دام للتكيف العالمي

"السفارة الأمريكية": لا تنخدعوا برواية النظام السوري